عَلامَ يَلوم العاذِلون عَلى وَجدي |
وَما ضَرَّهُم أَنّي أكابده وَحدي |
أَروح بِأَشواقي وَأغدو بِصَبوَتي |
فَمِن شَجوه شَجوي وَمِن سُهدِهِ سُهدي |
شَجاني حمام الدَوح مِن رَوضة الحِمى |
فَهيّج أَشجاني وَلَم يَألُ عَن جهدِ |
أَعاد وَأَبدى ساجِعاً وَمُغَرِّداً |
وَبتّ شَجيّاً لا أعيد وَلا أبدي |
أَقول لَهُ وَالصَبّ يَأنس بِالرَجا |
وَيَطمَع مِن أَحبابه بِوَفا الوَعدِ |
أَلا يا حَمام الأيك هَل أَنتَ مُنجِدي |
إِذا هَينمت نجديّة مِن حمى نَجدِ |
وَيا بُلبل الأَغصان هجت بَلابِلي |
أَعندك مِن حرّ الجَوى بَعض ما عِندي |
أَهيم وَأَصبو كُلَّما هَبّت الصبا |
فَلا صَبوتي تُغني وَلا عبرَتي تجدي |
تَذكّرت عهدي مِن سُعادٍ فَلَم أَجد |
بِهِ مسعداً لي في دِيار بَني سَعدِ |
وَقُمت أُناجي الفرقدين كَأَنّني |
جذيمة إِذ غابَت نهاه عَن الرُشدِ |
بِنَفسي الَّتي نَفسي أَقلّ هباتها |
عَليَّ إِذا ما أَنعَمَت ليَ بِالودِّ |
أعزّ حَياتي أَن أذلَّ لعزّها |
وَخَير صِفاتي قَولها لِيَ يا عَبدي |
وما ضَرَّني أن لا أَرى لي مُعاهِدا |
إِذا هِيَ قالَت نَحنُ مِنكَ عَلى العَهدِ |
وَفت لي وَكانَت كَالسموأل بالوَفا |
وَكانَت عُهودي عِندَها أَدرع الكندي |
إِلى اللَه أَشكو ظلم مَن لَيسَ عاذِري |
بِأُخت العَذارى الغيد عادلة القدِّ |
مَليكة حُسن تَحت رايات شعرِها |
نُجوم الدَراري بَدرها قائد الجُندِ |
مَهاة إِذا ما حاربتك جُفونها |
أَرَتك بِأَشراك المَها مَهج الأُسدِ |
تَمرّ فَيَحلو مرّ صَبري عَلى النَوى |
إِذا ما تَصَدّت عَن دلال إِلى الصَدِّ |
وَتَحنو عَلى وَجدي بِها وَتَنهّدي |
إِذا أَطلَعت مِن صَدرِها كَوكَبي نهدِ |
إِذا عايَنت نار الخَليل بِمُهجَتي |
أَماطَت وَحيّت بِالسَلام وَبِالبَردِ |
فَيا جنّةً عيني بِها لَو تخيّرت |
لَما اِستبدلتها العَين في جَنّة الخلدِ |
هِيَ الشَمس لا عَيب يُرى بِجَمالِها |
وَلَكن بِهِ غَيب عَن الأَعيُن الرُمدِ |
بِها سَعدت أَوقات أُنسي فَأشرقت |
وَنجمي بِسَعد اللَه في طالع السَعدِ |
همام هُوَ البَدر المُنير الَّذي سَمَت |
بِهِ الرُتبة العَلياءُ في فلك المَجدِ |
وَفى للحجا عَهداً عَلى البرّ وَالتُقى |
كَما عَهد الهادي إِلى السَيّد المَهدي |
إِذا عُدَّ أَعلام الهُدى مِن أُولي النُهى |
أَشارَت لَهُ الأَيّام بِالعلم الفَردِ |
وَما زانَ جيدَ المَجدِ عقدُ فَرائِدٍ |
مِن الناس إِلّا كانَ واسطة العَقدِ |
هُوَ البَحر إِلّا أَنَّهُ العَذب ما بِهِ |
هياج يَروّي القَلب في الجزر وَالمَدِّ |
رَوى فعله عَن طيب عنصر أَصلهِ |
أَحاديث صدق عن أَبيه عَن الجَدِّ |
شَمائل أَذكى مِن شَذا شَمأل الصبا |
هيَ الندُّ لَكن صانَها اللَهُ عَن نِدِّ |
وَأَخلاق شَهم كَالرِياض تَسلسلت |
جَداولها بَينَ الأَقاحيّ وَالوَردِ |
مَكارم لَو عَدَّدتها لَتمنّعت |
عَلَيكَ وَهَل لِلأَنجُم الزهر مِن عدِّ |
محيّا عَلى الدُنيا تَلا سورة الضُحى |
وَبَأس عَلى الأَعدا تَلا سورة الرَعدِ |
وَصيت سَرى في الأَرض شَرقاً وَمَغرِباً |
فَأَغرَب في سَمع وَأَعرَب عَن حَمدِ |
هُوَ العَربيّ الطَبع ذُو الهمّة الَّتي |
هِيَ السمهريّ اللدن وَالصارم الهندي |
تَميّز عَن أَضدادهِ بِمناقِبٍ |
هِيَ الفَضل وَالأَشياء تَمتاز بِالضدِّ |
تَواضع ذي مَجد وَعفّة قادر |
وَرَأفة ذي جُود وَهمّة ذي جدِّ |
وَكَم جاهل لِلمَجد تَطمَحُ عَينُهُ |
وَثَغر المَعالي مِنهُ يَضحَكُ عَن بُعدِ |
وَما شرَّف العَلياء مِن أَهلِها سِوى |
فَتىً أَرضَعته ثَديها وَهوَ في المَهدِ |
إِذا نَظر الدُنيا اِستَقَلّ حُطامها |
بِعَين تَقيٍّ كحلها إِثمد الزهدِ |
صِفات كَمالٍ خَصَّهُ اللَه منّةً |
بِها وَمحال قسمة الجَوهر الفَردِ |
سَما عَن نَظير في العُلى وَمناظرٍ |
وَعَن جاحِدٍ نَذلٍ وَعَن حاسِدٍ وَغدِ |
وَحلَّ مِن الإِسكندريّة ساحة |
بَناها عَلى حكم المَكارم لِلوَفدِ |
فَكانَت بِحَمد اللَه لِلناس جنّةً |
وَفَوزاً لآمال العفاة ذوي القَصدِ |
وَزار حِمى بَيروت فَاِبتهجت بِهِ |
سُروراً وَأضحت منهلاً صافي الوردِ |
وَللشام أَضحى شامة حينَ زارَها |
وَزادَت جَمالاً إِذ غَدا شامة الخَدِّ |
وَعادَ وَكانَ العود عيداً بِهِ الهَنا |
يَفيض عَلى رَوض القُلوب بِلا حَدِّ |
قُدوم أَتى بِالخَير يا خَير قادم |
عَلَينا قُدومَ الغَيث لَكن بِلا رَعدِ |
أَبا أَحمَد لا زالَ حمدك سائِغاً |
عَلى أَلسُن المدّاح أَحلى مِن الشهدِ |
حِماك حَماك اللَه أَمّت بَديعة |
وَجاءَت مِن الإِبداع ترفل في بردِ |
ربت في ربى نَجد وَعَن طَبعِها رَوَت |
نَسيم الصبا بَينَ العباهر وَالرندِ |
أَتَت وَالمذاكي خَلفَها فَتقلّدت |
حلى الفَخر سَبقاً وَاِرعوت عطل الجردِ |
فَما اِرتفعت كَعب لكعب أَمامها |
وَلا نَبغَت أَقلام نابغة الجعدي |
هِيَ الغادة الحَسنا الَّتي فاقَ حُسنها |
وَأدهش مِن قَبلي سَناها وَمِن بَعدي |
فَلَيسَ لَها عَن ذكرِ فَضلك مِن غِنىً |
وَلَيسَ لَها عَن شُكر صنعك مِن بُدِّ |
ذكرت سَجاياك الَّتي توجب الثَنا |
فَأَصبح ما بَين الوَرى ذِكرها وردي |
أَقول هَوى هِند تَملّك خاطِري |
وَلَيسَ هَوى هِند عنيت وَلا دَعدِ |
وَلَكنّ أَوصافاً لَديك كَريمة |
ملكت بِها قَلبي وَكدت بِها ضدّي |
وَعقد كَمال زان مِنكَ شَمائِلاً |
تَملّكته مِن مالك الحلِّ وَالعقدِ |
فَكُن شَمس عزٍّ لا مَغيب لِنورِها |
يُنادي نَدىً لِلوَفد مَغناه وَالرَفدِ |
وَدُم في سُرور لا يشاب بكدرةٍ |
مَدى الدَهرِ واِسلم في صفا عَيشك الرَغدِ |