سَمِعتُ بِأُذني ما تُكَذِّبُهُ نَفسي | |
|
| وَشِمتُ بِعَيني ما يُغالِطُهُ حِسّي |
|
تَجَسَّمَ طَيفُ الشَكِّ حَتّى لَو اِنَّني | |
|
| تَلَمَّستُهُ بِالكَفِّ هانَ عَلى اللَمسِ |
|
أُصِبتُ بِداءٍ دونَهُ المَسُّ وَالضَنى | |
|
| وَما بِيَ مِن داءٍ وَما بِيَ مِن مَسِّ |
|
رَأَيتُ أُموراً في هَواكِ مُريبَةً | |
|
| فَأَدرَكتُ مِنها ما دَعاني إِلى اليَأسِ |
|
وَهَبتُ لَكِ القَلبَ الثَمينَ فَبِعتِهِ | |
|
| لِأَوَّلِ مَن وافاكِ بِالثَمَنِ البَخسِ |
|
وَبِتُّ كَأَنّي مِن هَواكِ بِمَأتَمٍ | |
|
| وَبِتّ مِنَ السَلوى كَأَنَّكِ في عُرسِ |
|
أَوَجداً وَلا وَجدٌ لَدَيكِ وَلا هَوى | |
|
| وَحُبّاً وَإِخلاصاً وَأَنتَ عَلى العَكسِ |
|
أَتَنسَينَ إِحساني إِلَيكِ فَإِن أُسِئ | |
|
| إِلَيكِ بِلا عَمدٍ ذَكَرتِ فَلَم تَنسي |
|
إِذا صَفِرَت كَفّي قَسَوتِ فَلَم تَفي | |
|
| وَإِن مُلِئَت كَفّي وَفَيتِ فَلَم تَقسي |
|
فَما أَكثَرَ الأَحبابَ في ساعَةِ الغِنى | |
|
| وَما أَندَرَ الأَصحابَ في ساعَةِ البُؤسِ |
|
وَقَد كُنتُ كَالأَعمى أُكَذِّبُ ما أَرى | |
|
| وَأَخلِطُ ما بَينَ الحَقيقَةِ وَاللَبسِ |
|
وَأُنكِرُ حيناً ما أَعي وَأُقِرُّهُ | |
|
| وَأَغدو عَلى بَعضِ الظُنونِ وَلا أُمسي |
|
وَأَهجُرُ حَتّى لا تَزاوُرَ بَينَنا | |
|
| فَيَدفَعُني ضَعفي وَيَردَعُني يَأسي |
|
وَكُنتُ إِذا ما شَفَّني الوَجدُ وَالأَسى | |
|
| وَضاقَت بِيَ الدُنيا لَجَأتُ إِلى الكَأسِ |
|
أُعاقِرُها صَهباءَ لا تَعرِفُ الشَجا | |
|
| تَلَألَأُ مِثلَ الدُرِّ في القَدَحِ الوَرسي |
|
مُشَعشَعَةً تَطفو عَلى جَنَباتِها | |
|
| نُجومٌ نَماها الكَرمُ مِن ناضِرِ الغَرسِ |
|
إِذا أَفَلَت في جَوفِ مَن يَحتَسونَها | |
|
| أَدالَت لَهُم مِن طالِعِ الشُؤمِ وَالنَحسِ |
|
أُسائِلُها بَعضَ العَزاءِ لَعَلَّها | |
|
| تُفَرِّجُ كَربي أَو تُخَفِّفُ مِن تَعسي |
|
لَعَمرُكِ كَم طافَت بِرَأسي وَساوِسٌ | |
|
| بَسمتِ فَأَقصاها اِبتِسامُكِ مِن رَأسي |
|
وَكَم مَرَّةٍ أَعرَضتُ عَنكِ عَلى جَوىً | |
|
| فَزالَ وَعدنا فَاِلتَقَينا عَلى أُنسِ |
|
وَأَقسَمتُ لا أَرعى لِعَهدِكِ مَوثِقاً | |
|
| فَأَلفَيتُني أَرعى لِعَهدِكِ مِن أَمسِ |
|
وَلَمّا تَجَلّى الشَكُّ في أُفقِ الهَوى | |
|
| وَأَشرَقَ نورُ الحَقِّ مِن ظُلمَةِ الحَدسِ |
|
وَلاحَ لِعَيني مِن خِداعِكِ ما اِختَفَى | |
|
| وَكُنتُ عَمِيّاً عَن طَبائِعِكِ الشُمسِ |
|
تَيَقَّنتُ أَنّي لا مَحالَةَ هالِكٌ | |
|
| إِذا أَنا لَم أَربَأ بِنَفسي عَنِ الرِجسِ |
|
فَوَدَّعتُ أَحلامَ الهَوى وَغُرورَهُ | |
|
| وَشَيَّعتُ أَوهامَ الشَبابِ إِلى الرَمسِ |
|
وَأَطلَقتُ قَلبي مِن إِسارِكِ مُعرِضاً | |
|
| وَقُلتُ لَهُ يا قَلبُ فِرَّ مِنَ الحَبسِ |
|
فَلا خَيرَ في حُبٍّ يُباعُ وَيُشتَرى | |
|
| يَحومُ عَلَيهِ كلُّ ذي سَفَهٍ جِبسِ |
|
لَقَد غَربَت شَمسي إِلى غَيرِ مَطلَعٍ | |
|
| فَماذا أُرَجّي بَعدَ ما غَربَت شَمسي |
|
وَقَفتُ عَلى ماضي هَواها كَأَنّني | |
|
| وَقَفتُ مِنَ الدُنيا عَلى طَلَلٍ دَرسِ |
|
أُسَرِّحُ طَرفي لا أَرى ما يهيجُني | |
|
| وَأُرهِفُ سَمعي لا أَعي فيهِ مِن هَمسِ |
|
يَلوحُ كَبَحرٍ ما لَهُ مِن شَواطِئٍ | |
|
| تَمُرُّ بِهِ فُلكُ الغَرامِ فَلا تُرسي |
|
نَبَذتُ الهَوى حَتّى بَرِئتُ مِنَ الهَوى | |
|
| فَكَيفَ أُبالي بَعدَ بُرئِيَ بِالنَكسِ |
|
سَأَسحَقُ قَلبي إِن هَفا لِوِصالِها | |
|
| وَأَقتُلُ نَفسي إِن هَفَت نَحوَها نَفسي |
|