نال فيك الغرب يا علم المراما |
فغدا لم يرع للشرق ذماما |
أيها العلم ولولاك لما |
أزعج الغازون في الليل النياما |
إن تكن غاية ما تطلبه |
كل نفس منك بغياً وانتقاما |
فابتعد يا علم واتركنا سدىً |
فلقد أصبح مرعاك حراما |
أشرقت شمسك في الغرب ولم |
نر من آثارها إلا ظلاما |
رب شر سنح الخير به |
ودواءٍ أولدوا منه سقاما |
لست ممن حبذوا الجهل ولا |
بالذي عن شرف العلم تعامى |
إنما قد ساورتني ريبةٌ |
جعلتني أنظر الماء ضراما |
أنت عن لم ترض فيما فعلوا |
فلماذا اخترت في الغرب المقاما |
وردوا منهلك العذب ولم |
يوردوا غيرهم إلا حماما |
ملأوا باسمك أرجاء الثرى |
قاذفات تنفث الموت الزؤاما |
ودعوها رحمةً تحملُ في |
طيها للناس برداً وسلاما |
عد إلى الشرق لتبدي لهم |
كرم الانفس والقوم الكراما |
وأتِ قوماً لك في تاريخهم |
أرج طبق يا علم الأناما |
وتنصل من دماءٍ أهرقت |
ولها باسمك قد سلوا الحساما |
يا بني الشرق خذوا العلم ولا |
تجعلوا منه إلى الظلم دعاما |
واتقوا عاديةَ الدهر به |
فهو العروة لا تخشى انفصاما |
واكشفوا فيه القذى عن أعين |
لم تكد تبصر في الصبح الأماما |
هذه الشمس تجلت لكم |
وأماطت عن محياها اللثاما |
ومضى الليل فسيروا خبباً |
كيفما شئتم عراقاً أو شآما |
جعل الله لكم أوطانكم |
فاحذروا أن يملك الغير الزماما |
ودعتكم للعلى آثارها |
فأعيروها التفاتاً واهتماما |
إنما العيش خصامٌ وبه |
يحرز النصر من اسطاع الخصاما |
وقضى الدهر بأن يختطف ال |
ضيغم العجماء والصقر الحماما |
فاجعلوا الوحدة درعاً لكم |
إنما الدارع لا يخشى السهاما |
وخذوا العبرة من تاريخكم |
كيف آل الأمرُ بالملك انقساما |
لا يسوس الملك شعبٌ لم يكن |
من رضاع العلم قد جاز الفطاما |
يا نداماي وما قيمة من |
ترك اليقظة للدهر وناما |
أنا لا أعرف إلا بطلاً |
صارع الباطل أو بالحق قاما |
جعل العفة من أثوابه |
ورأى الإخلاص فرضاً فاستقاما |
أبت الحرمة نفسي لامرئ |
حسب العيش شراباً وطعاما |
هيكل ألبسهُ الدهر من ال |
وشي برداً ومن التبر وساما |
فاصرفوا الأقداح عنا فرغاً |
واحفلوا بالأكؤس الملأى مداما |
نحن في عصرٍ يرى الغرب به |
ضعفاء الرأي في الأرض سواما |
دولة الأصنام زالت ومضى |
عصر من يحني لها الرأس احتراما |
لا تلوموا الدهر في أعماله |
إنما العاجز من يبدي الملاما |
أيها القطر الذي في مجده |
ضارع النجم علواً ومقاما |
كلما رمت أناجيك بما |
في فؤادي قطع الدمع الكلاما |
لك من عهد حمورابي على |
سائر الأقطار فضلٌ لا يسامى |
وعلى آثاره قد شهدوا |
أنك المبدع في الأرض النظاما |
ودعاك العلم من أشياخه |
فلماذا صرت يا شيخ غلاما |
هل أعرت الشيب أيام الصبا |
أم تراجعت إلى دور اليتامى |
بدأ العلم بمغناك فهل |
فيه تحظى اليوم بدءاً وختاما |