حُسنُ القريضِ جَزالَةُ الإنشاءِ | |
|
| وبَرَاعَةُ الأخبارِ والإنشَاءِ |
|
لا بالمديحِ ولا التَّغَزُّل وحدَهُ | |
|
| كَلا ولا التَّذكارِ والبُرحَاءِ |
|
وبقَدرِ مَدلُولِ الكَلامِ وحُسنِهِ | |
|
| يَسمُو لدَى البلَغاءِ والنُّبَلاءِ |
|
فَلِذاكَ مدحُ الشيخِ ماء عُيُونِنا | |
|
| قدِّم على التَّشبيبِ بالحَسناءِ |
|
لَو كانت أسبابُ النَّسيبِ تَوَفَّرَت | |
|
| وشُرُوطُهُ فيها على استيفاءِ |
|
قَسماً بها ولأنَّها لأليَّةٌ | |
|
| عزَّت عليَّ لبهجةِ الجُلَساءِ |
|
جَزلاءُ ناضرةُ الغَضاضِ حَظِيَّةٌ | |
|
| غَرثى الوِشاحِ ثَقيلَةُ المِيثاءِ |
|
بَهنانَةٌ خَودٌ رزانٌ عقيلَةٌ | |
|
| تُصمِي الكُماةَ بطعنةٍ نجلاءِ |
|
حَورا مُفصَّمةُ الخلاخلِ والحُجُو | |
|
| لِ عَلى تناسُبِ جُملَةِ الأعضاءِ |
|
تَختالُ في أوجِ الغَدائِرِ فَوقَها | |
|
| فلكٌ مِنَ الإِضريجِ والسيراءِ |
|
لِلَّهِ دُرٌّ في سدوسِ لثاتِهَا | |
|
| سَفَهُ الحليمِ حِبَالَةُ العُقلاءِ |
|
إن ساقَطَت دُرَّ الحَديثِ تَسَاقَطَت | |
|
| مِنِّي الدُّمُوعُ بلؤلؤٍ ودِمَاءِ |
|
أَو أسفَرَت تِجِدِ العُقُول ذواهلاً | |
|
| فيطَوسِهَامن رقَّةٍ وصَفَاءِ |
|
نَصَبَت على ماضي الصَّبابَةِ أمرَهَا | |
|
| في قَتلِنا بِمُضارِعِ الأَهواءِ |
|
وَبَنَت على جَزمِ الضَّمائِرِ شَوقَها | |
|
| بَل رفعَهَا عن كُلِّ ما غَيداءِ |
|
عَبَثَت بِقَلبي في الهَوَى أشواقُها | |
|
| عَبَثَ الضَّفائِرِ فَوقَ حِقفِ لِوَاءِ |
|
بَابُ الدَّواعي والبَواعِثِ للنَّسي | |
|
| بِ وَمَقنَصُ الزُّهَّادِ والحُكَمَاءِ |
|
لَكنَّ مَد حَكُمُ أعَزُّ مُقَدَّمٍ | |
|
| يا قادَةَ الفُضَلاءِ والنُّجَباءِ |
|
فَطَفِقتُ أعتجِرُ القَريضَ إلى الثَّنا | |
|
| وتَرَكت معسُولَ النسيبِ ورائِي |
|
وجَلَوت مِرآةَ الفؤادِ بمدحِهِ | |
|
| كجلائِهِ للرَّينِ والأَصداءِ |
|
هُوَ مَهبِطُ الرَّحَمَاتِ والبَرَكاتِ والنَّفحا | |
|
| تِ والخَيراتِ والنَّعماءِ |
|
بَحرٌ خَضارِمَةُ الورى من عُقرِهِ | |
|
| تَمتَاحُ كُلَّ فضيلة وَعَطاءِ |
|
لا يَنزِلَنَّ سِوى المَناهِجِ والمَنَا | |
|
| هِلِ والمَعَالِم وَاسِعُ الأَفياءِ |
|
تَاجُ المَكارِمِ والأَكارِمِ فردُهُمُ | |
|
| شَمسُ الفضائِلِ حليةُ الفُضلاءِ |
|
نَجدٌ ضَماضِمُ مِدرَةٌ مِخدامَةٌ | |
|
| بَطَلُ الجَحاجِجِ بُهمَةُ الأَكماءِ |
|
وَجدَ الفضائِلَ في الأَنامِ تَفَرَّقَت | |
|
| فَتَجَمَّعت فيه بِحُسنِ مَراءِ |
|
فإِذا سَمِعتَ فضيلةً في فاضِلٍ | |
|
| عَظُمَت فهِيَ لَهُ مِن الأَنداءِ |
|
دَلَّت عليهِ مدائِحُ الفُضَلاءِ فام | |
|
| تَدحَتهُ شُمُّ أشاوِسِ البُلَغاءِ |
|
بَحرُ العُلُومِ ومَورِدُ الأَفهامِ وال | |
|
| وُرَّادِ والفقَراءِ والغُرَبَاءِ |
|
جَمعُ الطرائِقِ فَرعُهَا وأُصُولُهَا | |
|
| وجَرى بِمَتنِ السَّمحةِ البَيضاءِ |
|
كَم هِمَّةٍ رُفِعَت بِلَثمِ يمينهِ | |
|
| وبلمسها كم زالَ من أَدواءِ |
|
ذُو هِمَّةٍ عَرشيةٍ فَعَّالَةِ | |
|
| في سائِرِ الأَكوانِ والأَنحاءِ |
|
لَمَّا طَغَى بِحرُ النَصارى في الورى | |
|
| وتلاطَمَت أمواجُهُ بِبَلاءِ |
|
وغدَت تَمُورُ سَماؤُها بِحَبَوكَرٍ | |
|
| تَنهَدُّ فيها أجبُلُ الغَبراءِ |
|
وهَمَت بِمُنهَمِرِ الحُرُوبِ رقيعها | |
|
| واغبَرَّت الآفاقُ بالبَأساءِ |
|
وتَسَعَّرَت سُقرُ الوَبَالِ وَقُودُها | |
|
| بِكلاكِلِ الحُكَّامِ والرُّؤساءِ |
|
في يومِ لا زِفَةِ القُلوبِ لدى الحَنَا | |
|
| جِرِ كاظمين بمجنَةٍ وشقاءِ |
|
عزَّت مجادَتكُم على قلل العُلى | |
|
| وَعَلَت على الأمواهِ والأَنواءِ |
|
وصنعتَ سُفناً للنَّجاةِ نَحَتَّها | |
|
| من ساجِ سُنَّةِ صاحِبِ الإِسراءِ |
|
ومِنَ الحقائقِ درسُها وطلاؤُها | |
|
| قارُ الوَقَارِ بهيبةٍ وبَهَاءِ |
|
وحَمَلت فيها تابعيكَ ومن أتى | |
|
| ودَعَوت بالجفَلا إلى العلياءِ |
|
فأجابَ دعوتَكَ السعيدُومن أبى | |
|
| حفَّتهُ كُلُّ بليَّةٍ دَهياءِ |
|
زعَمَت طَوائَفُ منهمُ أن يكتفُوا | |
|
| عَنكُم بتدبيرٍ وبالأَمراءِ |
|
فَتَركتَهُم حتّضى اقروا كلُّهُم | |
|
| بِالعَجزِ عن أمواجِهَا العَميَاءش |
|
ودهتهُم دَهماؤُها عن أمرِهِم | |
|
| وتطاوُلُ الغَوغَا على الكُرمَاءِ |
|
وأتوكَ منقادينَ رغمَ أُنُوفِهِم | |
|
| لم يحصُلُوا على طائِلٍ بِرِداءِ |
|
فَعَطَفت فَضلاً نحوَهُم وحَمَلتَهُم | |
|
| مِثلَ انعِطَافِ الأُمِّ للأَبناءِ |
|
خَاضَت سَفينَتُكَ العَلِيَّةُ بَحرَهُم | |
|
| فَكَأَنَّها الشِّعرى العبُورُ بِمَاءِ |
|
وَغَدَت تَجُرُّ المُسلمينَ كأَنَّها | |
|
| نَهرُ المَجَرَّةِ جَرَّ نَجمُ سَمَاءِ |
|
نَجيتهم يا نُوح أُمَّةِ جَدِّه | |
|
| في العَزمِ نِلتَ بَقاءَهُ بِهَناءِ |
|
وَبِجُودِي الفَخرِ المُشَيَّدِ بالعُلَى | |
|
| أَرسَيتَ خَيرَ سَفِينَةٍ رَوحاءِ |
|
وَنَفَختَ عاتيَةً على طُوفانِهِم | |
|
| تَذرُو الغَوَارِبَ أُخلدا بهَواءِ |
|
نَشَفَتهُ وابتلَعَتهُ في غُدرَانِهِ | |
|
| مِن جَدولٍوبحيرةٍ وإِضاءِ |
|
وَثَبَت قُطباً قَد تَدُورُ علَيكُمُ ال | |
|
| أَفلاكُ في الغَبراءِ والخَضراءِ |
|
وَرَمَيتَهُم بِعَرمَرمينِ كليهما | |
|
| يَكفي لِهَدِّ صلاخِمِ العَليَاءِ |
|
فَبِجَحفَلٍ يَذَرُ الصَّلاخِدَ كالهَبَا | |
|
| مِن مُحكَمِ الآياتِ والأَسمَاءِ |
|
والبحرَ برّاً والبَراري أبحُراً | |
|
| والصُّبح ليلاً والدُّجَى كَضِياءِ |
|
ولهوةِ الرَّجوانِقد يرميهِمُ | |
|
| بحجارَةِ السِّجيلِ والأرزاءِ |
|
يأتيهمُ من حيثُ لا يدرُونَهُ | |
|
| بالرُّعبِ والضَّراءِ واللأواءِ |
|
وبِعَسكَرٍ لَجِبٍ لُهَامٍ كالدُّجَى | |
|
| وبهِ السلاحُ كأنجُمِ الجَوزَاءِ |
|
أكمامُهُ بِسَنى الجِيادِ تَفَتَّقَت | |
|
| وتَكَلَّلَت بالشارَةِ الحَمراءِ |
|
فَتَرى الجَحاجِحَ بالمذاكي سوابحاً | |
|
| ليلَ العجاجِ وأبحُرَ الغَبراءِ |
|
من أبيضٍ لدجى القنابلِ غُرَّة | |
|
| متصدِّرٍ كالطَّلَّةِ الغَرَّاءِ |
|
أو أصفَرٍ مثل الشمُوسِ شُعاعُهُ | |
|
| يعشي العُيون ببهجة الأضواءِ |
|
أو أدهمٍ هزجٍ لجُوجٍ في العنا | |
|
| نِ همرجلٍ كالليلةِ الليلاءِ |
|
أو أحمرٍ دركَ الطريدَةَ مُشرَبِ ال | |
|
| مصوَاتِ حاكى وردةَ الإمساءِ |
|
أو أشملٍ عبرَ الهواجرِ مرجَمٍ | |
|
| كالأرجُوانِ مجلجلٍ عَدَّاءِ |
|
أو أشقَرٍ سلسِ العِنانِ صُماصِمٍ | |
|
| كالجَمرِ بل كالدميةِ الجيداء |
|
أو أنمرٍ كالنمرِ فرضاخٍ جمو | |
|
| حٍ وهوهٍ في هدأةِ الأنضاءِ |
|
أوأشهبٍ كالصبحِ خاض دُجُنةً | |
|
|
ذا للحواضرِ والبوادي ركائب | |
|
|
وسرومطٍ فروٍ أمونٍ هبهَبٍ | |
|
| طبقَ المشُوقِ مُؤمَّلاً للقبَاءِ |
|
كُوم صلاهِب كالسَّفينِ مَواخِراً | |
|
| لطياسلِ البيداءِ والأفلاءِ |
|
تَطوي الفلا طيَّ السجلِّ لكتبهِ | |
|
| بل طَيَّ صُبحٍ طَيلَسَ الظَّلماءِ |
|
تجري أمامَ اليعملاتِ خَفيدداً | |
|
| تَرتَاحُ في الذَّملانِ بالنكباءِ |
|
كُلٌّ عليه غضنفرٌ مستلئمٌ | |
|
|
وإذا يُرى في غربهنَّ نظرتَهُ | |
|
| نَظراً يصيرُ به شبا البسلاءِ |
|
يتسابقُون إلى الوغَا فكأَنَّهم | |
|
| هِيمٌ رَأت مستنقعاً بفضاءِ |
|
يتواثبونَ إلى الجلادِ ضواحكاً | |
|
|
وإذا الكُماةُ توَغَّمَت في مأزمٍ | |
|
| خاضُوا المدالِثَ من رَحَا الرَّقطاءِ |
|
لكِنَّهُم ليسُوا بعشرِ عشيرِ من | |
|
| هُم قاصدُونَ لهُ من الأعداءِ |
|
لما التقوا وتراءتِ الفِئَتَان قا | |
|
| لَ تهكُّماً أشراذِم الضُّعَفَاءِ |
|
واستضعفوهم واستقلُّوا جيشَهُم | |
|
| فتجحفَلوا كَسَنائِن المَيلاءِ |
|
وتأهبوا زحفاً فزحفاً كالحَصَى | |
|
| وتزينُوا بالكبرِ والخُيلاءِ |
|
وتحصَّنُوا بمدافِعٍ رعديدةٍ | |
|
| ترمِي بحمرٍ سائِرَ الأرجاءِ |
|
وكأَنَّها في كثرةٍ وتتابُعٍ | |
|
| كالهُوجِ أو كالديمةِ الوَكفَاءِ |
|
فتسابَقوا مستبشرين إليهِم | |
|
| متعاقدين خناصِرَ الإيخاءِ |
|
حَمَلُوا عليهِم حملةً نبويةً | |
|
| وقتَ الهجيرِ على لظى الرمضاءِ |
|
لم يثنهم هول الرواعدِ والمدا | |
|
| فِعِ بالرَّصاصِ كَمُكفَهِرِّ سَمَاءِ |
|
نَكَصَ الشياطينُ التي أغوتهُمُ | |
|
| وقتَ اللِّقاءِ مَخافَةَ البأساءِ |
|
لم يلبَثُوا إِلاَّ كلا حتَّى تول | |
|
| وا مُدبرين كجافِلاتِ ظباءِ |
|
لا يسمعونَ ولا يرونَ لناعِقٍ | |
|
| إلا وقالُوا صارِخٌ بِدَهَاءِ |
|
بل كُلّ ليلٍ أو نهارٍ جاءَهُم | |
|
| ظَنُّوهُ ذُلاً جحفَلَ الحُنَفاءِ |
|
تَبِعَتهُمُ الأبطالُ قهراً يَقتُلُوا | |
|
| ن ويأسرونَ لها ذِمَ الرؤَساءِ |
|
وغدت جماجِمُهُم سنابِكَ خَيلِهِ | |
|
| ونفوسُهُم أضحت غُبارَ هَواءِ |
|
فَتَحَت لَهُم هِمَّاتُهُ ظُلَمَ المَمَا | |
|
| تِ وأغلقَت عنهُم سَنَا الأحياءِ |
|
وسعتهُمُ الأغلالُ إذ ضاقَ الفَضَا | |
|
| عنهم وكلُّ مدينةٍ حَصنَاءِ |
|
كانت مدافِعُهُم تُدافِعُ عَنهُمُ | |
|
| فاستوحَدُوا في الطَّودِ والوَجفاءِ |
|
فأتَوهُمُ من فَوقِهِم وأمامِهِم | |
|
| ويمينهِم كالسيلِ في البَطحاءِ |
|
فَغدوا على أبياتِهِم وأثاثِهِم | |
|
| بالحَربِ قَبلَ الغَارةِ الشَّعواءِ |
|
وَمَضوا أيادي لا تُرى إلا مَسَا | |
|
| كِنُهُم مُعطَّلةً مِنَ الأحياءِ |
|
ثُلَّت عُرُوشُ عِمادِهِم وحُصُونِهِم | |
|
| من مضربٍ وهَيَاكِلٍ وخِبَاءِ |
|
خَفَفت بُنُودُ النَّصرِ بشراً وَقتَمَا | |
|
| هَدَرَت طُبُولُ الفَتح بِالسَّراءِ |
|
فَاهنأ بِهَذا الفتحِ غيرَ مُزاحَمٍ | |
|
| في الفَخرِ راقٍ صَهوَةَ القَعسَاءِ |
|
ومن العجائبِ أنَّكُم أنهضتُمُ | |
|
| هِمَمَ الوَرَى لَهُمُ من الأنحاءِ |
|
وعقدتُم عنهُم سُمُومَ رِماحِهِم | |
|
| فَرَمَوهمُ بِهَزاهِزِ الضَّرَّاءِ |
|
فَلأنتُمُ قَلبَ الوَرَى وَهيَ الجَوا | |
|
| رِحُ منكُمُ التَّحرِيكُ كالإِرساءِ |
|
عَمَّ البَرى تصريفُكُم فكأَنَّهُ | |
|
| ريحٌ تَمُرُّ بسائِرِ الأَشياءِ |
|
أمَّا العُبَيدُ فأنتُم أدرى بِهِ | |
|
| وَبحالِهِ في الجهرِ والإِخفاءِ |
|
لا زلتمُ فخرَ الزمانِ ومجدُكُم | |
|
| بالعافِيات مُعسَّلا وَشِفَائي |
|
وصحائِفُ الأزمانِ تَرسُمُ مَدحَكُم | |
|
| بطُرُوسِهِنَّ جَهَابِذُ الشُّعَراءِ |
|
ومواسِمُ الأعيادِ تَرفُلُ صَوبَكُم | |
|
| بالنَّصرِ والأَفراحِ والأَضواءِ |
|
وعُيُونُ أنباءِ المَكارِهِ نُوَّمٌ | |
|
| عَنكُم وكُلّ قَضيَّةٍ شَنعَاءِ |
|
ثُمَّ الصلاةُ لجَدِّكُم ما قَد بدا | |
|
| حُسنُ القَريضِ جَزالَةُ الإِنشَاءِ |
|