ألا فليجب طوعاً على رغمه النَّدَى |
دعائى فإنّى قد دعوتُ محمَّدا |
دعوتُ الذى إِن جالَ فى خاطرى اسمُهُ |
تلقَّيتُ من معناه مرعًى وموردا |
أخَا الغدوات الغُرِّ والموقفِ الذى |
بهِ السيف يخشى رهبةً أن يُقلَّدا |
أأترك باباً أنتَ لى قد فتحتَه |
وأقصدُ باباً غيرَ بابك موصَدا |
وأمدح أغراراً وأُصبح عبدَهم |
وكانوا لنا فى سالف الدَّهر أَعبُدا |
وما كرَّمتهم عِزَّةُ المال إِنَّما |
حَمى اللؤمُ عبداً أن يُرى الدهر سيدا |
لئن أخفتت صوتى السنون وأخمَلت |
قصائدَ كانت نابهاتٍ على المدى |
فقد حملت شعرِى الركابُ شوارداً |
فاتهمَ فى عَرضِ البلادِ وأنجدا |
وجابت بهِ الخمسَ اليوابس زمرةٌ |
لتُسمعَنى خلف المحيطِ له صدى |
ولم أرَ نفسى منذُ أصبحتُ شاعرا |
بأبلغَ منى فى مديحك مُنشدا |
ولو أنَّ نفسى صادفت فيهِ راحةً |
مِنَ العيش ما استرسلتُ فيهِ مقيَّدا |
إذن لرأيت الشمسَ فى الأفق حاولت |
لها بينَ ربَّات المسامع مقعدا |
ولكنَّهُ همٌّ ألحَّ على امرىءٍ |
تولَّى صباه ما أمرَّ وأنكَدا |
إِذا ساءَ حظُّ المرءِ يوماً رأيتَه |
اذا سارَ فيهِ يصلحُ الأمرَ أفسَدَا |
وأقتلُ ما تلقاهُ قولُ ميَسَّرٍ |
لذى العُسرِ يوصيهِ بأن يتجلَّدا |
وإن كريمَ الناس مَن جاد لم يُسَل |
وأكرم منه اليومَ من يحفظ اليَدَا |
فيا ابنَ فتى البطحاءِ وابنَ كريمِها |
أباً وأخاً وابناً ونفساً ومحتدا |
تَرعرعتَ فى جرثومةٍ لو رأى السُّها |
لهُ سبباً فى أصلِها لتمرَّدا |
يقولن رِيّث مدحَه وانتظر بهِ |
وحسبُك منه أن ترى السّلمَ موعدا |
وما ضرَّنى إِن ماجت الأرضُ بالوغَى |
وفاضت دِماءً بالأحبةِ والعدى |
ولى موئِلٌ أَعلا ابنُ محمودَ ركنَه |
وَظلَّ عليهِ قائماً متفقِّدا |
وما البحرُ إِلاّ البحرُ إِن غاض أو جرى |
وما البدرُ إِلاَّ البدرُ إِن غابَ أو بدا |
وما يستوى الجَودَانِ جَودٌ سألتَه |
وآخرُ معطٍ لا تَمُدُّ له يَدَا |
وأبلغُ من ذُلِّ السؤال شكايةٌ |
ترى العزَّ طيَّ الفقرِ فيها مجسَّدا |
أقولُ لدمعِى كلما سالَ دامياً |
لعلَّك تفنَى أو تكلُّ فتجمدا |
هى الحالُ حتَّى يقضىَ الله أمرَهُ |
مضَى اليومُ بالبأساءِ فانتظر الغدا |
ولو كنتُ كالتنين ينزع جلده |
لأَسعدتُ حظاًّ أولا لأَنجحتُ مقصدا |
محمدُ هل يُدعى السَّحابُ محمَّداً |
وإِلاَّ فما لى غِن دعوتُك أرعدا |
دعوتُك فاهتزَّت فقُلتُ لها اثبتى |
سحائبَ جودٍ فهو إِن شاء أسعدا |
إذا لم يُتح لى الله فى ظله العلا |
فلى قد أتاح الله فى يده الندى |
فتًى عرفت فيهِ الشبيبةُ فضلَها |
وعلَّمها أن الصِّبا لم يَكن دَدَا |
اذا ما توَلَّى المدح سمعَيه هزَّه |
مضاءً كما هزَّ الكميُّ المهنَّدا |
وما فضلُ مالٍ ليس يكسبُ ربَّه |
من الحمد والآثار ذكراً مخلَّدا |
قصدتُك والآمال عندى حوافلٌ |
فقد أبصرت للنُجح عندك مولدا |
تشقُّ اليك الريحَ مسكاً وعنبراً |
وتطوى اليك الأرض تبراً وعسجدا |
فلا تجعل الهيجاءَ عذراً على الندى |
فما ذكت الهيجاءُ إِلاَّ لتخمدا |
وهل أنا الاَّ فى رياضك طائرٌ |
رأى السَّرح مخضرَّ الجناب فغرَّدا |