هي الحياة لزامٌ عندها الألم |
كما يلازم سمع الأبكم الصمم |
هيهات أرجو من الأيام معجزةً |
تأتي بما عجزت عن فعلها النظم |
علام أجهد نفساً ما لها أملٌ |
فيها وأتعب فكراً غاله السأم |
وقلت للنفس قري اليوم واعتزلي |
إن البريء بهذا العصر متهم |
بالأمس إن ضقت ذرعاً من غوائلها |
ظننت أني بشعري سوف أنتقم |
فكنت أبعث منه كل سانحةٍ |
لها بأسماع أرباب النهى نغم |
وتارةً كنت أصليها بلاذعةٍ |
أنفاسها كشواظ الجمر تضطرم |
في عزمةٍ من شبابي كنت مندفعاً |
والغيب يهزأ من عزمي ويبتسم |
وما عرفت مصيري قبل تجربتي |
والجهل لا شك أعمى والعمى ظلم |
فالآن أضحك من وهم تحكم بي |
وقادني لحياةٍ عيشها برم |
شطر من العمر كان الوهم يدفعني |
فيه لحتفي وشطرٌ كله ندم |
أودى الزمان بما للشعر من أثرٍ |
فاليوم خيرُ القوافي المدفع الضخم |
لا تأس يا شعر فالتاريخ معترفٌ |
بسبقِ فضلك وهو الشاهد الحكم |
أدركت في زمن الماضيين منزلةً |
لا السيف أدركها يوماً ولا القلم |
حتى نهضت بقومٍ لم يكن لهم |
في الأرض ملكٌ ولم يخفق لهم علم |
خطت عكاظ بذي قارٍ لهم صوراً |
لها اليراع حسامٌ والمداد دم |
وحررتهم وهم أسرى نبوتهم |
من بعد ما استعبدتها الروم والعجم |
لأنت أول شادٍ في ربوعهم |
تحيط في شدوك الأمثال والحكم |