لامَت عَلى الصَبِّ لما سالَ مَدمَعه | |
|
| وَخابَ في مُلتَقى الاِحبابِ مَطمَعه |
|
فَقالَ وَالوَجدُ مِنهُ كادَ يَصرَعهُ | |
|
| لا تَعذليهِ فَان العَذل يولِعهُ |
|
قَد قُلت حَقّاً وَلكِن لَيسَ يَسمَعهُ
|
|
| وَقَلبهُ ذابَ شَوقاً من تلهبه |
|
وَاِذ رايَت التَصابي مِن مَذاهِبُه | |
|
| جاوَزتَ في عَذلهِ حَدّاً اضرَّ بِهِ |
|
مِن حَيثُ قَدرتِ اِن العَذل يَنفَعُهُ
|
يَكادُ يَقضي لِتَبريح النَوى اجلاً | |
|
| بَعد الاِحباءِ لعمري ان رَأى طَلَلاً |
|
مَفارِقَ من وِصال لَم يَنَل املاً | |
|
| فَاِستَعمِلي الرِفقَ في تَأنيبِهِ بَدلاً |
|
عَن عُنفِهِ فَهو مَضنى القَلب موجِعُهُ
|
وَهَل لَهُ وَيلهُ شَيءٌ يُؤَمِّلُه | |
|
| مَضنىً طَريح الهَوى وَالبَين موئِلُه |
|
لَدى النَوى ماله صَبرٌ يَجمله | |
|
| قَد كانَ مُضطَّلِعاً لِلخَطبِ يَحمِلُهِ |
|
فَضُلِّت لِخطوب البَينِ اضلعه
|
لا شَيءَ عَن ذِكرِكُم في البُعدِ اشغله | |
|
| وَلَم يطع في هَواكُم قَطُّ عَذَّله |
|
واحَسرَتاه مَعنّىً شفَّه الولهُ | |
|
| يَكفيهِ من لَوعَة التَشتيتِ ان لَهُ |
|
مِنَ النَوى كُل يَوم ما يَروعُهُ
|
يا طالَما عَضَّ نَدماناً اِصابِعُهُ | |
|
| وَالصَبرُ هَيهات عَنكُم ان يُطاوِعُهُ |
|
حَليف وَجد فَكم اِجرى مَدامِعهُ | |
|
| ما آب من سَفر الا وَصارَعه |
|
رَأيٌ الى سفر بِالرُغم يَجمَعه
|
فَما سِوى حُبِّكُم في الناسِ تَيَّمه | |
|
| وَلا سِوى ذِكرُكُم في البُعدِ هَيَّمه |
|
وَيلاه كَم دائِم التِرحالِ اسقَمه | |
|
| تَأبى المَطامِعُ الا ان تجشمه |
|
لِلرِّزقِ ندّاً وَكَم مِمَّن يودِعه
|
مُتَيَّمٌ بِالنَوى اِذ خابَ في املٍ | |
|
| قَد راحَ يَسعى بِاِظعان عَلى عجلٍ |
|
فَكَم رَواحِل اِضناها وَكَم جملٍ | |
|
| كَأَنَّهُ وَهو في حلٍ وَمُرتَحلٍ |
|
موكِل بِفَضاءِ الاِرضِ يذرعه
|
لا بدع مِنهُ فوادٌ ان يَذوب اسىً | |
|
| وَيَختَفي عَن عُيونِ العائِدينَ ضَنىً |
|
فَكَم يُقاسي بِشَوق في البِعادِ جَوىً | |
|
| اِذا الزَمانُ اِراهُ في الرَحيلِ عنىً |
|
وَلَو الى السَند اضحى وهوَ يَزمَعُه
|
لِمَ التَجَشُّمُ وَالاِيّام باخِلَةٌ | |
|
| بارغد العَيشِ وَالاِقدارِ عامِلَةٌ |
|
فَالسَعي لا شَكَّ وَالاِسفارُ باطِلَةٌ | |
|
| وَما مُجاهِدَة الاِنسانِ واصِلَةٌ |
|
رِزقاً وَلا دعة الاِنسانِ تَقطعهُ
|
يا قَلب يَكفيكَ لِلاِسفارِ تَقتَحِم | |
|
| وَفي ظُعونِ النَوى تَسعى وَتَزدَحِم |
|
فَلا تَخف قَطُّ رِزقاً عَنكَ يَنحَسِمُ | |
|
| قَد قَسم اللَهُ بَينَ الناسِ رِزقَهُم |
|
لَم يَخلِق اللَهُ من خَلق يُضيعهُ
|
فَكُلُّ حَيِّ لَهُ رِزقٌ اِلَيهِ سَرى | |
|
| مِن عالَم الغَيبِ عَنهُ لَيسَ مُنحَصِرا |
|
وَفَضلُ رَبّي اِلى كل العباد جَرى | |
|
| لكِنَّهُم مَلئوا حِرصاً فَلَست تَرى |
|
مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تَقنعهُ
|
فَيا حَريص عَلى الدُنيا وَما سُئمت | |
|
| نَفسٌ لَهُ عَلَيها في الوَرى وَلؤُمت |
|
مَهلاً مَساعيكَ بِالحِرمان قَد رميت | |
|
| فَالحِرص لا شَكَّ وَالاِرزاقُ قَد قَسَمَت |
|
بَغيٌ الا ان بَغي المَرءِ يَصرَعَهُ
|
يَكفيكَ ما من حُطام رُحت تَجمَعُهُ | |
|
| وَمن يَدَيكَ المَنايا سَوفَ تَنزعهُ |
|
وَهَل تَرى صاحَ سَعي المَرءِ يَنفَعُه | |
|
| وَالدَهرُ يَعطي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعهُ |
|
رِزقاً وَيَحرِمُهُ مِن حَيثُ يَطمَعه
|
قَد ابعَدتَني عَن الاِوطانِ مُندَحِراً | |
|
| مَطامِعٌ اِورَثَتني وَيلها كَدراً |
|
وَاِذ نَأى بي النَوى قَد قُلت مُبتَدِراً | |
|
| اِستَودَع اللَهُ في بَغدادَ لي قَمراً |
|
بِالكَرخ مِن فَلَك الآزار مَطلَعُهُ
|
يا لَيتَ ما كانَ يَومٌ راحَ يُفجِعُني | |
|
| في مَن احب وَاِشجاني تَلوعني |
|
وَاِذ تَنادوا بِتِرحالِ يَروعُني | |
|
| وَدعته وَبودي لَو يُوَدِّعُني |
|
طيب الحَياةِ وَاِنّي لا وادعه
|
يا طالَما كُنتُ من قَبل أُعانِقُهُ | |
|
| وَالدَهرُ مَصروفَةُ عَنّا طَوارِقُهُ |
|
وَاِذ لَنا البَينُ قَد لاحَت بَوارِقهُ | |
|
| كَم قَد تَشفَع اِنّي لا اُفارِقُهُ |
|
وَلِلضرورات حالٌ لا تَشفَعُهُ
|
مِن بَعد ما كُنت اِمشي في الهَوى مَرِحاً | |
|
| اِصبَحتُ من بَعدِهِ لا التَقي فَرِحاً |
|
كَم زادَ قَلبي لَدى تَوديعُه ترحاً | |
|
| وَكَم تَشبت بي يَوم الرَحيل ضحىً |
|
وَاِدمُعي مُستَهَلّاتٌ وادمعه
|
القَلبُ مِن بَعدِهِ بِالوجدِ مُحتَرِقٌ | |
|
| وَعاذِلي دائِماً لِلسَّمعِ مُستَرِقٌ |
|
كَيفَ الحَياةُ لِصَبٍّ عَنهُ مُفتَرَقٌ | |
|
| لا اِكذب اللَه ثَوب العُذر مُنخَرِقٌ |
|
عَنّي بِفُرقَتِهِ لكِن ارقعه
|
مالي وَلِلدَّهرانِ اِشكو قَساوَتُهُ | |
|
| لَو مد ما بَينَنا بعداً مَسافَتُهُ |
|
فَلَيسَ لي الحَق ان ابدى مَلامَتُهُ | |
|
| رُزِقت ملكاً فَلَم احسن سِياسَتُهُ |
|
كَذاكَ مَن لَم يَسوس المُلكَ يَخلَعُهُ
|
وَهَل لَومُ القَضا فيما بنا نَزَلا | |
|
| وَالذَنبُ ذَنبي فَما غَيري لَهُ فِعلا |
|
بَطَرَت من نِعمَةِ قَلبي بِها اِشتَفلا | |
|
| وَمن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعيمِ بَلا |
|
شكر عَلَيهِ فان اللَهَ يَنزعه
|
|
| ان شَفني لاعج الاِشواق وَالوَله |
|
انا المُفرِط في مالِ تَخوله | |
|
| كَم قائِل ذاكَ ذَنبُ البَين قُلتُ لَهُ |
|
الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَست اِدفَعُه
|
لِلَّهِ اوقات صَفو كُنت احمَدُها | |
|
| مَضَت ضَياعاً وَعني زالَ اِسعَدُها |
|
فَقُلتُ وَالوجدُ اِنفاسي يَصعَدُها | |
|
| يا مَن اِقطَع اِيّامي وَاِنفذها |
|
حُزناً عَلَيهِ وَلَيلى لَست اهجعه
|
وَيل لِقَلب لَهُ طرف الحَبيبِ اِذا | |
|
| رَنا رماهُ بِسَهم فيهِ قَد نَفَذا |
|
مُحَبَّبٌ لي بِذِكراهُ يَفوحُ شَذا | |
|
| لا يَطمَئِن لِجَنبي مَضجَعٌ وَلِذا |
|
لا يَطمَئِن لَهُ مذ غِبت مَضجَعه
|
ريمٌ اِذا ريم مِنهُ الوَصل مِن احدٍ | |
|
| ابدى نِفارا وَاِصمى الصب في كَبدٍ |
|
فَلَم اذل مَعه وَالعَيشُ في رَغدٍ | |
|
| حَتّى جَرى الدَهر فيما بَينَنا بِيَدٍ |
|
عَسراءَ تَمنَعُني حَظّي وَتَمنعه
|
قَد كانَ فيهِ لِساني لاهِجاً طَلِقاً | |
|
| لَم اِخشَ من عذلي لِلسَّمعِ مُستَرِقاً |
|
حَتّى غَد شَملُنا بِالبَينِ مُفتَرِقاً | |
|
| وَكنت مِن رَيب دَهري خائِفاً قَلِقاً |
|
فَلَم اوقَّ الَّذي قَد كُنت اجزَعه
|
لِلَّهِ ظَبيٌ اِذا ما ثَغره اِبتَسَما | |
|
| غَيظاً نَرى البَدر مِنهُ اِنشق وَاِنقَسَما |
|
فارعَ الهي ايا من بِالجلال سَما | |
|
| من عِندَهُ عُهودٌ لا تَضيعُ كَما |
|
عِندي لَهُ عَهدُ صِدق لا اِضيعه
|
نَدِمتُ لكِن عَلَيهِ لَيسَ يَنفَعُني | |
|
| وَاللَهُ من نَدم لا زالَ يُفزِعُني |
|
ظَبيٌ ارى البَين عَنهُ راحَ يَمنَعُني | |
|
| لأَصبِرَنَّ لِدَهر لا يَمتَعني |
|
بِهِ وَلا بِيَّ في حالِ يَمتعه
|
فان تَمادى النَوى بَعدا بِجيرَتِنا | |
|
| وَلَم يَزُرني خَيالٌ مِن احِبَّتِنا |
|
وثقت بِالصَبرِ اِرجو جَمع صُحبَتَنا | |
|
| عَسى اللَيالي الَّتي اِضنَت بِفرقتِنا |
|
قَلباً سَتَجمَعُني يَوماً وَتَجمَعه
|
وَاِضرَعن لِمَن في العَرشِ عِزَّتُه | |
|
| سُمت وفوق علا الاِمجادِ سدته |
|
عَسى يجمَّع من شَملي مشتته | |
|
| وَاِن تَنَل احداً مِنّا مُنيَته |
|
فَما الَّذي بِقَضاء اللَهِ يَصنَعهُ
|