لرزئكَ إن أبكي وإن أتجلّدُ |
فناركَ في قلبي تشبّ وتوقدُ |
أخي فدتكَ النفس ما كنت عالماً |
بأنّك عن عيني تغيب وتبعدُ |
وما كنتُ أدري أن يُفاجئكَ الرَدى |
وفي صَفَحات التربِ تُطوى وتلحدُ |
لقد كنتَ لي خلّاً حميماً وصاحباً |
أَخا ودّه بين الأحبّة يحمدُ |
فها إنّني حلف الكآبة والجوى |
وأدمع عينٍ صوبها ليس يجمدُ |
مَضَيتَ فأوَريت القلوب بشعلةٍ |
منَ الحزنِ لا يخبو ولا هو يخمدُ |
لقَد خَسِرتك الكاظميّة واعظاً |
خَطيباً له فنّ الخطابة يعهدُ |
فآلُ شديد أصبحت في بيوتها |
مآتم للأشجانِ والنوح تعقدُ |
قَضيت أبا عبّاس يا نور ناظري |
فها ناظري من بعدك اليوم أرمدُ |
وأيّاميَ البيض التي قد قضيتها |
يجلّلها برد من الحزن أسودُ |
فَقدتُكَ يا زين المنابر إنّما |
هلال السما إن اظلم الليل يُفقدُ |
فليسَ يلذّ العيش بعدكَ لا ولا |
يطيبُ فعيشٌ إن فقدتُكَ أنكدُ |
فَهيهات يصفو العيش أو آلف الهنا |
ويعذُب لي ما عشت بعدك موردُ |
وقفتُ على الدار التي كنتَ نورها |
فقلتُ لها يا دار أين محمّدُ |
إلى أين قد غابَ الخطيب أخو الندى |
حميد السجايا سامي الخلق سيّدُ |
وَمَن هوَ للأعواد والوعظ لائق |
وأهل وللإصلاح داع ومرشدُ |
فأيّ خطيبٍ للمنابر يُرتجى |
مواعظهُ في الناس تُرضى وتحمدُ |
بِرغميَ يُمسي في اللحود مُعفَّراً |
فقد كان لي عند المُلمّات يعضدُ |
فلا أنا أنساه ولست بصابر |
على فقدهِ إذ مثله ليس يوجدُ |
أخي كيف أسلو عنك يا خير صابر |
إليه المعالي والفضائل تُسنَدُ |
فَنَم بجوارِ المُرتضى جدّك الذي |
له الناس في كلّ النوائب تقصدُ |
فَما خابَ مَن فيه تمسّك واِلتجا |
إليهِ ففي الرضوان يَحضى ويسعدُ |