يا غارس الورد ما هذي الأزاهير |
أصنعة هي أم خلق وتقدير |
باللَه هل هي أجساد مصورةٌ |
من جوهر الطف صيغت أم تصاوير |
ماذا به لقحت أم لا لقاح لها |
وهل لها فيه تأنيث وتذكير |
زهت سناء فيها سبحان بارئها |
أهكذا النور ينشي فوقه النور |
منثورة ما اغتدى من قبلها أبدا |
أزهى وأبهى من المنظوم منثور |
تخالفت صيغاً فيها قد ائتلفت |
كأنما الخلف للتوفيق تثمير |
تهتز من طرب باد ببهجتها |
تلك الغصون النديات المهاصير |
كل يعانق إلفاً ليس يعرفه |
لكنه فيه مغبوط ومسرور |
طوراً يحييه مهتزاً وآونةٌ |
يلتف فيه اشتياقاً وهو مأطور |
ما أبهج الغصن وسط الروض مناطراً |
بوردةٍ حولها تزقو العصافير |
كأنه غادةٌ ماست ومذ برزت |
بخدها الصلت غنتها المزامير |
ما ألطف النهر مواجاً يلفعه |
ثوب من الآس بالأزهار مزرور |
أن هلهل الروح منه أخلفه |
درعاً به من ظلال الزهر تحبير |
يسري الهلال عليه زورقاً وله |
من النجوم التي تجري مسامير |
ما أنضر الروض في الأصال تحسبه |
قطائفاً زينتهن التصاوير |
يسقي الثرى جذره الأدنى بدرته |
والفرع يندي كأن الفرع ممطور |
مدت له ألسناً حرماً تذوقه |
شمس لها فوق شمس الزهر تكوير |
يا أيها الروض أني عدت من شجني |
بما عليك من الأزهار منثور |
هل أنت تسعفني أم هل يبل صدى |
أحشاي عذب نمير فيك مقرور |
إن لم يكن يسعف المسوع لي إذنا |
فليسعد القلب بالعينين منظور |
حاشاك تكسر قلب الصب تروعه |
فالكسر أسرع ما تلقى القوارير |
أغدوا على بقلبي كي أروحه |
ولي بغيرك تبكير وتفكير |
خلائق المصلحين الصيد قد فسدت |
فكيف تصلح في الخلق الجماهير |
كل يقدر حقاً ما يكون له |
وغيره ما له وزن وتقدير |
كأن كلا على كل له ترة |
قديمة أوذمام منه مخفور |
أشهره هي ما يبغي باثرته |
والشهم في غير حب الذات مشهور |
يا عاشقاً ذاته إن الهيام بها |
في شرعة العقل والأديان محظور |
كل له مثلها ذات معشقة |
غدا لها آسراً إذ أنت ماسور |
دبرتها فذة فيما يلائمها |
وأن تدبيرها للنوع تدمير |
كأنها بين جني كاسر تركت |
سواك بالجنب منها وهو مكسور |
أين العواطف ضلت وهي خائرةٌ |
وأين أضحى الناخي وهو مقبور |
الطير يألف طيراً مثل خلقته |
ولا يداني سوى اليعفور يعفور |
ما أنت شيئ سوى الإنسان نعرفه |
تقسو عليه وقد تحنو المقادير |
لا شك إن أباك القرد إن صدقت |
تلك المزاعم أو هذي الأخابير |
يا رحمتاه لموقور بمحنته |
بالماء مرتكس بالطين مغمور |
يشفي فيسعد أقوام بشقوته |
أهكذا يظلم المأجور مأزور |
يكد دهراً ولكن بيته خرب |
وبيت مالك رأس المال معمور |
يمسي على الأرض ممدوداً بشمتله |
والهم فوق الفتى الممدود مقصور |