حَكَمتُ وَحُكمي الحَق ناء عَن المَرا |
بِأَن التَميمي الأديب تَعثرا |
بِذم قَوافٍ في تَمامِ جَناسِها |
وَذلِكَ نَوعٌ في البَديعِ تَقررا |
وَعِندَ اتحاد الجِنس فَالنَوعُ سائِغ |
تَعددهُ بَل كَم أَفادَ تَخيرا |
وَشَأن ذَوي الآدابِ حُب اِمرىءٍ لَه |
أَفانين في لَفظ وَمَعنى تَغيرا |
وَلَيسَ مراداً دين مَن رق طبعه |
أَكانَ حَنيفاً مُسلِماً أَو تنصرا |
وَحَسبُكَ مِنهُ ما يَفصِل عقده |
مِن النُظمِ وَالمَنثورِ دراً وَجَوهَراً |
وَكَم مُسلِم مِنهُ اللِسانُ وَقَلبَهُ |
عَلى غَيرِ دين فَضلِهِ قَد تَصَدَّرا |
وَظُلم ذَوي الآدابِ وَالفَضلِ عيبهم |
بِما صَنَعوا مِن رقة الشعر في الوَرى |
وَما كُل وُرّاد المَناهِل مفلق |
وَلا رعيه الحوذان كانَ المُؤثرا |
وَأَكثَر كُتّاب البَلاغَة لَم يرد |
شَبيباً وَلا مس الخُزامى المنورا |
وَلَم يَكُ لِلأَديانِ في الشِعرِ مُدخَل |
وَكل قَديم الشِعرِ كان المَصدَرا |
وَقادَتهُ الأَعلون في جاهِلِيَّة |
وَشِرك وَهَل كَالشِركِ تَلقى مكفرا |
وَقد قامَ مِن أَهلُ الكِتابَينِ زُمرَة |
جَنَوا مِن رِياضِ الشِعرِ ما كانَ مُزهِرا |
فَمِن كَاِبنِ عَبّادِ يُجاري مُهَلهَلا |
وَكانَ مَسيحِيّاً تَقدم يَشكُرا |
وَكَالأَخطَل المَعروفِ شاعِر تَغَلَّب |
يَسوقُ بِهِ القَسيس في الدير كَالفَرا |
وَكَعبُ هُوَ اِبنُ الأَشرَف القَرضي مِن |
بِأَشعارِهِ وَصَف الخَراعِب أَسفَرا |
وَقَس مَضى طولَ الحَياة موحَداً |
وَما نَقَل التَثليث عَنهُ وَلا اِجتَرا |
لِذلِكَ عابوا لِلتَميمي قَولَهُ |
أَلا فَاِعفُنا عَن رد شِعر تنصرا |
إِذا مِنهُ عَجز عَن مُجاراة خاله |
فَمال إِلى الأَديان عَمداً تَهورا |
وَلَو أَنَّهُ يَدري بِقَولي لَقالَ لي |
عَهدناكَ تَعفو عَن مُحِب تَعذرا |
وَأَي مقال قَد خَلا من مُعارِض |
فَلَو عابَُ بِالإِنتِحالِ لَما اِفتَرى |
إِذا صَح عَنهُ الإِدعاء لنظم ما |
بِها الخالُ قَد عَمَّ القَوافي مُكررا |
فَمِن سَرِقاتِ الشِعرِ ما كانَ حده |
يُقامُ عَلى الجاني فَيُصبِح أَبتَرا |
وَيَبعد عَن هذا الظَريف ادعاءُها |
لِشُهرتُها بَينَ الرُواة وَمن دَرى |
وَنَسبتها لِلعامليِّ قَديمَة |
وَخَمَّسَها مِنهُم نَبيه فحررا |
وَعارَضَها ذاكَ المَخمس فَاِنثَنى |
بِمَدحِ جَواد ظَنِّهِ أَسد الشَرى |
وَتَخميسها عندي وَما عورِضَت بِهِ |
وَأُخرى بِكَسرِ اللام يَعرب من قرا |
عَلى أَنَّني ذَيَّلتُها بِمَديحٍ مِن |
يُقرر فَضل النظم وَالنَثر إِذ طَرا |
وَلا زَمَت خالا فَوقَ وجنَتِها هَوى |
لأرشف من تِلكَ الثَنايا المُكَرَّرا |
وَجاءَ لَهُ لَحن وَلكِن فَخَفَّفا |
بِرائيَّة فيها الجَراب تقررا |
فَقالَ مَسيحي ثُمَّ في البَيتِ موسوي |
بِتَسكين ياء النسبة القول يُزدَرى |
وَذلِك لحن في قواعد مُعرب |
كما جاء هذا للنحاة مسطرا |
وكل اِنتِقاد الشِعر دونَ اِنتِحالِهِ |
فَذلِكَ عَيب صمنه وَصمة اِفتَرا |
بَدَت لأَبي سَلمى زَهير عَنايَة |
بِتَهذيب حولياته قَبل أَن تَرى |
بِها بَلغ الغايات في حُسنِ شِعرِهِ |
وَفي بَيتِهِ فَالشِعرُ يُروى محررا |
كَما شاعَ حر الشعر في بَيت بطرس |
وَفي نَجله بَينَ المَدائِن وَالقُرى |
فَصيح رُقى أَوج البَلاغَة يافِعاً |
فَأَشعاره حَلّى بِها ريع قَيصَرا |
لأَفكارِهِ غَر القَوافي قَريبَة |
وَعَن غَيرِهِ بَعدَ الثريا عَن الثَرى |
أَتى مِنهُ نُظمُ هدَّ حجة صالح |
وَإِن كانَ في المَنظومِ قَدماً تَصدرا |
فَأَيدتُ ذاكَ الرد إِذ كانَ صالِحاً |
وَزُدتُ لَهُ بِالإِحتِجاجِ لِيَشكُرا |
وَما قُلتَه بَينَ الفَريقَينَ واضِح |
فَأَمعن لهذا القَول في الحكم منظرا |
وَكُن مُنصِفا فيما تَرجح بَعدما |
تدير الحجى فيما تَراهُ لِتَعذُرا |
لكل تَراني قَد قَضيت بحقه |
وَأَسأَل يا رينا الهدى وَالتبصرا |
وَقَد كانَ لي مِن صالح خير صحبة |
وَعِندَ اِتِّباعِ الحَق ما زِلتُ أَجدرا |
وَقَد مر لي بِالشِعرِ بَعضُ عَلاقَة |
وَحكميَ ماضٍ فيه أَنفذه الوَرى |
بِعَصر تَقَضَّت فيهِ أَيّامُ صَبوتي |
أُطارِح فيهِ مَن أَشاءُ بِلا اِزدِرا |
وَيُسعِدُني فيما أَرَدت شَبيبَتي |
وَعصر الصِبا أَدعى لِثائِرَة المَرا |
لَيالِيَ إِذ قادَ الهَوى لي صَبابَة |
فَأَثنى بِها أَلمى المَراشِف جؤذرا |
وَإِنّي وَإِن فارَقت أَيّام صَبوَتي |
فَبِالفِكرِ أَرعاها عَياناً تَحسرا |
وَمِن خُلقي تِذكار عَهد شَبيبَتي |
وَبَعضُ وفاء الحُب أَن أَتَذَكَّرا |
لَعمرك فاتَتني سَريعاً حَسِبتُها |
كَزورَة جافٍ مر في سَنة الكَرى |
وَسائِل صَبشاب لِلغيد قَد وَهَت |
كَأعزل لاقى في الهياج غضنفرا |
وَيا طيب عَصر صالِح لي بِصالح |
بِصحبتهِ كانَ الوداد مُقرَّرا |
بِمنعرج الفَيحاءِ مر اِجتِماعنا |
وَكانَ بِهِ لَيل المسرة مُقمِرا |
قَصيتُ بِهِ لِلأُنس كل لبانَة |
فَإِن شِئتَ سَل عَما جَرى حينَ إِذ جَرى |
فَيا طالَما حل القَريض بِنُظمه |
وَفاحَ بِهِ النادي لِذلِكَ عَنبَر |
وَكَم نُكَتٍ أَبدى لَنا مِن فُنونِه |
طَرائِف مِنها يَرشُف السَمعَ كَوثَرا |
سِوى أَنَّهُ في الإِرتِجالِ لَراجِل |
إِذا أَبصَرَ الأَعيانِ في الرُبعِ حُضَّرا |
حَياء وَإِن ضَم اليَراعَ بنانَه |
أَجاد أَعاريض القَريض مفكرا |
عَسى مالِك الغُفران يَقبَل عُذره |
وَيَمحو لَهُ ما ظَلَّ فيهِ مقصرا |
وَدونَكَ إِبراهيم هَيفاء كاعِباً |
أَحاديثُها تَغني عَن الراح مسكرا |
وَترفل تيهاً في مَطارف حُسنِها |
وَبِالغَنجِ تَجلو عَن نَديم مكدرا |
أَتَتكَ مِن الفَيحاءِ تَطوي سباسِباً |
قَفاراً بِها الخَريت صاحَ تَحيرا |
فَلا منهَجاً دَلَّت وَلا منهلا درت |
وَلا سمة تَهدي بِها يَحمِدُ السَرى |
وَغايَة ما في النَفس عِلم ورودها |
إِلَيكَ بِها يَسعى البَريدُ محررا |
وَلا زِلتَ تَجلو كُل حالية بِها |
تُسامر مَصقول الترائب أَحورا |
وَعش فارها ما جاد بِالوَصلِ نازِح |
عَلى والهٍ بِالقُربِ وافى مُبشرا |