طلع الربيع على الربوع نضيرا |
فاسرح بطرفك في الرياض قريرا |
ودع الملامة في المدامة إنها |
للنفس أنجع ما ادخرت مثيرا |
كم فرجت عنك الهموم وفجرت |
صوب البلاغة فاستهل غزيرا |
كالشمس ساطعة الشعاع فكلما |
قرعت أجاج الماء حال نميرا |
وطوى الرياح على الجناح غمامة |
وطفاء تسقط لؤلؤاً منثورا |
واسمع أنين الناي منه فإنه |
ناء تذكر دوحه المهجورا |
في الغاب تحت الظل فوق خميلةٍ |
أنفٍ وحول الماء سال طهورا |
يتنفس الصعداء ثم يردّها |
برح الصبابة أنةً وزفيرا |
يبكي فيبكي المنصتون له جوى |
ومن العجيب جوى يجن سرورا |
ضدان مختلفان يرسل منهما |
لحنا تدفق ساحراً مسحورا |
يا ناي إن هجع الخلي فغنني |
صوت المتيم خافقاً وجهيرا |
كما طال بعدك والظلام مخيم |
أمد البلاء وقد يكون قصيرا |
أرخى السدول علي غيهب ليلةٍ |
عبست فلم يطق الصباح سفورا |
هيهات ليل القطب يذكر عندها |
ولئن تجهم واستطال شهورا |
هات الحديث عن الذين بلوتهم |
متقلبين على الدمقس حبورا |
ومطلحين كأن بين ضلوعهم |
من حرقة الكمد الدفين سعيرا |
ألهمتهم لغة تؤلف بينهم |
بعد التفرق ألسنا وشعورا |
وهززتهم فنزعت ثوب رثائهم |
فعنوا لحكمك ماجناً ووقورا |
كم منكرٍ للبعث ريع لنفخة |
من وقع صوتك أسمته الصورا |
وأحسّ من صرعى الخطوب بهزةٍ |
كانت من الموت الوحي نشورا |
إن غص أنضاء الهموم بشجوهم |
فاهتف بشدوك مسعداً وبشيرا |
واحمل مؤونة بثهم وحنينهم |
عنهم وكن شفةً لهم وضميرا |
أنت المعين لهم على حسراتهم |
فلكم شفيت وما ونيت صدورا |
مثلت لي قلمي فخطبك خطبه |
وكلاكما دنف يئن حسيرا |
تبّت يد الباغي فقد بترتكما |
من فرع دوحكما فعاش كسيرا |
وشكت له الأوراق عند حفيفها |
شجناً تردد في الغدير هديرا |
ونفثتماه فكان لوعة موجع |
بدرت صفيراً منكما وصريرا |
كم طعنةٍ للحور من ألحاظها |
نجلاء فيك وما اتقيت الحورا |
تلك الثقوب بجانبيك كأنها |
أثر السهام تصيح منه ثبورا |
فظللت إن مشت الأنامل فوقها |
كالمستجير وما استفاد مجيرا |