للسعي في طلب العلياء متسع |
ما في الحياة على الساعين ممتنع |
وللجهاد إذا تابعته أثر |
وللثبات إذا واصلته نجع |
هيهات تعطيك ما لا تستحق بها |
دنيا يكافح فيها البارع الصنع |
لم يسلب الدهر شعباً برد عزته |
لو عز يوماً عليه الهون والضرع |
العصر عصر كفاحٍ لا حياةَ به |
لمعشرٍ في زوايا دورهم قبعوا |
رأس المصائب ما في الغرب من جشعٍ |
لو اعطيت أهله الدنيا لما اقتنعوا |
لولا المطامع ما ألفيت من أممٍ |
بيعت بأبخس مما بيعت السلع |
كم من دماء أراقوها وما نهلوا |
ومن كنوز تولوها وما شبعوا |
هب أنهم بحراب الجند قد أمنوا |
والجيش من طبعه التنكيل والقذع |
فلن يطول لهم والدهر ذو غير |
إخضاع قومٍ لغير الحق ما خضعوا |
قل للبلاد التي قد ثار ثائرها |
هذا دواؤك ما إن مسك الوجع |
الحق إن لم يعنه السيف منخذلٌ |
والملك إن لم يصنه العدل منتزع |
وكل أمنية إن كان طالبها |
غير المهند فاعلم أنها خدع |
أصدى بنهضتك الوادي فكان لها |
فيه دوي مدى الأجيال مستمع |
رمزاً ليومك هذا الجمع محتفلٌ |
وللتيمن في ذكراه مجتمع |
ذكرى إذا استعرضت نفسي حوادثها |
ألفيت قوماً على روح الوغى طبعوا |
عج بالفرات وسله عن مواقفهم |
يجبك عما بذاك اليوم قد صنعوا |
رجال حربٍ إذا حلوا بساحتها |
طغى على جانبيها الرعب والفزع |
يمشون عدواً إليها مشي عاصفةٍ |
هوجاء تجتاح ما تلقى وتقتلع |
المرهبون عداهم في فجاءتهم |
كما يفاجئ وثباً صيده الصبع |
تخالهم كالأفاعي الرقط ان وثبط |
يوم الوغى من بطون الأرض قد طلعوا |
لم يعرفوا الخوف إن جد البلاء ولو |
أن السماء على هاماتهم تقع |
يسترخصون لدى الجلى حياتهم |
كأنها والمنايا عندهم شرع |
وبات يحذر قتلاهم عدوهم |
من شدة الذعر يخشى أنهم رجعوا |
شاكو السلاح ولكن من عزائمهم |
مدرعون ولكن بالإبا ادَّرعوا |
ملوا الشكاوى فلاذوا في بسالتهم |
لتفهم القوم عنهم غير ما سمعوا |
تعرضوا للمنايا وهي فاغرةٌ |
فاها فما تلقم الهيجاءُ تبتلعُ |
للطائرات رعودٌ فوق أرؤسهم |
وللقنابل من آفاقها دفع |
شكراً لكم أيها الصيد الذين دعوا |
من جانب الوطن المحتل فاندفعوا |
لولاكم لم نشاهد للحمى علماً |
في الجو يخفق معتزاً ويرتفع |
إن لم تضع نصباً هذي البلاد لكم |
فقد كفاكم من التاريخ ما يضع |
تعهدوا يا شباب اليوم موطنكم |
من أن تضيعه الأحزاب والشيع |
كان الوفاق لكم أيام نهضتكم |
ركناً ولكن أراه اليوم ينصدع |
مضى بما فيه عنكم أمس فاحترسوا |
مما به الغد يأتيكم وما يدع |
قالوا تجلد على البلوى فقلت لهم |
ما كلف الله نفساً فوق ما تسع |
جر الشقاق علينا كل نائبةٍ |
فلم يفد معها صبرٌ ولا جزع |
من قبلنا زرع الماضون بذرتها |
حتى ربت فحصدنا اليوم ما زرعوا |
لن يقدر الشعب أن يجتاز محنته |
ما دام رائدَ من يقتاده الطمع |
والمرء ما انفك في هذي الحياة على |
غرار ما عبدته النفس ينطبع |
ولن يرى راحةً في ظل وحدته |
وفي البلاد نفوسٌ شأنها الطبع |
مرت بهم فرص الأيام فاغتنموا |
مرورها واستغلوا الجهل فانتفعوا |
لم يبق من إثر الإسلام عندهم |
لولا مظاهره الأعياد والجمع |