إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
أن تحيا حرا في بلد العسكرْ |
يعني أن تقضي نصف حياتك في المخفرْ |
والنصف الآخر بين المخفر و المخفرْ |
لا تتحرّز أو تترك عاداتكَ |
كل الطرقات تؤدي للمخفرْ |
إذهب للمقهى.. أطلب قهوتك المعتادةَ |
لا تتعب نفسك و النادلَ.. لن تفلح في إخفاء مرارة روحكَ |
حتى لو زاد لها عشر ملاعق سكرْ |
إضحك.. غني.. دخن.. |
أطلق بضع نكاتٍ شائنة عن حفّاظ فخامته.. |
أَوغلْ في السخف و ثرثرْ.. |
بعد الظهر ستذهب للمخفر مختارا |
في الباب ستلقى شرطيا مبتدئا ينظر نحوك في شزرٍ.. |
يشتم أهلك.. نصف الشعب.. |
وكل الأحرار فداء لفخامته و يزمجرْ.. |
في القاعة تلقى سحنات شتى منها المألوف و نصف المألوف و.. |
عجبٌ!! وجه لا تعرفه! |
لابد غريب خانته الصدفة أو مألوف من كثر التعذيب تغيّرْ |
مخمور شتم السلطة و الشعب و ما بينهما في الشارع جهرا و تبخترْ |
والآخر لم يأكل منذ ثلاثة أيام.. في لحظة غيظ شتم السلطة |
والكرسي و زوجه و الأطفال و لم يجهرْ |
مسكين آخر لم ينطق من أسبوع |
قالوا صمته مشبوه.. لابد يخطط للثورة.. |
مجنون الحارة أيضا يجلس مبتسما |
قالوا متهم بالتحريض على العصيان |
وقيل عميل بالخبْل تستّرْ!! |
تستلقي في كرسي مهترئ في الركن الأقصى |
تتسلى بقراءة بعض شعارات في جدران الغرفة لا تخدع حتى الأطفال |
وترجع للتقليب ببضع مجلات نثرت قدامك |
تضحك.. هل يوجد حقا من يقرأها و يصدقها؟ |
وتحدق في بعض رفاقك |
مجنون الحارة مبتسما مازال يحدق في اللاشيءِ |
وغير المألوف يطالع ساعته في قلق.. لا بد تأخرْ |
والمخمور يدندن لحنا بدويا قذرا.. ينهره الصامت |
فيجيبه أن المخفر أقذزْ |
كان نشيد الوطن المنكوب هنالك أيضا محتجزا في برواز ذهبي |
حيّيتَهُ منكسرا.. |
رد عليك و لم يعتب أنك جافيته من أيام الصف السادس و المئزرْ |
وأخيرا يأتي دورك |
ياااه نفس الشرطي المبتدئ ال.. |
كم يزعجك الشرطيون المبتدؤون |
الحمقى ملتزمون بتطبيق القانون و بالإجراءات و بالصفع كذلك |
تتأفّف.. قد تمضي الليل هنا.. لا بأسَ |
ولكن تذكر أنك لم تحضر ما يكفي من تبغ كي تسهرْ |
معتاد أنت على الخيبات ستصبرْ |
حياك ببعض شتائم مخزية وطني جدا إبن الخردة و افتتح المحضرْ: |
إسمك؟ عمرك؟ شغلك؟ عنوانك؟ |
إسمي؟ |
يأسُ ابن القهر أنا |
عمري عمر القهر بهذي الأرض الموبوءة بالإعلام و بالتلمود و بالعسكرْ |
شغلي؟ |
ليس يهمك.. بطال أو أكدح لا فرق هنا |
فالكل سواء في دكان الحي مجرد رقم في دفتر |
عنواني مقهى الحي و أرصفة الحارات المنسية |
لكن في الأغلب تلقاني في المخفرْ |
من أين أتيت و أين ذهبت و من لاقيت و ماذا قال و ماذا قلت.. |
لم يبق إلا أن تسأل عن.. |
همّ بصفعك لكن مهلا.. شيء يحدث في المخفر |
ينفتح الباب و تدخل كرش |
يقف الشرطي.. يعدّل بذلته في عجلٍ |
بعد قليل يلتحق الضابط |
ينظر نحوك في مللٍ |
من هذا؟ |
زنديق يكفر بالرب و يشتم دولاب الكرسي و يسخرْ |
لكن لا تقلق سنؤدبه و نريه النجم القطبي بعز الظهرِ |
كذلك لو شئت نريه الدب الأكبر و القرد الأصغرْ |
يشتمك بحكم الواجب طبعا و يغادر.. فيعود التحقيق لمجراه.. |
يمر أمامك شرطي مازال قليلا إنسانا |
يبدو أنه يذكر وجنتك المزرقّة من آخر تحقيق |
يتظاهر بالتفتيش بدرج المكتب.. |
يترك قربك بضع سجائر.. يشتم أهلك مضطرا و يغادر |
يطول الليل و يمتد التحقيق و مازلتَ أمامه تهذي و تثرثرْ |
مازال المفعول به يرجو أن يُخرج من هذيانك شيئا يبدو كالتهمة |
كي يرتاح و يغلق هذا المحضرْ |
يتعب جدا جدا.. تسودّ جفونه.. مسكين.. |
وترق له.. تلقي نحوه آخر سيجار و تساعده في رقن المحضرْ |
يشتم أهلك ثانية أو عاشرة لا تذكر ليس بحكم الواجب لكن هذي المرة للمظهرْ |
تخرج من مخفرهم كالأجرب ينكرك الأصحاب و يلعنك الأهل جميعا |
فجميعهمُ سيزور المخفرْ |
ستزور المخفر أمك و أبوك.. أخوك.. |
وجارك أيضا سيزور المخفرْ |
صافحك اليوم صباحا بالأحضان و سلمك المسكين ثلاثة أوراق |
كي تكتب مرسولا لحبيبته.. قد ترضى و تشاركه المنكرْ |
وصديق جالسته في المقهى دسّ بجيبك بضع دنانيرٍ سيزور المخفرْ |
بنت أربكها تحديقك فابتسمت في خجل ستزور المخفرْ |
شحاذ أعياك بإلحاحه فدسست بجيبه شيئا كي تسكته مسكين سيزور المخفرْ |
مجهول أخطأت برقمه في الهاتف أيضا سيزور المخفر |
حتى بغي أمضيت الليل بغرفتها ستبيت الليلة في المخفرْ |
لا تدري.. المخفر في الحارة أم كل الحارة صارت مخفرْ |
تلمح شيئا خلفك |
تذكر أنك شاهدته بالصدفة في زاوية في المخفر |
كان هنالك أيضا في المقهى يتأمل وجهك في بله و يخربش في الدفترْ |
يشبه ظلك؟!! |
تذكر بالأمس مشيت بظلين و كان الليل حزينا |
والظل الآخر يمشي خلفك كالمخمور يثبت قبعة سوداء تشاكسها الريح و.. |
مهلا.. لكنك لم تلبس قبعة بالأمس و لم تسكر!! |
تلتاث و تهذي.. |
هل كان المخبرُ ظلَّك أم كان الظلُّ هو المخبرْ؟!! |