يا جنة قام فيها الصائح الغرد |
يشدو ومهجته بالوجد تتقد |
يرجو لأغصانها ان تستقيم فقد |
مالت ويوشك ان يودي بها الاود |
رنت لدى الملأ العالين صرخته |
وحوله لم يكد يصغي لها أحد |
ماذا ينبه قومي كي ألم به |
رحماك ربي أكلّ القوم قد رقدوا |
ويلاه مما أرى من حالة بعثت |
حزني واخنى على عيشي بها النكد |
بملء مقلتي العبرى على وطني |
أبكي فما لي على ما نابه جلد |
يا للرجال متى شينت طرابلس |
ولو بأيسر ما في الدين ينتقد |
حتى غدا اليوم يجري في مغامزها |
أمر الخنا ولسان النهى منجمد |
والراقصات تراها خير منتجع |
والمومسات تباعاً نحوها ترد |
والجاهلون رأوا ما لم يروه بها |
قبلا فاصبح لا يُحصى لهم عدد |
وكان يعصمهم فقد المنال وقد |
يعدو على عصمة الإنسان ما يجد |
بطيّ ستر الحيا قد فسروا خطأ |
حرية نُشرت اعلامها الجدد |
واستغذبوا السُم من أم الخبائث وا |
لهفي ومذ وردوا حاناتها مردوا |
واصبح الدين امراً يُستهان بهذ |
بلا نكير كأن لم يبق معتقد |
ما هذه اللوثة السوداء بني وطني |
وأيّ قلب غيور ليس يرتعد |
اليس هذا مصير الجهل وا أسفا |
يا أمة للتقى اسلافهم عمد |
هلا اصختم لأصوات اردّدها |
أن تنشروا العلم فهو الردء والسند |
فما لكم قد لهوتهم عن ندا وطن |
بمثل معنى علاه لم يطف خَلَدُ |
كانت مدينتا الفيحاء جامعة |
من الفضائل ما لم يحوِهِ بلد |
فضل ودين وإيمان ومعرفة |
باللَه جاد بهنّ العلم والرشد |
والحزم والعزم فيها كان عزّهما |
بقومنا وكذا العرفان والمدد |
والعطف والجود والإيثار شيمتهم |
والكل عمّا سوى الاخلاص مبتعد |
وهكذا الأمر بالمعروف كان بهم |
كالنهي عن منكر الأعمال يُعتمد |
حثوا مطايا الهدى طول الحياة ومذ |
بانوا رزحن وضاع الرحل والقَتد |
واخجلتا إننا نعزى لهم ونرى |
أخلاقهم بيننا تُجفى وتفتقد |
ولّت مع القوم إذ ولّوا كما سقطت |
دمالج قد هوى من بينها العضد |
فلو توارثها الأبناء ما طُويت |
وقد يجدّد مجد الوالد الولد |