أعد ذكر ماضي النيل للجيل مُنشِدا | |
|
| فَما أَعذب المَجد الأَثيل مرددا |
|
وَكَم مفخر للنيل باق مُخَلَد | |
|
| إِذا ذُكِرَ الأَقوام فَخراً مُخَلَدا |
|
نتيه بِماضينا القديم تَفاخُرا | |
|
| وَأَحرى بِأَن يَروى الحَديث فَيحمدا |
|
وَلَم أَرَ يَوم التل عارا وسبة | |
|
| وَلم أَرَه إِلّا أَعَز ممجدا |
|
أَنَخجَل إِن قُمنا نَذود عَن الحِمى | |
|
| وَيَسحَب أَذيال الفَخار مَن اِعتَدى |
|
تَدفق مِن عَبر المُحيط مُهددا | |
|
| فَما حَفلت آباؤنا مَن تَهددا |
|
وَقالوا شباة السَيف دُون عَدونا | |
|
| وَإِن يَك عَرض البر وَالبَحر أَيَدا |
|
إِباء تَليد المَجد قر لَهُ رضى | |
|
| وَقر لَهُ عَظم الفَراعين ملحدا |
|
وَما شَهِدوا مِن قَبلِها بَعدَ عَهدِهم | |
|
| بَني مَصر جَمعاً يَنهَدون مُتَرَصَدا |
|
تَرامَت عَلى الثَغر الأَمين رُجومه | |
|
| تَناصب عزلا في المَدينة قَعدا |
|
أَثارَ عَلَيهُم مائج البَحر مرغيا | |
|
| وَصَبَ عَلَيهُم مارج النار مرعدا |
|
تَهاوى لَهُ الأَنقاض أيان يَرتَمي | |
|
| وَتَنتَثر الأَشلاء في حَيث سددا |
|
تَمازج لَون النار وَالدَم عِندَها | |
|
| وَفارَ لَهيب النار بِالدَم مزبدا |
|
وَلم يَألها حَتّى كَساها غَلائِلا | |
|
| مِن النار حَمرا في السَموات مصعدا |
|
وَلم يَثنه في الشَرق وَالغَرب ضَجة | |
|
| لِأَمر أَقامَ الأَرض هَولا وَأَقعَدا |
|
مَتى نالَها فَلتَندُب الأَرض حَسرة | |
|
| عَلى العَدل وَلتبك السَماء تلددا |
|
رَأَت أُمم في الشَرق وَالغَرب أُمة | |
|
| يجار عَلَيها جَهرة وَتَعمَدا |
|
تَعاقب أَن قامَت تَحطم قَيدَها | |
|
| وَتَبعَث تاريخاً قَديماً وَسُؤددا |
|
وَتوأد حرياتها وَحُقوقَها | |
|
| لِيَحكُم الاستعمار فيها مُعَربِدا |
|
وَلما أَحال الثَغر جُحرا مخربا | |
|
| تَقَدم يَبغي مُستزادا وَمُهتَدى |
|
فَأَبصر مِن دُون السَبيل بَواسِلا | |
|
| جثيا عَلى هام المَسالك رقدا |
|
تَصَدى إِلَيهُم كرة بَعدَ كرة | |
|
| فَأَصلوهُ نيراناً فَآب مُبَددا |
|
فَيا مَن رَأى أَبناء مَصر إِذا اِنبَروا | |
|
| إِلى غُول الاستعمار صَفا مجردا |
|
عَلى حين ماجَت خَيلَهُ وَسَفينه | |
|
| وَلم يُبصِروا في الشَرق وَالغَرب مسعدا |
|
يساقونه كَأس الحمام وَأَهله | |
|
| بِمَصر كِرام في مراح وَمُغتَدى |
|
فَلَما رَأى وَعر الطَريق وَلم يَجد | |
|
| كَما ظَنَ نَهجاً حَيث سار مَعبدا |
|
تَسَلل مِن شَرق البِلاد محاذرا | |
|
| هَزيمته في الغَرب أَن تَتَجددا |
|
وَمال إِلى الأَعراب وَالختل طَبعهم | |
|
| يُريد لَدى القَوم اللُصوص مُؤيدا |
|
جَرى تبره فيهُم وَسالَت سَفينه | |
|
| تَمَزق عَهدا لِلقَناة مُؤكدا |
|
وَساقَ عَلى الأَحرار بِالتَل سفلة | |
|
| أَتى بِهُم مِن كُلِ فَجٍ وَأَعبَدا |
|
خَميس يَسير العار في خُطواته | |
|
| وَتَتبعه الأَوباء في حَيثما اِهتَدى |
|
كَفته خِيانات اللئام عَدوه | |
|
| وَما بَثَ مِن جُند الفَساد وَأَرصَدا |
|
وَلَولا جُنود الاثم تَدفَع دُونَهُ | |
|
| لَما مَدَ رَجُلاً لِلقِتال وَلا يَدا |
|
كَذَلِكَ كانَت في السِياسة حاله | |
|
| وَفي الحَرب لَم يَبلُغ بِهِ النيل مَقصَدا |
|
وَما نالَ إِلا بِالجَريمة مَغنَما | |
|
| وَلا سَل إِلا في الظَلام مهندا |
|
وأَقبَل يَزهو بِانتِصار وانه | |
|
| لَخزي لَهُ يَبقى عَلى الدَهر سرمدا |
|
خَصيمك أَسنى في الهَزيمة صَفحة | |
|
| وَأَكرَم في ظُلم الحَوادث محتدا |
|
وَزادَ عَروس الشَرق في تاج مُلكِهِ | |
|
| يَتيهِ بِها فَخراً وَيخطر سَيِدا |
|
رُوَيدك لا تَحمد مَقامَك بَيننا | |
|
| وَلا تَحسبنه ما أَقمت ممهدا |
|
كَما جئت في داج مِن النَحس قائم | |
|
| سَتَرجع في داج يَغشيك أَسوَدا |
|
وَأَنحى عَلى الأَحرار يَسكب مَقته | |
|
| وَقَد كادَ يَسقيهم بِجهلته الرَدى |
|
وَمَن أَحرَق العَذراء يَوماً تَشفيا | |
|
| فَلَيسَ بِمُستثنِ مَسنا وَأَمردا |
|
فَأَرهق بَعضاً في السُجون مكبلا | |
|
| وَفَرق بَعضاً في البِلاد مشردا |
|
سَلام وَرَيحان أَبوتنا عَلى | |
|
| ثَراكُم سَلاماً لا يَزال مُجَددا |
|
سَلام عَلى مَن قَد تَصَلوا بِنارها | |
|
| وَخاضوا لَظاها فائِرا مُتَوَقِدا |
|
سَلامٌ عَلى مَن ماتَ في حَومة الوَغى | |
|
| وَمَن ماتَ في قاص مِن الأَرض مبعدا |
|
سَلام عَلى قيل تَولى زِمامها | |
|
| أَعف الوَرى قَصدا وَأَنقاهُم يَدا |
|
أَصابَ بِها نجماً فَلَما كَبا بِها | |
|
| وَأَدركهُ مِنها العثار تَجَلَدا |
|
وَزَيد عَن الأَوطان عشرين حجة | |
|
| يَبيت عَلى شَوق إِلَيها مسهدا |
|
جَريرته أَن رامَ مَصر عَزيزة | |
|
| وَشاءَ لَها أَن تَستَقل وَتَسعَدا |
|
وَرامَ لَها مِن طَغمة التُرك معتقا | |
|
| وَبَعدا لِعَهد التُرك أَشأم أَنكَدا |
|
لِتَحيا كَما تَحيا الشُعوب طَليقة | |
|
| بِعَصر يعاف العَبد فيهِ التَقَيُدا |
|
سَتذكره مصر الفتية ما اِبتَغَت | |
|
| لَدى الحَق عَهداً أَو لَدى المَجد مَوعِدا |
|
عَسى ذكرنا رَغم الهَزيمة أَحمَدا | |
|
| سَيَبعث فينا لِلغَنيمة أَحمَدا |
|