يا زَمانَ الهَوى وَعَهدَ الوِصالِ | |
|
| مَن مُعيدٌ تِلكَ اللَيالي الخَوالي |
|
حينَ كانَ الفُؤادُ حُرّاً طَليقاً | |
|
| ناعِمَ البالِ خالِيَ البَلبالِ |
|
طائِرٌ وَكرُهُ عَلى كُلِّ غُصنٍ | |
|
| وَهَواهُ مِلءُ الرُبى وَالتِلالِ |
|
غَيرُ وَقفٍ عَلى غَرامٍ وَحيدٍ | |
|
| أَو أَليفٍ فَردٍ وَحُبٍّ حَلالِ |
|
أَو مِثالٍ مِنَ الجَمالِ فَريد | |
|
| فَلَهُ في الجَمالِ أَلفُ مِثالِ |
|
شاعِرٌ هامَ بِالمَحاسِنِ حَتّى | |
|
| باتَ في الوَجدِ مَضرِبَ الأَمثالِ |
|
يَنشُدُ الحُسنَ حَيثُ لاحَ لِعَينَي | |
|
| هِ أَفي البيدِ أَو أَعالي الجِبالِ |
|
يَتَصَدّى لَهُ وَلَو صينَ بِالبي | |
|
| ضِ سَناهُ وَحُفَّ بِالأَهوالِ |
|
يَتَصَدّى لَهُ عَلى كُلِّ صَدرٍ | |
|
| كاعِبِ النَهدِ غَيرِ سَهلِ المَنالِ |
|
وَعَلى كُلِّ مَبسِمٍ يَشتَهيهِ | |
|
| أَو قَوامٍ مُرَنَّحٍ مَيّالِ |
|
سابحٌ في الفَضاءِ يَمرَحُ زَهواً | |
|
| بَينَ حلٍّ عَلى الهَوى وَاِرتِحالِ |
|
يَتَغَنّى عَلى الأَراكِ طَروباً | |
|
| مَرِحَ النَفسِ مُطمَئِنَّ البالِ |
|
هَمُّهُ في الحَياةِ أَن يَطرَحَ الهَم | |
|
| مَ بَعيداً لِعابِدي الأَموالِ |
|
مُستَخِفّاً بِالعَيشِ جدَّ قَنوعٍ | |
|
| فَهوَ في عُسرِهِ سَعيدُ الحالِ |
|
يَشتَكي الفَقرَ وَالكَفافَ سِواهُ | |
|
| وَهوَ بِالفَقرِ وَالكَفافِ يُغالي |
|
تَملِكُ الأُفقَ وَالنُجومَ يَداهُ | |
|
| فَلِماذا يَشكو مِنَ الإِقلالِ |
|
كُلُّ ما في الوُجودِ يَدعوهُ لِلصَف | |
|
| وِ وَيَحدو عَلى الهَوى وَالوِصالِ |
|
فَجَمالُ الرَبيعِ وَالزَهرُ وَالدِف | |
|
| ءُ وَسِحرُ الأَسحارِ وَالآصالِ |
|
وَخَريرُ الغُدرانِ وَهيَ شَوادٍ | |
|
| وَاِعتِناقُ الأَدواحِ وَالأَدغالِ |
|
كُلُّ ما في الوُجودِ مِلكُ يَدَيهِ | |
|
| مِن جَمالٍ وَرِقَّةٍ وَكَمالِ |
|
فَلِمَن هَذِهِ النُجومُ الدَراري | |
|
| وَلِمَن تِلكُمُ الشُموسُ اللّآلي |
|
وَلِمَن هَذِهِ الوِهادُ الزَواهي | |
|
| وَلِمَن تِلكُمُ الجِبالُ العَوالي |
|
وَلِمَن هَذِهِ السَواقي الشَواجي | |
|
| دافِقاتٍ بِالسائِغِ السَلسالِ |
|
وَلِمَن ذَلِكَ الفَضا المُتَرامي | |
|
| وَمُحَيّا الضُحى وَوَجهُ الهِلالِ |
|
وَلِمَن هَذِهِ النَسائِمُ تَسري | |
|
| سَرَيانَ الحَياةِ في الأَوصالِ |
|
وَلِمَن هَذِهِ الطُيورُ الشَوادي | |
|
| كُلُّ هَذا لَهُ فَكَيفَ يُبالي |
|
هَكَذا كانَ في عُهودِ صِباهُ | |
|
| ذا خِلالٍ أَعجِب بِها مِن خِلالِ |
|
ذَهَبِيُّ الأَحلامِ غَيرُ جَزوعٍ | |
|
| رابِطُ الجَأشِ عَبقَرِيُّ الخَيالِ |
|
كُلَّ يَومٍ لَهُ غَرامٌ جَديدٌ | |
|
| وَجُنونٌ بِبارِقٍ مِن جَمالِ |
|
وَفَضاءٌ مِنَ الأَمانِيِّ عَذبٌ | |
|
| يَتَلاقى فيهِ الهُدى بِالضَلالِ |
|
وَعُهودٌ مِنَ الهَوى خالِداتٌ | |
|
| وَلَيالٍ أَحبِب بِها مِن لَيالِ |
|
وَمَجالٌ مِنَ المُجونِ ظَريفٌ | |
|
| أَينَ مِنهُ بَهاءُ كُلِّ مَجالِ |
|
وَرَنينُ الأَوتارِ تَحسَبُهُ السِح | |
|
| رَ وَسِربُ المَها وَوَحيُ الدَلالِ |
|
وَنُزولٌ في كُلِّ يَومٍ بِرَوضٍ | |
|
| عَطِرِ الزَهرِ سُندُسِيِّ الظِلالِ |
|
وَفُؤادٌ بِما يُكِنُّ سَعيدٌ | |
|
| صادِقُ الوَجدِ باسِمُ الآمالِ |
|
وَاِصطِحابُ الكِعابِ مِن كُلِّ خَودٍ | |
|
| جَمَّةِ اللُطفِ مِن ذَواتِ الحِجالِ |
|
يَتَناقَلنَ شِعرَهُ هَزِجاتٍ | |
|
| هَزَجَ الوُرقِ في ظِلالِ الدَوالي |
|
وَكُؤوسُ الطِلا تُدارُ عَلَينا | |
|
| مُشرِقاتٍ بِالبابِلِيِّ الزُلالِ |
|
وَعُيونٌ صَوامِتٌ ناطِقاتٌ | |
|
| وَقُدودٌ مَيّاسَةٌ في اِعتِدالِ |
|
وَنُهودٌ وَلا تَسَل عَن جَناها | |
|
| مُثقَلاتٌ بِالحُسنِ غَيرُ ثِقالِ |
|
ذاكَ عَهدٌ مِنَ الشَبابِ تَوَلّى | |
|
| لَيتَهُ لَم يَكُن رَهينَ زَوالِ |
|
وَفَتىً صيغَ مِن شُعاعٍ وَنورٍ | |
|
| فَبَغى فَاِغتَدى مِنَ الصَلصالِ |
|
وَإِذا بي قَدِ اِستَحَلتُ إِلى غَي | |
|
| ري وَجُرِّدتُ مِن قَديمِ خِلالي |
|
أَنكَرَتني نَفسي وَأَنكَرتُ ما بي | |
|
| مِن جَفاءٍ وَغِلظَةٍ وَاِختِيالِ |
|
لَم أَعُد ذَلِكَ القَنوعَ عَلى الحب | |
|
| بِ وَلا ذَلِكَ الطَروبَ الخالي |
|
وَإِذا بي وَقَد غَدَوتُ غَريباً | |
|
| عَن شُعوري وَعَن رَقيقِ خِصالي |
|
وَإِذا المالُ لا يُعيدُ قُنوعي | |
|
| مِثلَما كانَ أَو يُزيلُ مَلالي |
|
وَإِذا الدَهرُ لا يَرُدُّ صَفائي | |
|
| وَاِنقِيادي لِصَرفِهِ وَاِمتِثالي |
|
وَإِذا الكَسبُ لا يُخَفِّفُ ما بي | |
|
| وَإِذا اليُسرُ لا يُحَقِّقُ فالي |
|
وَإِذا النَهرُ لا يَبُلُّ غَليلي | |
|
| لا وَلا الكَونُ كُلُّهُ لَو غَدا لي |
|
وَإِذا الهَمُّ يَحتَويني وَيَأبى | |
|
| طَمَعي الجَمّ أَن يَفُكَّ عِقالي |
|
وَإِذا الرَوضُ قَد تَعَرّى مِنَ الحس | |
|
| نِ فَلا يَرتَدي سِوى الأَسمالِ |
|
وَإِذا الفَجرُ لَم يَعُد فيهِ ما كُن | |
|
| تُ أَراهُ مِن رَوعَةٍ وَجَلالِ |
|
وَإِذا الأُفقُ ضَيِّقٌ مُكفَهِرٌّ | |
|
| وَإِذا البَدرُ شاحِبٌ في هُزالِ |
|
وَإِذا الزَهرُ وَالخَمائِلُ وَالوُر | |
|
| قُ تَنَكَّرنَ لِلفُؤادِ السالي |
|
وَإِذا الكَونُ خِسَّةٌ وَرِياءٌ | |
|
| وَمَيادينُ شَهوَةٍ وَاِحتِيالِ |
|
وَإِذا لَم يَعُد يُشَنِّفُ سَمعي | |
|
| مِن غِناءٍ سِوى رَنينِ الرِيالِ |
|
وَإِذا بي وَقَد رَجَعتُ إِلى الطي | |
|
| نِ وَأَصبَحتُ مِثلَ باقي الرِجالِ |
|
حَدّثونا عَنِ الزَواجِ حَديثاً | |
|
| حَسَنَ السَبكِ شائِقَ الأَقوالِ |
|
فَأُخِذنا بِبارِقٍ مِن سَناهُ | |
|
| وَسُحِرنا بِمَنطِقٍ خَتّالِ |
|
وَبُهِرنا بِمَظهَرٍ مِنهُ عَذبٍ | |
|
| وَمُنينا بِمَخبَرٍ قَتّالِ |
|
فَوَقَعنا فيما خَشينا وَكُنّا | |
|
| عَن مَراميهِ في غِنىً وَاِعتِزالِ |
|
فَاِضطُرِرنا إِلى الخُضوعِ وَبُؤنا | |
|
| مِنهُ بِالهَمِّ وَالأَسى وَالنكالِ |
|
قَد طَمِعنا في كُلِّ شَيءٍ رَخيص | |
|
| فَفُجِعنا بِكُلِّ شَيءٍ غالِ |
|