مهلاً فلست بجاحدٍ أو عات |
فالفجر مزق حالك الظلمات |
وشهدت منه على جبينك آيةً |
فخضعتُ بين يديك للآيات |
وغضضت من نظري إليك تهيباً |
ورضيت منه بخاطف اللمحات |
ولقد سمعتك تنطقين فهزني |
من فيك ما ألقيت من نفثات |
فعجبت للألفاظ تصبح كلها |
علوية النغمات والنبرات |
ووقفت من شفتيك موقف خاشعٍ |
لهما وقد أومأت بالقبلات |
والناس حين برزت بين صفوفهم |
شرهت إليك عيونهم نهمات |
فتنتهم الحركات منك رشيقةً |
والسحر بعض رشاقة الحركات |
ولقد بلوت سواك سبط قوامها |
ملء العيون صقيلة القسمات |
فرأيت ساطع مرمرٍ وكأنني |
قد كنت أنظر منه في مرآة |
فطلبت فيه الروح لكن لم أجد |
غير الجمود وبارد اللمسات |
أنا مغرمٌ بك هائمٌ جمع الهوى |
ضدين من فرحٍومن حسرات |
عجباً وفي قلبي المرارة ما الذي |
سكب الحلاوة منه في كلماتي |
ولئن بعدت فقرب دارك دوحةٌ |
لم أنس عطف ظلالها النضرات |
دست إليّ مع الحفيف رسالةً |
هبطت عليّ بخافت الهمسات |
قالت تعال وهاك جذعي صفحةً |
هي بعض ما أسلفت من صفحات |
واكتب بمدمعك القصائد فوقها |
غرراً أبل بمائها زهراتي |
فتبث فيها الحسن يسفر مشرقاً |
وتمد في أنفاسها العطرات |
ولمحت منها فوق لدن غصونها |
طيراً يطل مدلّه اللفتات |
نفض الجناح وقال دونك ريشةً |
وارسم خفيّ هواك في الأبيات |
فلسوف تصبح وهي لي أنشودةٌ |
بين الرياض الحوِ والوكنات |
ولسوف تعلم كيف ينظم رجعها |
كل البلابل في عداد رواتي |
وإليك من نجواي كل غريبةًٍ |
ولئن سخرت وإن غمزت قناتي |
خفيَ الصواب عليّ فيك وربما |
كان السبيلُ إليك في الغلطات |
ولشد ما أمسكت عنك تجلداً |
وكتمت ما في النفس من حاجات |
وسكت لكن كنت أسمع من دمي |
من كل عرقٍ صيحة الرغبات |
والنار يفضحها انبعاث دخانها |
كالصبِّ حين يصعد الزفرات |
يبكي ويضحك في الظلام كشمعةٍ |
تذري الدموع وترسل البسمات |
أنا عائذ باثنين مشطك راتعاً |
في شعرك الفياض بالنفحات |
وبخاتمٍ لك شف وهو زمردٌ |
عن خضرة الآمال في الأزمات |
فإذا أبيت وما وفيت فإنني |
بيد القنوط أسل خيط حياتي |
ولسوف يبعث كل سطرٍ ماثلٍ |
من فوق لحدي قصتي وشكاتي |
يا من يحض على الأناة تنطساً |
ما الحزم إلا نبذ كل أناة |
ولأنت غيرك ما حييت ولم يكن |
لسوى التغير فيك أي ثبات |
والدهر يعجل لا يؤجل لحظة |
لك فيه من متطاير اللحظات |
قصر الحياة هو البلاء فإن تجد |
للعمر من أجلٍ يزاد فهات |
وعلى جدارك ساعةٌ دقاتها |
تنعى إليك مواضي الساعات |
أوَلست تشعر كيف تكبر بينها |
وتحس منها أن يومك آت |
حمل الرنين إليك من أجراسها |
ما اعتدت عند جنائز الأموات |
فدع النصائح ما استطعت فإنها |
تبدي العيوب وتطمس الحسنات |
إني امرؤٌ أهوى الجمال معظماً |
ما للجمال عليّ من حرمات |
كم مر بي يوم حشدت له القوى |
ومضيت أركض طائش الخطوات |
وزفرت حين تلهبت محمومةً |
شفةٌ صبت ظمأ إلى الرشفات |
وسكت لم أنطق بأية لفظةٍ |
ولقيت من خرس الهوى الآفات |
وشققت من قلمي اللسان تحذلقاً |
فبليت من نصفيه باللثغات |
وسترت أصفاداً تؤدد ما لها |
صوتٌ يجلجل عالي الجلبات |
فرسفت فيها أستخف بثقلها |
حتى ارتمت بدداً من الصدمات |
ولئن تحطمت القيود فلم يزل |
منها عليّ مبعثر الحلقات |