لا عشت لصاً في ثياب عسيس |
ولبست بين الناس غير لبوسي |
حتى إذا أخذ الزمان بساعدي |
أنشبت مخلب أصيدٍ بفريس |
عفت المظاهر للمصاب بعقله |
وتبعت إثر تجاربي ودروسي |
الريب حبب لي مجالس خلوتي |
والشك زهدني بكل جليس |
وطفقت أنظر للكثير من الملا |
نظرات مرتاب على جاسوس |
ولكم رأيت الشر أنجح عامل |
بلغ المآرب فيه كل شريس |
لم يتخذ إبليس رباً معشرٌ |
لو يأمنون الشر من إبليس |
والناس من سخف الحياة يروقهم |
عاتٍ عليه مظاهر القديس |
فوضي وما برحت تبرر فعل من |
وجدته أتقن مهنة التلبيس |
وكذا حياة الناس وهي قصيرةٌ |
ملأى من التدجيل والتدليس |
فلذا نفضت من الأنام أناملي |
وملأت من كنز القناعة كيسي |
وكفيت نفسي شر من طلب الغنى |
كيما أنزهها عن التدنيس |
بالله عاصمة العراق ألا انظري |
نوح الثواكل في جوار عروس |
ضيعت رشدك بين أهوج ملؤه |
شره وآخر جاهل غطريس |
وسخيت بالأموال ما شاء الهوى |
إلا على العمران والتدريس |
فاستغرقي اللذات فيها واملأي ال |
حانات من صرعى هوىً وكؤوس |
لا غرو إن واديك صوح شيحهُ |
فالعود قد يخضر بعد يبوس |
لولا المحول لما رأيت نعامةً |
فيك استعارت حلةَ الطاووس |
ولما شهدت وفي الحياة عجائبٌ |
نفساً تعيش على هلاك نفوسِ |
داراً تشاد على خراب منازلٍ |
وذنائباً تعلو بخفض رؤوس |
ليت الذي رصد الكواكب مخبري |
من ذا رماك بطالع منحوس |
إني لتعروني عليك هواجسٌ |
توحي إلي بكل أمرٍ يوسي |
شتان بين حمى تفرق أهله |
وحمىً بوحدة أهله محروس |
يا بقعة الوادي المقدس لم أزل |
برفيع مجدك معلناً تقديسي |
كلفاً بصرح علاك وهو يفوق ما |
قد قيل عن سبإ وعن بلقيس |
وأراك أول كوكب من نوره |
انبعثت أشعةً أنجم وشموس |
لا تحملي قصدي على ما لم يجل |
في خاطري فالقول غير هسيس |
ضمنته المعنى الصريح وما به |
ضربٌ من التوشيح والتجنيس |
صوت قرعت به المسامع قاصداً |
ما يقصد الرهبان بالناقوس |
ما خنت عهدك في الهوى يوماً ولا |
أبديت عنك الميل خوف دسيس |
أنا من دعاتك في الوفاق ولم يدن |
بسواه عندي غير كل خسيس |
وإذا القلوب تضامنت في موقفٍ |
أفضت بأعظم عدةٍ وخميس |
تنقاد طوعاً لو تولت قودها |
أيدي كماةٍ في المواقف شوس |
رفقاً بشعبٍ غارقٍ في جهله |
لم يبق منه الفقر غير نسيس |
والداءُ سهلٌ في يديك علاجه |
لو تطفرين بحاذق نطيس |
ماذا عليك لو اهتممت بشأنه |
حتى يعيش بخاطرٍ مأنوس |
عربٌ عراقيون لم يستوطنوا |
أرضاً بأنقرةٍ ولا تفليس |
ضيقٌ هنالك آخذٌ بخناقهم |
مني برخو الحبل للتنفيس |
عبثت بهم أيدي الجباة وبدلت |
نوبُ الزمان سعودهم بنحوس |
عن حقهم ناموا ومن شأن الكرى |
أن يوقع النوام في الكابوس |
وإذا استبد رئيس شعبٍ جاهلٍ |
فليشكرن جهالة المرؤوس |
يا ساكني دور النعيم ترفقوا |
في أنفسٍ سكنت ديار البوس |
ودعوا الضعائن يا حداة فإنها |
ملت من الإدلاج والتغليس |
علت الظهيرة وهي تمشي القهقرى |
ونأى المراح بسيرها المعكوس |
لم يبق فيك من السراج وزيته |
يا ليل غير ضخامة الفانوس |
لمن البلاد غداً إذا هي أقفرت |
إقفار بيدٍ من وجود أنيس |