لقَد عفَت مِن ديارِ العِلمِ آثارُ | |
|
| فأَصبَحَ العلمُ لا أَهلٌ ولا دارُ |
|
يا زَائِرينَ ديارَ العِلمِ لا تَفِدُوا | |
|
| فَما بذاكَ الحِمَى والدَّارِ دَيّارُ |
|
تَرَحَّلَ القومُ عَنها واستَمرَّ بهم | |
|
| مُشَمِّرٌ مِن حُداةِ البينِ سَيّارُ |
|
قد أَورَدَ القومَ حادِيهم حياضَ ردىً | |
|
| فما لَهُم بَعدَ ذاكَ الوِردِ إِصدارُ |
|
تَبكِي السَّماءُ عليهِم وَهيَ كاسِفَةٌ | |
|
| لا الشَّمسُ شَمسٌ ولا الأَقمارُ أَقمَارُ |
|
والأَرضُ مِن بَعدِهِم ثَكلى مُرَزَّأَةٌ | |
|
| يعلو لَها مِن زَفيرِ الوجدِ إِعصارُ |
|
فلم تدع مَعلَماً فيها ولا عَلَماً | |
|
| ضَلَّ الهداةُ بِها والرَّكبُ قَد حَارُوا |
|
حُيِّيتِ يا دارَ سعدٍ غابَ مُسعِدُها | |
|
| يا طالما أنتِ أَوطانٌ وأَوطَارُ |
|
يا صَاحِبَيَّ تَعالَوا نقضِ واجِبَها | |
|
| فقبلَنا قَد وفت بِالعَهدِ أَحرَارُ |
|
عَهدِي بِها يَومَ شملِ الحَيِّ مُلتَئِمٌ | |
|
| في ظلِّهَا وَهيَ جنّاتٌ وأَنهارُ |
|
يا صاحِبَيَّ أَعِيرانِي جفُونَكُما | |
|
| جَفنِي قريحٌ ودَمعُ العَينِ مِدرَارُ |
|
وأَفرِغا في فُؤادِي فَضلَ صبرِكُما | |
|
| عدِمتُ صَبرِي وَفِي أَحشايَ تَسعَارُ |
|
يا بَينُ مهلاً أَتَدرِي ما الذي صَنعت | |
|
| بنا يداكَ ويأتِي مِنكَ إِشعَارُ |
|
لقَد رَمَيتَ بسهمٍ في مَقاتِلنا | |
|
| حياتُنا بعدَهُ يا بينُ أَقدارُ |
|
سهمٌ تخيَّرَ في الأحياءِ كُلِّهِمُ | |
|
| وهكَذا كانَ سهمُ البَينِ يَختارُ |
|
فَجَعتَنا بفتَى الفِتيانِ قاطِبةً | |
|
| كأنَّهُ تحتَ طَيِّ البُردِ أُسوارُ |
|
ماضِي العَزيمَةِ لا يلوِي عَلى أحَدٍ | |
|
| مُهَنَّدٌ مُرهَفُ الحدَّينِ بَتّارُ |
|
إِذا تَسابقَ فرسانُ البلاغَةِ فِي | |
|
| مَيدَانِها فلهُ سَبقٌ وإِظهارُ |
|
لهُ الإِمَارةُ في أهلِ اللِّسانِ كما | |
|
| لهُ الصَدارةُ إِن لاقتهُ أحبارُ |
|
بحرٌ مِن العلمِ قد جَفَّت مشارِعُهُ | |
|
| جمُّ الدَرارِي بعيدُ القَعرِ تَيّارُ |
|
فَخرُ المدارِسِ لا يُؤتَى بِمَسألَةٍ | |
|
| إِلّا لَها منهُ قرآنٌ وأخبارُ |
|
زَينُ المَجالسِ مَسلاةُ المُجالِسِ عَن | |
|
| هُمومِهِ وهوَ بالخَيراتِ أمّارُ |
|
خطِيبُ صِدقٍ خَلَت منهُ مَنابرُهُ | |
|
| وعِندَها مِنهُ للباقينَ إِنذارُ |
|
قد كانَ مِن بركاتِ الأرضِ إِنَّ لهُ | |
|
| ظِلّاً ظَلِيلاً وُتجنى مِنهُ أَثمَارُ |
|
أَبُو الفَضائِلِ عبدُ اللَّهِ طارَ لهُ | |
|
| صِيتٌ بعيدٌ وَطابَت مِنهُ أَسمَارُ |
|
علَيهِ مِنّا سلامُ اللَّهِ راحَ بهِ | |
|
| مِنّا إِلَيهِ عشِيّاتٌ وأَبكارُ |
|
قُم يا خليلِي نُقِم لِلعِلمِ مَأتمَهُ | |
|
| نَبكي عليهِ فخطبُ العلمِ كُبّارُ |
|
لَهفِي عَلَى سُرُجِ الدُّنيا التي طُفِئَت | |
|
| ولا يزَالُ لَها في النَّاسِ أَنوَارُ |
|
لَهفِي علَيهم رِجَالاً طالَ ما صبَرُوا | |
|
| وهكذا طالِبُ العلياءِ صَبّارُ |
|
مالُوا يَميناً عنِ الدُّنيا وزَهرَتِها | |
|
| لأَنَّها في عُيونِ القومِ أَقذَارُ |
|
وَصَاحبُوهَا بأَجسادٍ قلوبُهُمُ | |
|
| طيرٌ لَها في ظلالِ العَرشِ أَوكَارُ |
|
يا صاحِ دَعنِي أَسُفُّ التُّربَ حيثُ وَطَت | |
|
| أَقدَامُهُم فالهَوى العُذرِيُّ عَذّارُ |
|
هُمُ الَّذِينَ رَعَوا لِلعلمِ حُرمَتَهُ | |
|
| لِلعِلمِ بَينَهُمُ شأنٌ ومِقدَارُ |
|
صانُوهُ طاقَتَهُم عَمّا يُدَنِّسُهُ | |
|
| كَما يَصُونُ نفِيسَ المالِ تجّارُ |
|
وَأَحسَنُوا فيهِ تَصرِيفاً لأنَّهُمُ | |
|
| لهُم مِنَ اللَّهِ توفيقٌ وإقدَارُ |
|
رَأَوهُ كالنَّجمِ بُعداً ليسَ يُدرِكُهُ | |
|
| باعٌ قصِيرٌ وفَهمٌ فيهِ إِقصَارُ |
|
فدوَّنُوهَا فُروعاً منهُ دانِيةً | |
|
| لِكلِّ جانٍ تدَلَّت مِنهُ أَثمَارُ |
|
يا صاحِ فالزَم طريقَ القومِ مُتَّبِعاً | |
|
| فريقَهُم ليسَ بعدَ اليَومِ إِنظَارُ |
|
وواجِبٌ قصرُكَ الممدُودَ مِن أَمَلٍ | |
|
| مسافَةُ العُمرِ في دُنيَاكَ أَشبَارُ |
|
ويا أهِلَّةَ نجدٍ غابَ بَدرُهُمُ | |
|
| فهل لكم بعدَهُ في الناسِ إِسفَارُ |
|
آلَ المبارَكِ حازَ السَّبقَ أَوَّلُكُم | |
|
| فهل لكم بعدُ في الغايَاتِ تشمَارُ |
|
بَنَوا لكُم بيتَ مَجدٍ لا يُطاوِلُهُ | |
|
| بَيتٌ بَناهُ لِنُعمانٍ سِنِمّارُ |
|
فَشَيِّدُوا بيتَكُم لِلَّهِ دَرّكمُ | |
|
| لا تُهمِلُوهُ ففِي إِهمالِهِ عَارُ |
|
أقولُ هذا وَعِندِي أَنَّكُم خَلَفٌ | |
|
| فيكُم عَلَى السَّلَفِ الماضِينَ إِبرَارُ |
|
وَكلُّكُم فِي طِلاب المَجدِ مُنبَعِثٌ | |
|
| وَكلُّكُم لذُيُولِ الفَضلِ جَرّارُ |
|
والخَيرُ مازالَ خَيراً في مَعادِنِهِ | |
|
| تَوارَثَتهُ عنِ الأَخيارِ أَخيَارُ |
|
فأفرِغُوا في طلابِ العلمِ وُسعَكُمُ | |
|
| فإِنَّهُ لِمُرِيدِ السَّبقِ مِضمَارُ |
|
واحمُوا حِمَاهُ وخلُّوا وُدَّ تارِكِهِ | |
|
| وَبعدَ هَذا عباداتٌ وَأَذكارُ |
|
هَذِي السَّعادَةُ لا زِلتُم بِسَاحَتِها | |
|
| بِهَديِكُم يَهتَدي الأَهلُونَ وَالجَارُ |
|
فدونَكُم مِن بَناتِ الغيبِ سافِرَةً | |
|
| أَبدى مَحاسِنَها للأعيُنِ الثارُ |
|
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَى الشَّمسِ الَّتي ظَهَرَت | |
|
| في الكَونِ حتّى أَضاءَت مِنهُ أَسحارُ |
|
محمدٍ مَنبَعِ الأَنوارِ مُجتَمَعِ ال | |
|
| أَسرارِ ما بشَّرَت بالصُّبحِ أَطيارُ |
|