وطني لأجلك قد عدمت قراري |
وسئمت فيك حياة هذي الدار |
أقضي الدجى أرقاً كأن هدوءه |
أنسي وأن هواجسي سماري |
أتنفس الصعداء ما بقي الدجى |
حتى أكدر نسمة الأسحار |
لآنا لم يحيرني الزمان بصرفه |
كلا وإن سلب الزمان خياري |
فلقد سبرت من الحوادث غوره |
ودرست منه غوامض الأسرار |
وعلمت أن النائبات بمرصدٍ |
ممن تغافل عن دبيب النار |
فأنا المقصر والزمان موكلٌ |
بعقاب كل مقصرٍ خوار |
ومن الألى أرجوهم لإقالتي |
عن لم أقل انا في الحياة عثاري |
لا أسأل الظلماء رفع سدولها |
فالقلب ينظر من وراء ستار |
كان الخيار بقبضتي فأضعته |
وبقيت متكلاً على الأعذار |
وحمامةٍ غنت فقلت لها اقصري |
فالصمت أجدر في فم المهذار |
غنيت والأوراق ذابلة وقد |
ذهب الخريف بنضرة الأشجار |
لا تحسبي شرعاً أحاديث الهوى |
ما كل مورقةٍ بذات ثمار |
نوحي على غصن الفضيلة لا الغضى |
ومكارم الأخلاق لا الأزهار |
فهي التي هام الكرام بحبها |
وبنوا عليها لا على الابكار |
تنعين خلك للظلام وانني |
أنعي لخلي مشرق الأنوار |
ذهبت كواكبه كما شاء القضا |
ما حيلة الإنسان بالاقدار |
أمعاهد العلم ارفعي فوق الحمى |
منك المنار بحيث يهدي الساري |
رحماك ضل المدلجون وها هم |
ملوا من الأنجاد والأغوار |
وقف الزمان بهم على جرف الفنا |
والجرف لو تدرين رملٌ هار |
وإليك يا دار الشفاء تفقدي |
مرضى البصائر فيك لا الابصار |
فلقد تضاعفت الشجون بمثلها |
كتضاعف الأعداد بالأصفار |
وظلام جهل لو تصاعد في الفضا |
لم تدرك الأبصار ضوء نهار |
ناديت أوطاني وما أعني بما |
ناديت غير دوارس الآثار |
الناشرات مفاخري وفضائلي |
والشاهدات بعزتي ونجاري |
والباعثات لنفسي الشمم الذي |
أنف الحياة بذلة وصغار |
والناظرات إلي نظرة ىملٍ |
أحياء مجد دارس وفخار |
من ذاك يا وطني ملكت عواطفي |
وشعوري المطبوع في اشعاري |
أصغي بكل جواري لحدي |
ثك المقرون بالإعجاب والإكبار |
وأحن ما حن الحمام كأنني |
عود يردد نغمة الأوتار |
مضت القرون ولا تزال معانياً |
سقم العقول وضلة الأفكار |
تالله يا وطن الرشيد ونجله |
ومعرس الطائي والمهيار |
لم تلهني عنك الحسان ولا الطلا |
هيهات تلك سجية الأغرار |
قد كنت أول منظرٍ أبصرته |
وحللت من واديك أول دار |
والنفس ما زالت تمثل لي الصبا |
ورفاق صحبٍ في حماك صغار |
كنا كماء المزن رق صفاؤه |
من قبل أن ينصاع للأكدار |
تلك المناظر لم تزل محفوظة |
عندي وإن خفيت عن الأنظار |
أهلوك هم أهلي وسلمي سلمهم |
وشعارهم في النائبات شعاري |
من عزهم عزي ومن في وردهم |
وردي وفي إصدارهم إصداري |
ولدوا على لغتي وفطرتي التي |
فطرت عليها بيئتي ودياري |
أنا منهم وهم على بعد المدى |
مني ورغم تفاوت الأطوار |
سل عن هواي الريم حول كناسها |
والطير حائمةً على الأوكار |
وعواطف الأغيار نحو بلادهم |
لو أصدقتك عواطف الأغيار |
إني لأشعر من هواك بنشوة |
فتخالني ثملاً بغير عقار |
وإذا الفؤاد تحركت أوتاره |
هانت عليه شدائد الأخطار |
يا برق إن المحل طال زمانه |
بالله حدثنا عن الأمطار |
لم أنس في واديك غصن شبيبتي |
ترعاه دجلة بالمعين الجاري |
ومن الوفاء إليك أن أدع الكرى |
حتى تفوز بسابق المضمار |
قل لي إذا لم أقض دون مقاصدي |
عمري فما هي قيمة الأعمار |