لَقَد ظَنَنتُ بِأَنَّ الساعَةَ اِقتَرَبَت |
لَمّا عَلِمتُ بِلَيلى قَد جفت فَسلت |
ما شاقَني بَعد لَيلى مَن أُسامِرُهُ |
لَيلاً أَحاديثُ أَوقاتِ لَنا سَلَفَت |
ما زالَ أَعوامُها إِلا وَتصدقني |
بِما تُحَدِّثُني عَمّا بِهِ وَقَدت |
وَلا مَلَلتُ وَلا مِلتُ مَواصلتي |
وَلا نَبذت عُهوداً بَينَنا اِنعَقَدَت |
إِنّي لَيُعجِبُني صَوتٌ لَها غرد |
إِذا العُيونُ عَن السمار قَد رَقَدَت |
شابَت وَشِبتُ وَما خانَت عُهود رَضىً |
مِنّي عَلَيها فَأَشواقي بِها اِتَّصَلَت |
مِن بَعدِها هَل يَجولُ اللُغزُ في فِكري |
مِن أَينَ حله إِذ جيرَتي نَزَحَت |
وَلَيسَ يُطرِبُني كَشفُ لِغامِضِهِ |
وَلا أَميلُ إِلى الأَلغازِ حَيثُ أَتَت |
وَلا أَضيع أَوقات الفَراغِ بِها |
فَفِكرَتي عِندَ حل اللُغزِ قَد صَدِئَت |
لكِنَّهُ لمعت لي مِنهُ بارِقَة |
مِنها رَأَيت دياجيه لَنا اِتَّضَحَت |
فَقُلتُ يا سائِلي شاقنك دائِرَة |
دارَت عَلَيها رَحا الأَوقاتِ حَيثُ سرب |
يا وَيحَها إِن تَقِف عَمّا يُرادُ بِها |
وَإِن سَعَت نَحوُهُ في حاجَة قُضِيَت |
تُريكَ صِدقاً فَكَذِباً عِندَ رُؤيَتَها |
ما كُلُّ شَيءٍ يُرى أَحوالُهُ عَرَفَت |
ما أَحسَن الصِدق مِنها عِندَ مَنظَرِها |
فَإِنَّها لَحَميد الصُحبَة اِتَّخَذَت |
في صَحن وُجنَتِها دبت عَقارِبُها |
دَبيبُ نَمل عذار في الخُدودِ زَهَت |
إِن أَبطَأَت في مَسيرِ أَو هِيَ اِعتَجَلَت |
لِلوَعدِ عيفَت وَتَرضاها إِذا اِعتَدَلَت |
مَهما تَقَع عَينُها في صَدرِها فَلَها |
فِعلُ التَرَجّي بِهذا الحُكم قَد شَهِرَت |
بِهذِهِ الحالُ إِن صَحَّفت أَحرُفِها |
رَأَيتُ غَيماً عَلى شَمسٍ بِهِ اِحتُجَبَت |
أَو صَحّفت سينها وَالعَينُ واقِعَة |
في صَدرِها فَهِيَ مِن خمس الفُروضِ أَتَت |
لِلعَينِ صَدر وَصحف سينها لِترا |
ها عَن بِناه إِلى ذا الرَسمِ قَد عدلت |
وَالعَينُ إِن صَحفت في نَفس موضِعِها |
قل ساعَةٌ حلق من في عِلمه وَقعَت |
وَكَم لَها مِن مَعانٍ لا أَحررها |
خوف المَلامَة مِن ثقف بِهِ اِتَّصَلَت |
وَهاكَ يا شَيخُ عِلم ما يدنسه |
مِنهُ الرَيا لا وَلا عن سمعة ذكرت |
مِنّي الجَوابُ أَتاني ساعَة عَرَضت |
فيها شَواغِل أَفكاري بِها اشتَغَلَت |
أَنتَ الخَليقُ بِفَضلِ صرت مُنفَرِداً |
بِهِ وَشَمس ذَكاء عَينِه اِتقدت |
قَد طالَ عَهدي بِالأَلغازِ حَيثُ خَلَت |
مِنها المَغاني كَما أَربابه اِنصَرَفَت |
فَلَستُ تَلقى الَّذي يَدري قَواعِدُها |
وَلا بِتَعريفِهِم حداً بِهِ عَرَفَت |
وَلا نَديم يُعاطينا نفائِسُها |
وَلا القَريضُ تَرى نَفساً لَهُ جَنَحَت |
لا زِلت في نِعمَة تَهمي مَواطِرها |
عَلَيكَ يا مَن بِهِ التَقوى قَد اِقتَرَنَت |
ما طابَ عِلم الفَتى إِذ زانَهُ وَرع |
وَما أَضاءَت بِهِ الفِتيا إِذا سَئلت |