أيار شهرك بالكوارث مفعم |
أبقيتها ذكرى يغص بها الفم |
وفظايع الأيام تبقى مثلما |
تبقى السمات وإن تعفّى الميسم |
لست ابن يومك بل عصارة فترة |
كان الهوى في ظلها يتحكم |
مضت السنون وأنت في أحشائها |
كجنين فاجرةٍ أتاها مجرم |
وعلى خطاياها نموت وهكذا |
شأن البغي باثمها تتوحم |
حتى إذا حان المخاض بليلة |
ليلاء والرقباء عنها نومُ |
عصفت بيومٍ جئت فيه بوارحٌ |
لا الدمع خفف لفحهن ولا الدم |
وتحولت بغداد كهفاً موحشاً |
فيه بدا من كل شق أرقم |
رفعت أبالسة الظلام رؤوسها |
في جوفه والكهف داج مظلم |
لم تلق الا خائفاً من أهلها |
فكأن فيها كل شخصٍ مجرم |
يتهامسون وفي العيون تطير |
من ذعرهن وفي الوجوه تجهم |
غلب الصموت عليهم فلو اكتفوا |
بالحدس والإيماء لم يتكلموا |
لم يمض ليلٌ غارقٌ في شؤمه |
إلا وأعقبه صباح أشأم |
قل للطعينة في أسنة أهلها |
عقم العلاج وما لجرحك بلسم |
تركوك للأقدار كالمضنى الذي |
في جسمه انتشر الدم المتسمم |
بغداد عفواً فالحقيقة غايتي ال |
مثلى وقولي ليس فيه تهجم |
لو تفصح الإجرام عنك وعنهم |
قالوا زبانية وأنت جنهم |
أو ترجع الموتى إليك لأيقنوا |
أن المنية من حياتك أرحم |
نسجت بك الفوضى خيوط ظلامها |
حتى تغشى الشمس لونٌ أقتم |
هذي نتائج حانةٍ بك أفسدت |
في عصرها الكرم الذي هو حصرم |
ملأت بنشوته المسامع بعدما |
سمته خمراً وهو صابٌ علقم |
وبنت على تلك الدعاية كذبها |
والكذب ما يبني عليه يهدم |
فكأنها الألغام فيك تفجرت |
وكأنما أهل البلاد المنجم |
لا تأخذنك رأفةٌ في مجرمٍ |
فالجرم صفحك عنه جرم أعظم |
وفساد هذا الناس رؤية بعضهم |
للآثمين كأنهم لم يأثموا |
هم كلما رأوا الجرائم سيطرت |
قالوا لجانيهن أنت الضيغم |
وعجبت ممن شن غارته على ال |
وطن الذي بظلاله متنعم |
وأثار حرباً كان عنها في غنى |
لولا فؤادٌ بالرياسة مغرم |
قد دبرتها في الخفاء عصابةٌ |
والشعب لم يعلم بما قد أبرموا |
كانت أوامرهم كآجال الورى |
لم يعرهن تأخر وتقدم |
خلت الوطاب فلا ضمير برادعٍ |
عما جنوه ولا فضيلة تعصم |
غرتهم الفوضى التي بعثتهم |
فتنطعوا في ظلها وتنعموا |
للحرب قادتهم وحين تورطوا |
جهلاً بعاقبة الأمور تندموا |
أين الذي اختار الفرار وعنده |
أن الفرار من الجهاد محرم |
من كان يؤمن مثله بجهاده |
لم يعنه غير الشهادة مغنم |
لم لم يواسي الخائضين غمارها |
من راح بين جموعهم يتزعم |
جيشٌ يساق وما له من عدةٍ |
ودم يراق وما له مستعصم |
في كل مجتمعٍ تعج ثواكلٌ |
بثبورها وبكل حي مأتم |