يَا مَنْ مَلَكْتَ فُؤَادِيْ والهَوَى قَدَرُ | |
|
| أَبَعْدَ فُرْقَةِ دَهْرٍ جِئْتَ تَعْتَذِرُ؟ |
|
أَبَعْدَ خَمْسِيْنَ عَامَاً جِئْتَ تَسْأَلُنِيْ | |
|
| عَنْ ذِكْرَيَاتٍ طَوَى أَسْفَارَها السَّفرُ؟ |
|
هَجَرْتَنِيْ: فَسَلا قَلْبِي مَوَاجِعَهُ | |
|
| وَ صَارَ كَالجَمْرِ يَخْبُو ثُمَّ يَنْدَثِرُ |
|
مَاذَا أَقُوْلُ لِمَنْ في العَيْنِ صُوْرَتُهُ | |
|
| مَحْفُوْرَةٌ وَ لَهُ في مُهْجَتِيْ صُوَرُ؟ |
|
لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا بِيْ مِنْ جوَى غَرِقَتْ | |
|
| عَيْنَاكَ بِالدَّمْعِ يَا مَنْ دَمْعُهُ دُرَرُ |
|
يَا سَامِرَ اللَّيْلِ وَ الكَاسَاتُ تَصْرَعُهُ | |
|
| لَا ذَنْبَ بَعْدَ فَوَاتِ العُمْرِ يُغْتَفَرُ |
|
كَانَتْ مَلاذَاً لَنَا تِلْكَ الرُّبَى فَغَدَتْ | |
|
| قَفْرَاً يَبَابَاً وَ قَدْ عَاثَتْ بِهَا الغِيَرُ |
|
عَلَّلْتُ نَفْسِيْ وبِيْ جُرْحٌ يُلازِمُنِيْ | |
|
| مَدَى الحَيَاةِ عَصِيٌّ بُرْؤُهُ عَسِرُ |
|
صَوْتٌ مِنَ الغَيْبِ نَادَانِيْ فَرَوَّعَنِيْ | |
|
| أَفِقْ مِنَ النَّوْمِ فَالأَحْلامُ تَنْتَحِرُ |
|
سَأَلْتُهُ بَاسِمَاً فَازْوَرَّ يَرْمُقُنِيْ | |
|
| و كُلَّمَا زدْتُ في الإِلْحَاحِ يَخْتَصِرُ |
|
مَا سِرْتُ إلاَّ وأَطْيَافٌ تُلاحِقُنِيْ | |
|
| حُرَّاسُهَا السِّحْرُ وَ الإِدْلالُ وَ الخَفَرُ |
|
كَانَتْ تَجِيْءُ وتَغْدُو وهْيَ رَافِلَةٌ | |
|
| بِالخَزِّ والتِّبْرِ والدِّيْبَاجِ تَأْتَزِرُ |
|
بِالأَمْسِ كُنْتُ كَعُصْفُوْرٍ عَلَى فَنَنٍ | |
|
| أَشْدُو وَ أَلْهُو وأَحْلامُ الصِّبَا كُثُرُ |
|
لَكِنَّنِيْ اليَّوْمَ والأَرْيَاحُ عَاتِيَةٌ | |
|
| في دَاخِلِيْ وخَرِيْفُ العُمْرِ يُحْتَضَرُ |
|
أَصْبَحْتُ كَالصَّخْرِ لا صَوْتٌ يُهَيِّجُنِيْ | |
|
| و لا غِنَاءٌ ولا كَأْسٌ ولا وَتَرُ |
|
تَبَخَّرَ الحِسُّ مِنْ قَلْبِيْ ومِنْ كَبِدِيْ | |
|
| حَتَّى غَدَوْتُ كَوَهْمٍ مَا لَهُ أثَرُ |
|
كَزَوْرَقٍ تَاهَ والأَمْوَاجُ تَدْفَعُهُ | |
|
| عَبْرَ المَجَاهِيْلِ حَيْثُ المُنْتَهَى الخَطِرُ |
|
جَاءَ الخَرِيْفُ يُعَرِّيْ كُلَّ بَاسِقَةٍ | |
|
| فَكَيْفَ يَصْدَحُ عُصْفُورٌ وَ لا شَجَرُ؟ |
|
وَ كَيْفَ تَزْهُو وُرُوْدٌ في مَنَابِتِهَا؟ | |
|
| و النَّحْلُ فَارَقَهَا والطَّلُّ والمَطَرُ |
|
وكَيْفَ يَضْحَكُ مَنْ في صَدْرِهِ وَجَعٌ؟ | |
|
| و كَيْفَ تَحْلُو سَمَاءٌ مَا بِهَا قَمَرُ؟ |
|
صَارَتْ ضِفَافُ الهَوَى صَحْرَاءَ خَاوِيَةً | |
|
| و الغُصْنُ عَرْيَانُ لا زَهْرٌ ولا ثَمَرُ |
|
وأَغْصُنُ البَانِ تَلْوِيْ وهْيَ ظَامِئَةٌ | |
|
| و قَدْ تَجَمَّدَ فِيْهَا رِيْحُهَا العَطِرُ |
|
كَمْ يَحْمِلُ اللَّيْلُ في طَيَّاتِهِ غُصَصَاً | |
|
| لِلعَاشِقِيْنَ وكَمْ يُضْنِيْهُمُ السَّهَرُ |
|
كَمْ وَقْفَةٍ لِيْ على الأَطْلالِ حَائِرَةٍ | |
|
| حَزِيْنَةٍ ونُجُوْمُ اللَّيْلِ تَسْتَحِرُ |
|
كَمْ كَانَ يُشْجِيْ فُؤَادِيْ نَوْحُ بَاكِيَةٍ | |
|
| عَلَى الغُصُوْنِ وفي آهَاتِهَا عِبَرُ |
|
كَمْ جئْتُ أَمْسَحُ جُرْحَاً نَازِفَاً وَ يَدِيْ | |
|
| مَغْلُوْلَةٌ بِقُيُوْدٍ مِثْلُهَا الإِبَرُ |
|
وكَمْ أَفَقْتُ عَلَى حُلْمٍ أَهِيْمُ بِهِ | |
|
| و في فُؤَادِيْ لَهِيْبُ النَّار يَسْتَعِرُ |
|
تَدَافَعَ الشَّكُّ في صَدْرِيْ فَصَيَّرَنِيْ | |
|
| كَمَوجَةِ البَحْرِ تَطْغَى ثُمَّ تَنْحَسِرُ |
|
يَا لائِمِيْ إنَّنِيْ أَصْبَحْتُ مُنْدَثِرَاً | |
|
| تَحْتَ الرَّمَادِ فَلا وَهْجٌ ولا شَرَرُ |
|
ولا قَرِيْبٌ ولا خِلٌّ أُقَاسِمُهُ | |
|
| هُمُوْمَهُ أَوْ نَدِيْمٌ شَاقَهُ السَّمَرُ |
|
لِمَنْ أغنِّيْ؟ لِمَنْ أَشْكُو الزَّمانَ لِمَنْ؟ | |
|
| قَصَائِدِيْ .. أُغْنِيَاتِيْ اغْتَالَهَا القَدَرُ |
|
لِمَنْ أُغَنِّيْ؟ وجُرْحِيْ صَارَ أُغْنِيَتِيْ | |
|
| و الدَّمعُ مِلْءُ جُفُونِيْ رَاقِدٌ حَذِرُ |
|
لِمَنْ أغنِّيْ؟ فَلا الآذَانُ صَاغِيَةٌ | |
|
| كَأنَّنِيْ حَجَرٌ أَصْدَى بِهِ حَجَرُ |
|
لِمَنْ تَفُوْحُ أَزَاهِيْرِيْ وقَدْ ذَبُلَتْ | |
|
| عَرَائِسُ الرَّوْضِ حَتَّى مَلَّهَا النَّظَرُ؟ |
|
والنَّفسُ نَزَّاعَةٌ لِلْحُبِّ مَعْدَنُهَا | |
|
| رُوْحٌ فَإِنْ أُثْقِلَتْ بِالْهَمِّ تَنْفَجِرُ |
|
كَأنَّهَا الوَرْدُ يُخْفِيْ في غَلائِلِهِ | |
|
| عِطْرَاً فَإِنْ مَسَّهُ الغَرْبِيُّ يَنْتَشِرُ |
|
تُعْطِيْ وتُعْطِيْ بِلا مَنٍّ ولا حَرَجٍ | |
|
| حَتَّى تَزُوْلَ ومِثْلَ الشَّمْعِ تَنْصَهِرُ |
|
سَاءَلْتُ نَفْسِيْ مِرَارَاً أَيْنَ مَنْ سَكَنُوا | |
|
| في مُهْجَتِيْ كَيْفَ عَادَوْنِيْ وَ قَدْ غَدَرُوا |
|
مَنَحْتُهُمْ كَلَّ إِحْسَاسِيْ وَ عَاطِفَتِيْ | |
|
| لَكِنَّهُمْ جَحَدُوا حُبِّيْ وقَدْ أَشِرُوا |
|
فَيَا رَسُوْلَ الهَوَى مَا عُدْتُ ذَا وَلَهٍ | |
|
| و لَنْ أُرَاوِغَ مَنْ في طَرْفِهَا حَوَرُ |
|
أرَّقْتَ جَفْنِيْ فَصَارَ اللَّيلُ يَأْلَفُنِيْ | |
|
| و الصَّمْتُ والآهُ والكَاسَاتُ والذِّكَرُ |
|