عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > محمد الطهطاوي > إلى أيّ وادٍ شفَّ عيسى مَسيرُها

مصر

مشاهدة
431

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

إلى أيّ وادٍ شفَّ عيسى مَسيرُها

إلى أيّ وادٍ شفَّ عيسى مَسيرُها
وَفي أَيّ نادٍ لا تحِلّ ظهورها
إِلى الكَعبَة الغَرّاء دام ظهورها
تبدَّت وَقَد مُدَّت عليها سُتورها
وَلَو سَفرت أغنى عَن الحُجب نورها
يُناجي فَمَ الجوزاء لسان منارها
كَخودٍ تَبدت في خدور ستارها
مؤزرة وَالخز أدنى إِزارها
مُحَجَّبة لا عزّ إلا لجارها
وَلَيسَ الغنيّ المحض إلا فقيرها
تَبدّى ضياها لِلنواظِر فانجلى
عَن العين ما أقذى اللحاظ وأشكلا
وَقَرَّت بها الآماق منذ إلى الملا
تَجَلَّت فأخفى ما عليها من الحُلى
سَناها كَما تخفي اللَيالي بُدورها
فَيا سَعد عين متّعتها بنظرة
وَطوبى لداع فاه فيها بلفظة
وَصلى مَع الحجاج في أَي قبلة
تطوف بها الأملاك في كل لحظة
وإن لَم يَبِن بَين الأنام مرورها
فَبعد الوضو من زَمزَم بمياهها
وَفي البنية العُليا بأي تُجاهِها
يصلي الَّذي يَرجو القبول بجاهها
وَيَسجد في كل الجهات لوجهها
سواء توارَت أَو تَراءَت قصورها
إلى ساحة الرحمن سيقَت جموعنا
وَملّت لَها أَوطاننا وَرُبوعنا
وَحين تَناهى للقاء نُزوعنا
قطعنا إليها البيد لَيسَ يروعنا
سهول الفَيافي دونها وَوعورها
نَسير وَعَرف الدار وَهنا يدلنا
إذا أَخذ الليل البَهيم يُضلنا
وَكُنّا وأهوال القِفار تُظلنا
نَبيت عَلى ذُعر الفلاة وكلنا
لأجل اللقا هادي الجفون قَريرُها
لَنا أنفُس في شوقهنَّ غَريقة
وأفئدة بين الجُنوب حَريقة
مذلَّلة تطوي الدروب مَسوقة
وَهَل تَرهَب الأخطار نفس مشوقة
تبيت وَلَيلى بالحمي تستزيرها
فَما أنس لا أنس المَوامي وَجِنّها
وآساد آجام تُحدّد سِنَّها
وَلَو حقق المولى إلى النفس ظنها
أقول لِصَحبي وَالقِفار كأنها
صحائِف خطَّت بالمَطايا سطورها
واهتِف بالبشرى لمن هجر الكرى
وَقَد لاحَت الأنوار توذن بالقِرى
كَفى العيس جذباً بالأزمّة وَالبُرى
دعوا طيّ عرض البيد بالسير وَالسُّرى
فَهَذا حمي لَيلي وَهاتيك دورُها
مُنى النفس حادٍ لا يُطيق يُجِمّها
سوى أن تُسرِّي ما يَراه يهمُّها
فجُسنا القُرى لكن هَوى الركب أمّها
دعَتنا فَلَبينا وَجئنا نؤمّها
عراة كَمَوتى حان منها نشورها
خَلعنا ثياب الوِزر حين اِستجنها
غرور أباح الموبِقات وَسَنّها
وَلَمّا رأينا النفس تُحسن ظنَّها
أتينا إليها حاسرين لأنها
غِنانا فَبالفَقر الشَديد نزورها
فَكَم ضاقَت الأحوال يوما وفرّجت
وَفتحت الأبواب طوراً وأرتِجَت
لذلك وافتها جوانح أحرجت
وَلما بدت أعلامها وَتأَرَّجت
أباطِحُها منها وآن سُفورُها
حططنا رحالا عَن ظهور تجلَّلت
جراجاً وَما أَنَّت لذا بل تَعَلَّلَت
وَحين تَنورّنا البقاع تجَمَّلت
وَضعنا جِباهاً في الثَّرى قَد تَهلَّلَت
أساريرها منها وَزاد سرورها
وَسُرى عَن العيس الضعاف كَلالها
وَقرَّت عيون غابَ عَنها اِكتحالها
هنالك أنسانا المطيّ جلالها
وَطفنا بها سَبعا وَرَقَّت ظلالها
عَلى خائِف مثلي أَتى يَستَجيرها
كَفى مقلتي يوم القدوم وَحسبها
سنا كعبة لَم تُخفِه قطّ حُجبها
مُنى العين من بين الجَوارِح قُربها
فَبُشراك يا عيني وَدونك تُربها
فَكَم يَشفي جفن جال فيه ذَرورها
وَقَري لنا فيها منى وَسعادة
وَروقي لك الحُسنى بها وَزيادة
بلغت حِمى فيه المسرة عادة
فَفوزي برؤياها فَتلك عبادة
تُوفي لمن وافى إليها أجورها
فواها لها من بنية وَدَخيلها
سَعيد عيون في رياض يُجيلها
فَهَيّا دعي الألحاظ يَرنوا كحيلها
وَطوفي بها واسعي فَقَلبي نَزيلُها
وَآية إخلاص القلوب حضورها
وَلا تَفتَري عَن ذا ولَو جُبت جوّها
فَلَن يسأم الإنسان وَالطرف زهوها
لَها الروح بشرى حيثما شِمت ضوّها
فَلَو جازَ قطع الأرض بالسير نحوها
عليك لقد واللَه كنت أَسيرها
تحاكي الثريا في جمال نقابها
وَقَد فاقَت الجوزا بصون حجابها
أعوّذها من كل حُسّادِ بابِها
فَطوبى لعين شُرّفت بترابها
وَتمت بوطء الأرض فيها نذورها
لا أَيُّها الدهر المحقق لي مُنى
قطفنا من الآمال ما بعده جَنى
وَلَم يَبقَ بعد الحج أينٌ وَلا عَنا
سَقا اللَه أَيام الحجيج عَلى منى
مُناها ومن لي لو يَعود نظيرها
وَلِلَّه لَيلات الصفا دام ذِكرُها
وَحق عَلى حجاج مَكَّة شكرُها
وَتِلكَ لَيال لا يُقدر قَدرُها
فَلَو شُريت لَم يَغلُ في السوقِ سعرُها
وَلَو بيع بالعمر الطَويل قصيرها
ضَرَبنا فَروّحنا النفوس بنشرها
وَقَد جاءَنا وَفد النَسيم بعطرها
وَحينَ تنورنا شموساً بِخدرها
بها زَمزم الحادي فَطابَت بذكرها
فمن وَصفها حادي السُرى يَستَعيرها
بسطنا أَكف الابتهال لربها
رجاء بأن تَبقى لكل محبّها
وَلِم لا نَرى التَشريف في لثم تُربها
وَكل فؤاد في الحمى عَبدُ حُبّها
وَكل طَريق في الغَرام أَسيرُها
يَحقِ لصاد ذاب من فَرط وَجده
ورود غَدير حُفَّ صَوناً بأسده
فَلَيسَ بسهل لِلفَتى درك قصده
إذا قيل هَذا مَنهَل دونَ ورده
قنا الخِط طابَت لِلنفوس صُدورها
تَجَرُّع ما تَلقى سَبيلُ مسوغه
وَتَشمير ثوب المَرء عَينُ سُبوغه
حُلى البدر في طول اِنتظار بُزوغه
وَأَحلى اللقا ما كابدت في بلوغه
عناها وَمُدَّت لِلموالي نحورها
أَيا زُمرة الزُوّار بُلّغتمُ المَدي
وَفزتم ببيت لن يبارحه الندا
فمدوا إلى عالي الجناب يد الجَدا
وَكَيفَ تَخال النفس من دونها الردى
وَذاكَ النَبيّ الهاشميّ خَفيرها
خيار قريش فاق صدقاً وَذمة
وَأَسمى عباد اللَه عزماً وَهمّة
وأسناهمو قدراً رَفيعاً وأمَّة
هُوَ السيد المَبعوث للخلق رحمة
نَبيُّ الهُدى هادي الوَرى وَنَذيرها
غياث البَرايا من ذنوب سِفاهِها
وَساحته الفيحا يُلاذ بجاهِها
وَمُرشدها يوم اشتداد اشتباهها
وَشافعها في الحشر عند إِلهها
وَمُنقِذها من ناره وَمُجيرها
فمن مِثلُ إبراهيم ساد ذَبيحه
وَمن نَسله حرّ النجار صَريحه
إمام الوَرى سامي المقام رَجيحه
وأَول من ينشق عنه ضَريحه
إذا بُعثرت بالعالمين قبورها
محمد الأنصاري جاء بِعقده
إلى بابه العالي وَسُدّة مجده
ينادي كَما نادى الشهاب بقصده
أَتينا حماه فالتقتنا بِرفده
نجائب وافى بالنجاة بشيرها
فمن لفؤاد مُستشيط بناره
لفُرقة من يهوى وَبُعد مَزاره
عسى الصب يحظى ساعة بازدياره
وإنا لنرجو عودة نحو داره
إذا ما فروض الحج تمت أمورها
فُروض بها يَزداد نُبلا شَريفنا
وَيُحمد فيها وَخدنا ووجيفُنا
وَتُشكر إِذ نُلقي العصيّ حروفُنا
فَلَيسَ تمام الحج إلا وقوفُنا
عليه تُرى آثاره وَستورها
سَلام عَلى تلك الحَظيرة ما صبا
لتَقبيلها ثغر النَسيم فطيبا
وَما فاه شادٍ بالمَديح فأطربا
عليه صَلاة اللَه ما هبَّت الصبا
وَما عاقبت ريح الجنوب دُبورها
محمد الطهطاوي
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الخميس 2014/05/15 12:06:21 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com