يا فاضِلاً ملكَ القَريضِ بِطَبعِهِ |
وَغَدا عَلى حُسنِ النِثارِ مُؤمِرا |
إِنّي وَقَفتُ عَلى نِظامِكَ فَاِنجَلى |
عِندي بِهِ صُبحَ البَلاغَةِ مُسفِرا |
يُزهيهِ طَبعُ فارِسِيٌّ راقٍ في |
عَرَبي سلك حادَ عِندَ الشَنفَرى |
وَلَقَد جَنى طَرفي بِهار رِياضَه |
وَرَأَيتُ ذِكري جاءَ فيها مُزهِرا |
فَجَزاكَ رَبُّكَ خَيرُ ما جازى بِهِ |
عَبداً يُبادِرُ لِلجَميلِ مَبكِرا |
وَعَلِمتُ سُؤلَكَ أَن أَرى مُتَغاضِياً |
عَن بَعضِ حَقّي إِذ أَتى مُستَكثِرا |
فَعَجِبتُ مِنكَ وَقَد طَلَبتُ تَغاضِياً |
مِنّي بَعضُ حَقّي إِذ أَتى مُستَكثِراً |
أَو لَيسَ مالي كُلُّهُ قَد حُزتُهُ |
عَنّي وَقَد عَوَّضتَني عَنهُ المَرا |
فَجَحَدتُهُ طوراً بِزُعمِكَ ضاعَ في |
مِصرَ وَشام أَو مَنازِلَ قَيصَرا |
وَجَحَدتُ طوراً قيمَةُ المُبتاعِ لي |
مِنهُ وطوراً قُلتُ دَعهُ أَشطُرا |
وَتَقولُ بَعَنيهِ بِأَبخَسُ قيمَة |
طوراً وَساوَمَني وَكيلَ الإِشتَرا |
وَرَجِعتُ في طَلَبِ التَغاضي بَعدَما |
أَمضَيتُ في هذا التَقَلُّبَ أَعصُرا |
هذا خُطوطُكَ شاهِداتٌ بِالَّذي |
حَرَّرتَهُ ما قُلتُ إِفكاً مُفتَرى |
كَم حالَة مِن حالِهِ حاوَلَتني |
في قَطعِ مالي عامِداً مُتَهَوِّراً |
إِنّي اِئتَمَنتُكَ مُحسِناً ظَنّي بِكُم |
إِذ كُنتُ أَحسِبُكَ النَجيبُ الأَطهَرا |
فَدَفَعتَني عَنهُ بِمَحضِ خِيانَة |
وَلَها وَثَبتُ وُثوبَ آسادِ الشَرى |
فَبِأَيِّ شَيىءٍ ساغَ مَنعُ أَمانَتي |
مِن غَيرِ جُرمٍ لا وَلا سَبَبٍ جَرى |
هَل كانَ حُسنُ الظَنِّ فيكَ ضَلالَةً |
وَالذَنبُ فيهِ موبِقُ لَن يَغفِرا |
أَم أَنَّني أَخطَأتُ في تَحسينِهِ |
بِكَ حَيثُ كُنتُ بِسوءِ ظَن أَجدرا |
أَم ذا جَزاؤُكَ لِلمُجِدِّ بِسَعيِهِ |
لَكَ كَي تَنالُ بِذاكَ رِبحاً أَوفَرا |
وَيُرَدُّ مالِكٌ سالِماً عَن مُربِح |
جَم مُبادَرَة فَأَحسَنُ مَصدَرا |
أَم لا تُفَرِّقُ في أَداءِ أَمانَة |
وَخِيانَة فيها فَتَأَتي المُنكَرا |
أَم هَل تَساوى عِندَهُ العَرضُ النَقي |
وَكُلُّ فِعلٍ قَد أَتى مُستَقذِرا |
إِذ هَمُّكَ الدُنيا وَجَمعُ حُطامِها |
مِن أَيِّ وَجهِكانَ سَهلاً أَوعَرا |
وَبِأَيِّ وَجهٍ أَنتَ تَلقى اللّهَ مِن |
هذي الوُجوهُ فَكُن بِها مُتَخَيِّرا |
كَم قُلتَ لي مَل عَن مَقالِكَ أَوَّلاً |
لِأَكونَ مِثلُكَ في التَقليبِ وَالمَرا |
وَاللّهُ يَأبى ذاكَ لي وَرَسولَهُ |
وَالدينُ وَالشيمُ الَّتي عَلَّت الذَرى |
وَأَقولُ مالي غَيرُ قول واحِد |
ما كُنتُ عَمّا قُلتُهُ مُتَأَخِّرا |
أَعطِ الأَمانَةِ رَبَّها بِتَمامِها |
إِن كُنتَ تَخشى عارِها وَالإِزدَرا |
وَجَميعِ مالِكَ خُذهُ بَعدَ أَدائِها |
أَصلاً وَرِبحاً كامِلاً مُستَوفِرا |
هذا مَقالي أَوَّلاً وَعَقيبِهِ |
وَبِهِ أَدينُ وَغَيرَ هذا يمتَري |
فَاِنظُر فَأَيُّ مُقالَتَينا تَرتَضى |
عِندَ التَحاكم إِن أَتَينا مَحضَرا |
حاوَلَت بِالنَثرِ اِقتِطاعُ أَمانَتي |
مُتَقَلِّباً في كُلِّ وَجهٍ أَغبَرا |
ثُمَّ اِنثَنَيتُ إِلى النِظامِ مُخادِعاً |
فَوَقَعتُ في شِركِ فَرم لَكَ مَظهَرا |
إِنّي سَأَبعَثُها نُوازِعُ شَرَّداً |
تَسم اللَئيم بِكُلِّ فاضِحَة تُرى |
تَطوي بِها الرُكبانُ كُلَّ تَنوفَة |
وَبِها تَخوضُ السُفُنَ مِنّا الأَبحُرا |
أَوَلَيسَ أَشعاري بِها تَسعى إِلى |
أَقصى الدِيارُ فَسَل بِها مَن قَد دَرى |
هِنداً عمانا وَالحِجازُ وَنَجِدُهُم |
يُمناً وَشاماً وَالعِراقُ وَتَسَتُّرا |
فَذَوو الكَمالِ إِذا اِحتَسَوا أَقداحاً |
مادوا كَأَنَّهُم تَعاطوا مُسكِرا |
وَبِها العَذارى في الخُدورِ تَرَنَّمَت |
وَبِها مُنادِمَة السَميرُ وَمَن سَرى |
وَإِذا أَرَدتُ سَلامَة مِن لَذعِها |
وَيَعودُ وَجهُ الوُدِّ فينا نَيِّرا |
فَاِبعَث إِلَيَّ جَميعَ حَقّي كامِلاً |
كَي لا يَراكَ اللّهُ فيهِ مُقَصِّرا |
وَاللّهُ لا يَخفى عَلى مَولاكَ ما |
قَد أَبطَنَ المَملوكِ أَو ما أَظهَرا |
وَأَخو المُروءَةِ وَالدِيانَةِ وَالتُقى |
مَن صانَ ديناً وَاِتَّقى ما يزدَرى |
لا خَيرَ في مالٍ تُعابُ بِهِ وَإِن |
تَبعَث نَدِمت إِذا أَتَيتَ المَحشِرا |
لَم يَقِ مالٌ بِالوَقاحَةِ جَمعُهُ |
أَو بِالخِيانَةِ وَالدَناءَةِ وَالمَرا |
فَاِحفَظ لِعِرضِكَ ذمة مَرعِية |
وَمِنَ الوُجوبِ لَها بِأَن لا تَخفِرا |
ما اِعتاضَ ذو مالٌ أَضاعَ لِكَسبِهِ |
ديناً وَعِرضاً ما الثريا كَالثَرى |
وَالمالُ إِمّا حادِثٌ أَو وارِث |
يَأتي عَلَيهِ فَلا أَجِدُكَ الأَخسَرا |
وَاِختَر لِكَسبِ المالِ وَجهاً طَيِّباً |
وَاِغنَم بِمالِكَ حُسنَ ذِكرٍ في الوَرى |
وَاِعلَم بِأَنَّكَ مَيِّتٌ فَمحاسِب |
فَاِعدد جَواباً في الحِسابِ لِتَعذُرا |
وَإِلَيكَ مِنّي نُصحَ حُرٍّ صادِقٍ |
وَمِنَ التَجارُبِ لَم يَزَل مُستَبصِراً |
فَاِقبَل نَصيحَتِهِ تَقُدكَ إِلى الهُدى |
وَتَنَل بِها عِزّاً وَرِبحاً أَوفَرا |
وَاللّهُ مَولى الصالِحينَ وَمَن يَكُن |
مَولاهُ حازَ سَعادَة لَن تَحصُرا |
وَإِلى إِمامِ المُتَّقينَ نَبِيِّنا |
أَهدي صَلاتي وَالسَلامُ الأَعطَرا |
وَالآلُ وَالاِصحابُ طَرّاً ماحِلا |
صَدَقَ المَقالُ وَخابَ رَب الإِفتِرا |