طلاب النَفس ما اِعتادَتهُ جار |
وَلا تَنفَك عَنهُ بِدونِ فَهر |
كَإِرغامٍ بَصيراً أَو بِعَجز |
عَنِ الإِدراكِ مِن إِقلال وَفر |
فَأَعظَم ما يساء بِهِ المرجّى |
قصور الباع عَن إِحسان مثر |
إِذا أَلَّفَ الغِناء المَرءُ يَوماً |
تَذَكَّر ما مَضى في حال يَسر |
كَرغد العَيش في نُعمى وعز |
بِهِ بلغ المُنى مِن كُلِّ أَمر |
كَإيناس الضُيوف بِطيبِ نَفس |
وَمِن صلة بِأَرحام وَبر |
وَمن جودِ عَلى العافين لِما |
إِلَيهِ يَمموا مِن كُلِّ قَطر |
وَمن نوب تعم فيقتفيها |
فَيَكشِفَها بِجاه أَو بِفِكر |
وَفي تذكارِه هذا عَناء |
فَتَعلو حَسرَة وَزَفير صدر |
وَلازَمَهُ السُهاد بِلا مُلم |
فَباتَ بلوعة وَالدَمع يَجري |
وَلا أَسف عَلى مال تَوَلّى |
وَكَم في الدَهرِ مِن حُلوِ وَمُر |
وَكَم كدر أَتى مِن بَعدِ صَفو |
وَمد البَحر أَعقَبَهُ بِجَزرِ |
وَلكِنَّ التَأَسُّفِ في مَساع |
حسان مَعالِم الآثارِ غر |
إِذا قصرت خطاه عَنِ المَعالي |
أَيَبلُغُها بِلا زاد وَذُخر |
وَمن يَحذر يَمس اللُؤم طَبعاً |
أَباهُ باتَ في هَم مضر |
فَيَبذُل جُهدَهُ في كُل حال |
وَبذل الجُهد أَصدَق كُل عُذر |
دَعِ الشَكوى إِلى الأَحياءِ طراً |
فَلَيسَ يُجابُ داعي صم صخر |
أَتَشكو لِلَّذي يَحتاجُ دَهراً |
كَما تَحتاجُ في سعة وَفَقر |
وَتَنسى موجد الأَشياء حَقاً |
وَمالِك كُل منفعَة وَضر |
وَسَل مَولي يَئيب بِلا جَزاء |
بِصِدق عَزيمَة وَحُضور فِكر |
سَل الاِحسانُ مَولى ذا عَطاء |
عَميم في البَرايا غَير نزر |
خُضِ الغَمراتِ في قُمع الأعادي |
وَبِالبيضِ الرقاق أَجل زَجر |
بِجَزم في الأُمور عَقيب عَزم |
بِلا خور وَخُذ بِأَتم حَذر |
فَلا الإِقدام مِن أَجل بمدنٍ |
وَلا الإِحجامُ جاءَ بَمَدِّ عمر |
إِلى الأَقدارُ يَرجِعُ كُل شَيء |
وَلَم يَعلَم بِمَطوي المكر |
وَثق بِاللَهِ فيما جِئت صدقاً |
بلا أَشر فَكَم أَسدى بِنَصر |
جمال الذاتِ صنه بِحُسن صَبر |
كَما صانَ الخَراعِبَ سجف خدر |
وَحُسنُ الغانِياتِ أَجل قَدراً |
مِن الشيم الَّتي بِالبَدرِ تَزري |
وَلَستُ تَعد بِالشَكوى صَبوراً |
وَكِتمانُ المَكالِبِ دَأب حر |
عَلى سنن الأَكارِمِ سِر مَجداً |
عَلى الحالين مِن عُسرٍ وَيُسرِ |
فَلا نَجل يَجر إِلَيكَ مَجداً |
وَكُل غَنِيّ بِلا مَجد كَفقر |
وَلا تَخضَع لِمَخلوف لِطول |
أَيَأتي كُل ذي ثَدي بَدر |
وَلا تَرهَب مُلوك العَصر طَرا |
وَخاطِبهُم بِنَهي أَو بِأَمر |
بِحُسنِ عِبارَة وَلَطيفِ مَعنى |
وَآدابِ بلا هَذر وَهَجر |
فَيُؤثِر عَنكَ علم بِالقَضايا |
وَمَعرِفَة بِحادِث كُل عَصر |
وَكُنتُ لَدَيهِم الكُفء المُرجى |
لِكُلِّ ملمة وَسداد ثغر |
وَبِالمَعروفِ مر وَخف المناهي |
وَجانِب كُل فِعل فيكَ مُزري |
وَبادِر كُل مَكرُمَة تَأتت |
تُخَلِّد في الزَمانِ حَميد ذِكر |
وَمل لِلحَقِّ في قَولِ وَفِعل |
وَلا تَعبَأ بِزيد أَو بِعَمرو |
لُزوم عَفاف نَفسِكَ كَنز مجد |
وَمَطلَع سُؤدد بِشُموس فَخر |
وَلا يُجدي إِضاعَتِهِ سَفاهاً |
أَتَعتاضُ الدَجاءِ بِضوءِ بَدر |
عَن الجاراتِ غَضَّ الطَرف عَمداً |
وَلَو أَلقَينَ عَنكَ حِجاب سَتر |
وَإِن غابَت بعولتهن فَاِحذَر |
رَقيباً لا يُفارِقُ قَيدَ شبر |
بُنَيَّ إِلَيكَ مِنّي نُصح صدق |
بَدا لَكَ مِن شَفيق القَلبِ بر |
لَقَد قاسى شَدائِد كُل خطب |
نِمت عَنهُ مَخالِب كُل صَقر |
وَكابَد حادِثاتِ الدَهر حَتّى |
أَشاب قَذالَه حَدثانِ دَهر |
وَطارِح مَشمخر النَفس كِبراً |
وَمارم كل فحل غير غمر |
وَشاهِد ما اِدعاه يَرى عَياناً |
وَكل نَبيل هذا الجيل يدري |
ولكن المَشيب لَهُ اِعتناء |
بِهد منار كل رَفيع قدر |
بِضعف قُواه عَن هِمَم تَسامَت |
وَعَن عَزمات ليث مَكفهر |
وَخُذ بِنَصيحَة جاءَتك عَفواً |
بَدَت لَكَ بَعد تَجرُبَة وَخبر |
وَدونَكَ بنت فِكري ذات نُطق |
يَقلد جيد حسنا عَقد در |
وَمن طَرب لَها ذو الفِهم أَضحى |
بِحالَة سَمع صافي الذِهن حبر |
لَها يَهتَزُّ عَطف كَريم طَبع |
وَحَلَت سَمع صافي الذِهن حبر |
وَتَشرح صَدر ندب ذي اِنتِباه |
لما تُبدي لَيالي كل عصر |
نَظمت بِها درار الأُفق يَهدي |
بِها ذو دَلجة بِالنجم يَسري |
ولا زِلت المُوَفَّق ذا سداد |
وَرَأي صائِب في كل أَمر |