أرى الدَهرَ إِن أَخنَت عَلَيَّ مَصائِبُه | |
|
| أَحَقَّ بِشُكري مِنهُ إِن لانَ جانِبُه |
|
فَكَم عِظَةٍ أَسدَت إِلَيَّ خُطوبُهُ | |
|
| وَكَم كَشَفَت لي عَن عَدُوٍّ نَوائِبُه |
|
عَلى قَدرِ مالِ المَرءِ يَزدادُ قَدرُهُ | |
|
| وَلَيسَ بِغَيرِ المالِ تَعلو مَراتِبُه |
|
فَإِن زادَ زادَ الناسُ مِنهُ تَقَرُّباً | |
|
| وَإن قَلَّ يَوماً أَنكَرَتهُ أَقارِبُه |
|
وَصاحَبَنا مَن لا نَوَدُّ عَلى الغِنى | |
|
| فَلَمّا اِفتَقَرنا لَم نَجِد مَن نُصاحِبُه |
|
إِذا جَفَّ زَهرُ الرَوضِ وَلَّت طُيورُهُ | |
|
| وَفَرَّت عَنِ الأَغصانِ حَتّى نَواعِبُه |
|
وَلَولا صُروفُ الدَهرِ ما اِشتَدَّ ساعِدي | |
|
| وَلَم يَتَّقِد عَزمي وَلا اِنقادَ غارِبُه |
|
وَفي النَفسِ ما فيها مِنَ الأَلَمِ الَّذي | |
|
| يُغالِبُني مَشبوبُهُ وَأُغالِبُه |
|
إِذا كُنتَ فيما تَبتَغي مُتَرَدِّداً | |
|
| تَهُمُّ بِأَمرٍ تارَةً وَتُجانِبُه |
|
كَثيرَ اِنقِلابِ الرَأيِ في كُلِّ حالَةٍ | |
|
| فَلَن تَبلَغَ الشَأوَ الَّذي أَنتَ طالِبُه |
|
وَما أَدرَكَ المَنشودَ إِلّا مُواظِبٌ | |
|
| عَلَيهِ عَنيدٌ ثابِتُ الرَأيِ صائِبُه |
|
طِلابُ الفَتى إِن لَم يَكُن جِدَّ طالِبٍ | |
|
| أَوائِلُهُ مَخذولَةٌ وَعَواقِبُه |
|
وَقائِلَةٍ حَتّامَ يُنهكُ نَفسَهُ | |
|
| فَقُلتُ إِلى أَن تَستَقيمَ مَآرِبُه |
|
إِلى أَن يَزولَ العمرُ أَو يُدرِكَ المُنى | |
|
| ولَو بَلَغَت هامَ النُجومِ مَطالِبُه |
|
وَكَلمى مِنَ الإِجهادِ رَزحى مِنَ العَنا | |
|
| تَجيشُ بِصَدرٍ شارَفَ اليَأسَ صاحِبُه |
|
أَدَلتُ لَها مِن مَيلِها فَتَقَوَّمَت | |
|
| وَسِرتُ بِها وَالدَهرُ شَتّى مَصائِبُه |
|
وَحَرَّرتُها مِن رِبقَةِ اليَأسِ وَالوَنى | |
|
| إِلى أَن رَأَيتُ العَيشَ هانَت مَصاعِبُه |
|
حَلُمتُ فَلَم أُطلِق لِنَفسي عِنانَها | |
|
| وَما المَرءُ إِلّا حِلمُهُ وَتَجارِبُه |
|
وَلَو لَم يُطَهِّرني الأَسى بِلَهيبِهِ | |
|
| لَما طابَ لي عَيشٌ وَلا قَرَّ حاصِبُه |
|
تَعِبتُ بِما جاهَدتُ حيناً فَلَم أَخِب | |
|
| وَهَل تَصقُلُ الإِنسانَ إِلّا مَتاعِبُه |
|
أَرى السَيفَ إِن لَم يُرهِفِ الشَحذُ حَدَّه | |
|
| وَتَضرِبْهُ كَفُّ القَينِ تَنبُ مَضارِبُه |
|
وَما هَذَّبَتني غَيرُ كُلِّ مُلِمَّةٍ | |
|
| إِذا نَزَلَت بِالنَهرِ جَفَّت حَوالِبُه |
|
إِذا ما رَأَيتَ الرَوضَ صَحَّت غِراسُهُ | |
|
| تَيَقَّنتَ أَنَّ الرَوضَ شُقَّت سَباسِبُه |
|
وَلَولا دُموعُ المُزنِ لَم تَضحَكِ الرُبى | |
|
| وَلَولا اِحتِراقُ الندِّ لَم يَذكُ طائِبُه |
|
وَما وَعَظَ المَغرورَ مِثلُ غُرورِهِ | |
|
| وَلا هَذَّبَ المَذمومَ إِلّا مَثالِبُه |
|
وَهَل يَبلُغُ المَرءُ القَصيّ مِنَ المُنى | |
|
| إِذا لَم يَجِد مِن عَزمِهِ ما يُواثِبُه |
|
لَعَمرُكَ ما الإِنسانُ إِلّا كَمِبرَدٍ | |
|
| إِذا حَزَّ أَمراً فَهوَ لا بُدَّ قاطِبُه |
|
وَإِن هُوَ لَم يَعمَل تَأَكَّلَهُ الصَدا | |
|
| وَضاعَت أَمانيهِ وَخابَت رَغائِبُه |
|