من لِصَبٍّ صَبا المَعاهد أَشجاه |
فَأَحالَت يَد النَوى مِنهُ حالا |
هاج وَجداً بِهِ تذكر مَغناه |
عِندَما هَبَّت النَسيم شمالا |
يا نَسيماً رَوى لَنا عطر رَيّاه |
خَبَراً عَن طُلوله فَأَطالا |
مَلعَب الغيد لِلنُفوس بِذكراه |
شَجنٌ صالَ في القُلوب وَجالا |
وَحمام الحِمى تَغنّى فَللّه |
كَم شَجا مُغرَماً وَدَمعاً أَسالا |
بِأَبي كُلّ أَحوَر الطَرف عَيناه |
أودعت مُهجة المُحبّ نِصالا |
بابليُّ اللحاظ تَنفث جِفناه |
بِفؤاد الكَليم سِحراً حَلالا |
باتَ بَدر البها وَقَلبي يَرعاه |
وَعُيوني بِالأُفق تَرعى مِثالا |
شفَّ جِسمي ضَنىً فَخلت بِمرآه |
فَوق مرآة خدِّهِ القَلب خالا |
لَيتَ ما بِالمُحبّ كانَ بِأَعداه |
فَلَقَد أَوسعت بِعَذلي مجالا |
وَلعمري ما كُلُّ ما يَتَمنّاه |
مُستَهامٌ يُقضى لَهُ أَن ينالا |
يا رعى اللَه عَهدَ أُنسٍ دَعوناه |
لِتَقاضي الهَنا فَلَبّى اِمتِثالا |
كَم خَلَونا بِبَدرِ تمٍّ جَلوناه |
وَلَقد تَمّم الجَميل وِصالا |
راحَ يَسعى بِكَأس راح حُميّاه |
وَمحيّاه قَد كَساه جَمالا |
فَحَكَت لِلعُيون بِهجَة مَجلاه |
قَمَراً أودعَ الشُموس هِلالا |
وَرَوى البَرق لي حَديث ثَناياه |
وَحَكى الغَيث مَدمَعي الهطّالا |
غُصن بانٍ أَم قَدّ مَن أَنا أَهواه |
رَنّحته يَدُ النَسيم فَمالا |
وَغَزالٌ قَد تاهَ وَالقَلب مأواه |
أَترى تيهاً اِنثَنى أَم دَلالا |
لَيتَ شعري مَن ذا بِصَدّيَ أَفتاه |
أَفظلماً سَطا عَليَّ وصالا |
أَم عَذولي بِتَرك ودّيَ أَغراه |
أَرسل اللَهُ لِلعَذول نكالا |
مَلَّ سَمعي مِن الملام وَأَعياه |
لُؤم لَوم الوشاة قيلاً وَقالا |
عاتِبي في معذّبي حَسبه اللَه |
كَم يَزيد اِشتِعال لبّي اِشتعالا |
ولَمى فيهِ لَو يَذوق لَما فاه |
بِملامٍ وَلا شَكَوتُ ملالا |
يا نَديم اِغتنم مِن العَيش أَهناه |
ثُمّ رِد منهل السُرور زلالا |
وَاِنتهز فُرصة الزَمان فَأَحلاه |
يَوم أُنسٍ صَفا فَطابَ فَطالا |
صاحِ مَن هَمُّهُ تَكاثرُ دُنياه |
زادَهُ همُّها أَذىً وَخَبالا |
فَاِقتصد وَاِعتَمد عَلى كَرَم اللَه |
وَاِقتَصر في الوَرى عَلَيهِ اِتِّكالا |
وَاِجعَل الصَبر لِلفُؤاد مناجاه |
فَاللَيالي مِن الزَمان حبالى |
لِمَتى تعتب الزَمان وَتلحاه |
وَإِلى كَم تَذمُّ مِنهُ فِعالا |
وَلَقَد نِلتَ في حِمى العزِّ وَالجاه |
مِن رِحاب الأَمين عَيشاً خضالا |
الأَمير الَّذي نَما فرع جَدواه |
وَعَلى الخافِقين مَدَّ ظِلالا |
قيل بَحر فَقُلت لُبنان مَعناه |
عَجَباً لِلبِحار تَعلو الجِبالا |
عَمَّ إِحسانه الأَنام وَحُسناه |
لا عدمنا مِن راحتيه نَوالا |
أَترى حين ماتَ آدمُ أَوصاه |
بِبَنيهِ فَظَلَّ يُنفق مالا |
كَرم قَد طَمت بِحار عَطاياه |
وَلَقَد أَرسَلَت سَحاباً ثِقالا |
وَسَخاءٌ لَو مَعن أَدرَك مَعناه |
لاِستماحت يَداه مِنهُ سِجالا |
شيم طيب نَشرها لَو ترواه |
نَشر طيب الصِبا لَصَحَّ اِعتِلالا |
شيم في الأَنام شَرّفها اللَه |
فَتَسامَت عُلىً وَطابَت خِصالا |
وَنُهىً عَن سِوى المَحامد تَنهاه |
هَكَذا هَكَذا وَإِلّا فَلا لا |
فَهوَ بَدرُ العُلى بِدارةِ عَلياه |
زادَهُ اللَه رِفعَةً وَكَمالا |
أَسد تَخضع الأُسود وَتَخشاه |
هَيبَةً وَالزَمان يَعنو اِحتِفالا |
حَرَمٌ فازَ مَن لَهُ كانَ مَسعاه |
وَبنادي نَداه حَطَّ الرِحالا |
مَن عَلى بابِهِ أَناخ مَطاياه |
نالَ فَوقَ الَّذي يُؤمّلُ مالا |
شَرَفٌ تَحسد النَجوم سَجاياه |
فَعَلى مَن سِواه عزَّ مَنالا |
لَو أَرَدنا نعدُّ حُسن مَزاياه |
كان تَصويرنا المحال محالا |
أَو أَقَمنا الزَمان نَشكُر نعماه |
أَنفدَ الشُكرَ أَنعُمٌ تَتَوالى |
أَو رَأَينا الثَناء يجزي مكافاه |
لَم نملّك سِواه مِنهُ عِقالا |
لَيسَ إِلّا الدُعاء عِندي مُوالاه |
لِعُلاه تَضَرُّعاً وَاِبتِهالا |
يعجب المعجون ساعَةَ أَلقاه |
بِمَديح سَما بِهِ فَاِستَطالا |
أَعجيب إِذا الكَريم مَدحناه |
وَنَظمنا لَهُ النُجوم اِرتِجالا |
كُلّ بَيت لَدَيهِ أعرب مَبناه |
أُدَباءٌ عَلَيهِ كانَت عِيالا |
أَيُّها المُنتمي الَّذي قَد نَحوناه |
فَأَرانا مُستقبل البشر حالا |
أَنتَ تاج العُلى وَكِسرى بن داراه |
ما غَلَونا في ذا المَقام مَقالا |
بَل هُو اِسم وَأَنتَ عَين مسمّاه |
وَالمُسمّى عَين اِسمه لا محالا |
إِن يَكُن جَوهراً فَأَنتَ هيولاه |
أَو سِوى ذاك كُنت أَنتَ جمالا |
فَهوَ لَفظ شَريفُ ذاتك مَعناه |
ما عَساه بِغَيرِها أَن يُقالا |
خَصَّك اللَه بِالَّذي أَنتَ تَرضاه |
فَلَهُ الحَمد وَالثَناءُ تَعالى |