سقيتَ ترشيش لما أبت يا غادي |
ماءَ الهناءِ فتروي كالحَ النادي |
رأيتَ أنّ العلا بالحزمِ مُولعَةٌ |
فكُنتَ بالعزمِ للعليا بمرصادِ |
فَسِرتَ يومَ خميسٍ وقد |
وازَ الكراديسَ أجناداً بأجنادِ |
لاحت بوارِقُهُم تحتَ الرعُودِ بما |
حَمَى مصابُم منسوجُ أبرادِ |
أخالُهُم شُهباً للرحمِ قد خُلِقُوا |
رَسمينِ في أُفقِ نَصرٍ وفقَ إرصادِ |
وأنت تقدُمُهم تخطو بموكبهم |
من الفلاةِ تَشُقُّ ذات أوقادِ |
حَلَلت ملآن ثُمَّ أُبتَ مُرتَحِلا |
إلى سُليمانَ تَبغي نُزلَ خَلاَّدِ |
خَبِرتَ منها لحماماتِها سُبلاً |
من نحوِ نابُل صَفو الرَّيِّ للصادي |
إلى الخليدي على بئرِ البُويتةِ |
تلقى بهرقلةٍ أوعيةَ الزَّادِ |
لِسُوسةَ وبها رأوا المقيلَ وقد |
صفت بأحوازِها أوعارُ أبعادِ |
وَيومَ إذ جُزتَهَا يومٌ يُقالُ له |
ما كان مثلهُ في أحقابِ أوبادِ |
من المنستيرِ ريحُ الهدي منتشقاً |
من عرف مهديةٍ دار الفتى الهادي |
من الصبيةِ للحسيانِ بعدهُمَا |
خرقٌ إلى غار مسعُودِ بن مسعادِ |
إلى صفاقس دارِ الخيرِ مَنزلُهُ |
اكرم بها في الثنا من دارِ عَبَّادِ |
وكان يَومُكَ لمَّا أن دخلتَ لها |
تختالُ بين مصاليتٍ لأجنادِ |
يُزري بيوم ازديادِ النيل مستوياً |
والمهرجانِ ونيروزٍ بأهنادِ |
وحين دوَّختها براً عمدت إلىذ |
خوضِ البحارِ على تيارِ أزبادِ |
لم تدرِ قَابُسُ حتّضى أن شعلت بها |
من اسمها ما درَت معناهُ من بادي |
ظَنَّت بأنَّكَ لا تُطفي لها قبساً |
بقابسَ منكَ في زرعِ العدا عادي |
ولم تُحَرِّك لهم جَيشاً ولا انتظم |
القِرانُ فيها ولم تُصحَب بأحقادِ |
مُجَرَّدُ الإذنِ فيهم قد كفى ولَقد |
ظَنُّوا الحماية في أكنافِ أسيادِ |
رأوا جبالَهُم حِصناً وما حسبوا |
بأنَّ جدَّكَ نَسَّافٌ لأطوادِ |
تركتَ أشبالَهُم صرعى ومِلتَ إلى |
أطلالِ جِربةَ إيفاءً بميعادِ |
وجئتَ عن أجمٍ قصرِ العجائب كم |
في أمرِهِ من أحاديثٍ وإسنادِ |
وَسِرتَ مِنهُ لنحوِ القَيروانِ فما |
أزكى منازِلَهَا من دارِ أسيادِ |
مَطَّيت حِملَ العَنَا فيها وملتَ إلى |
قطعِ الوغى بينَ أنذالٍ وأوغادِ |
بَنُو عَزيزٍ طَغَوا أذللتَ عِزَّتَهُم |
وصدتَهُم صَيدَ مَعضُودٍ لِفهَّادِ |
أعقلتَهُم من عبادِ الذُلِّ معتقلاً |
ارغمتَ منهم أُنُوفاً بعدَ إسهادِ |
سقيتهُم من شرابِ القتلِ حاميةً |
فرَّت أكبادَهُم من وصلِ أكرادِ |
أركبتهم لهم أسيافٍ مُهَنَّدَةٍ |
كسوتَهُم بالدِّما أثوابَ فَرصادِ |
ومن حمى حيهم لاقى الذي وجدوا |
كادُوا فكدتَ لهم أنواعَ أكيادِ |
ليسَ التعزُّزُ بالمُلكِ العزيزِ هنى |
العِزُّ في الذكرِ يَبقى بَعدَ أوبادِ |
وأنتَ قد جُبِلَت فيكَ الجبلَّةُ عن |
تَركِ النواذِ يَداً ضيما بأذوادِ |
يا أيها الملكُ المَولى الأعزُّ ثنا |
الشائِعُُ الصيتِ من خافٍ ومن بادي |
الأحكمُ المُمتضي المِحرابَ من جُمِعَت |
فيه المناقِبُ أزواجاً لأفرادِ |
قد أعلمتنا بكَ الأخبارُ مُذ زَمنٍ |
بأنكَ الوترُ لم تُشفَع بإفرادِ |
نَرجُو لِمُلكِكَ طُولاً في هنا سعةٍ |
جَلَّت معاطيهِ عن إحصاءِ أعدادِ |
فأنت مِصباحُ بُشرى وقتَ شِدَّتِه |
كَم كانَ من ضوئهِ في الكَربِ إيقادِ |
وافيتَ عَنِّي وقد أوليتني كَرَماً |
عَمَّت مَزاياهُ آبائي وأولادي |
أغمرتني في جالٍ من نداكَ فَلَم |
أجد لَها المثلَ في تعدادِ أجوادِ |
اكبرتني بين أقراني وقد كَبُرَت |
عَن غَمرَةٍ غَمَرَت مُخفٍ لأحقادِ |
بالبرِّ تُستعبَدُ الأحرارُ طائِعَةً |
ويحصُلُ الصَّقرُ في أشراكِ صَيَّاد |
فها أنا الآن رِقٌّ في نداكَ إذاً |
لا نِلتُ عِتقاً ولا تسريحَ أقيادِ |
يا سيداً فخرهُ من ذاتهِ ولقد |
زادَ الفخارُ لهُ من نحوِ أجدادِ |
يَهنيكَ رُجعي إلى الخضرا على أملٍ |
مقربٌ لك قاصي كُلِّ أبعادِ |
بلادكَ البلدُ الذي قد خَرَجَت لَهُ |
نارُ التَوَحُّشِ تَصلي نُضجَ أكبادِ |
لا أوحشَ اللَه مِنكَ الخَلقَ يا أملاً |
ما عنهُ بَعدَ النوى صَبرٌ لأجلادِ |
وساعد وَدُم واتئد واخصِب ونل أهلاً |
واهنأ وعش يَقيكَ الردى من عينِ حُسَّادِ |
ما قالت الناسُ في الرجعى مُؤرخَةً |
والبيتِ قصدُكَ من واقٍ بإسعادِ |