سَفَرَ الزَمانُ بِغُرَّةِ المُستَبشِرِ | |
|
| وَكُسي شَباباً بَعدَ ذاكَ المَكبَرِ |
|
وَتَأَرَّجَت أَرجاؤُهُ بِشَذائِهِ | |
|
| حَتّى لَخِلنا التُربَ شيبَ بِعَنبَرِ |
|
وَتَأَلَّقَت في طيبَةٍ سُرُجُ الهُدى | |
|
| ما بَينَ رَوضَةِ سَيِّدي وَالمِنبَرِ |
|
وَتَأَلَّقَت مِن قَبلِ ذاكَ بِمَكَّةٍ | |
|
| إِذ قُدِّسَت مِن كُلِّ رِجسٍ مُفتَرِ |
|
وَتَجَدَّدَت مِن جُدَّةٍ أَعلامُهُ | |
|
| وَتَقَشَّعَت مِنها رُسومُ المُنكَر |
|
وَجَرَت يَنابيعُ الهُدى في يَنبُعٍ | |
|
| هذي السَعادَةُ يا لَها مِن مَفخَرِ |
|
بِفُتوحِ مُؤتَمَِ الإِلهِ لِدينِهِ | |
|
| مَلِكٍ تَسَلسَل مِن كَريمِ العُنصُرِ |
|
لَيتَ الذي سَكَنَ الثَرى مِمَّن مَضى | |
|
| مِن أَهلِ بَدرٍ وَالبَقيعِ المُنوِرِ |
|
اِنظُروا صَنيعَكَ في المَدينَةِ وَالتي | |
|
| يَهوي إِلَيها كُلُّ أَشعَثَ أَغبَرِ |
|
كَي يَشهَدوا أَنَّ الفَضائِلَ قُسِّمَت | |
|
| بِالفَضلِ بَينَ مُقَدَّمٍ وَمُؤَخَّرِ |
|
وَيَسُرَّهُم إِحياؤُكَ الشَرعَ الذي | |
|
| قَد كانَ قَبلَكَ مِثلَ روحِ مُغَرغِرِ |
|
عَبَّدتَ لِلمُلكِ العَزيزِ تَقاؤُلاً | |
|
| وَالفَألُ تُؤثَرُ عَن شَفيعِ المَحشَرِ |
|
سِرٌّ بَدبعٌ كانَ في إِخفائِهِ | |
|
| مِن قَبلِ سَعدِكَ حِكمَةٌ لَم تَظهَرِ |
|
وَفَضائِلٌ كُنتَ الخَليقَ بِنَشرِها | |
|
| وَتَرى الغَبِيَّ بِسِرِّها لَم يَشعُرِ |
|
أَوَ ما عَلِموا بِاَنَّ حَظَّكَ فيهِمُ | |
|
| كانَ الزَغيمَ لَدَيهِمُ في المَحضَرِ |
|
أَنتَ الذي إِن تُبدِ ناجِذَ غَضبَةٍ | |
|
| مِنها تَثَعلَبَ كُلُّ لَيثٍ قَسوَرِ |
|
فَاِشكُر إِلهَكَ وَاِرعَهُ غَضبَةٍ | |
|
| مِنها تَثَغلَبَ كُلُّ لَيثٍ قَسورِ |
|
وَليَشكُرِ الثَقلانِ ما أَولَتهُم | |
|
| مِن أَمنِهِم مِن بَعدِ خَوفٍ أَعسَرِ |
|
ظَفِرَ الحِجازُ مِنَ الزَمانِ بِغِبطَةٍ | |
|
| بَعدَ النَبِيِّ وَصَحبِهِ لَم تُخبَرِ |
|
أَمِنوا عَلى أَموالِهِم وَدِمائِهِم | |
|
| مِن بَعدِ ما كانوا لِأَوَّلِ مُجتَري |
|
وَلَطالَ ما أُخِذَ الفَتى مِن بَيتِهِ | |
|
| وَاليَومَ يُمسي مُصحِراً لَم يَحذَرِ |
|
يَاِبنَ الخَلائِفَ وَالهُداةِ أَولي التُقى | |
|
| وَاِبنَ الأَئِمَّةِ أَكبَراً عَن أَكبَرِ |
|
ثُلَّت عُروشُ المَجدِ حَتّى جَئتُمُ | |
|
| فَبَنَيتُموها بِالظُبى وَالسَمهَري |
|
قَومٌ دَحَوا أَرضَ العَدُوِّ بِخَيلِهِم | |
|
| وَبَنوا سَماءً فَوقَها مِن عِثيَرِ |
|
وَإِذا تَناوَشَتِ الرِماحَ أَكُفُّهُم | |
|
| رَكَزوا أَسِنَّتَها بِنَحرِ الأَصعَرِ |
|
وَإِذا تَخاطَرَتِ القُرومُ بِمَأزِقٍ | |
|
| ضَنكٍ رَأَيت وَجوهَهُم كَالأَقمُرِ |
|
تَخِذوا مِنَ الصَبرِ الحَصينِ سَوابِغاً | |
|
| أَغناهُمُ عَن جُنَّةٍ أَو مِغفَرِ |
|
وَإِذا تَعَبَّسَ وَجهُ دَهرٍ قاسِطٍ | |
|
| ضَحِكوا بِفَكِّ إِسارِ كَفّ المُعسِر |
|
أَو ما نَرى عَبدَ العَزيزِ اِبنَ الأُلى | |
|
| أَحيَوا مَآثِرَ سُنَّةِ المُدَّثرِ |
|
كَيفَ اِرتَقى مَجداً إِلى أَوجِ العُلا | |
|
| حَتّى لَكادَ بِهِ يُحاذي المُشتَري |
|
سَلَبَ المَمالِكَ أَهلَها بِعَزائِمٍ | |
|
| يُنسي مَضاها عَزمَةَ الإِسكَندَرِ |
|
لَبِسَ العَجاجَ إِلى الهياجِ وَإِنَّما | |
|
| نَيلُ المَعالي في رُكوبِ المَخطَرِ |
|
نَظَمَ المُلوكُ لِواءهُ فَتَحَدَّبوا | |
|
| تَحتَ اللِواءِ تَحَدُّبَ المُستَصغَرِ |
|
لا يَزأَرُ اللَيثُ الهِزَبرُ بِجَوِّهِ | |
|
| وَإِذا تَثاءَبَ وَدَّ لَو لَم يَفغَرِ |
|
كَم قادَها قُبَّ الأَياطِلِ شُزَّباً | |
|
| تَدَعُ المَعاقِلَ كَاليَبابِ المُقفِرِ |
|
يَحمِلنَ كُلَّ غَضَنفَرٍ ذي لُبدَةٍ | |
|
| وَيَطَأنَ هامَ الأَصيَدِ المُتَجَبِّرِ |
|
مُتَفَيِّئاً وَهَجَ السَنابِكِ في الوَغى | |
|
| مُتَقَيِّلاً ظَهرَ الجَوادِ الأَشقَرِ |
|
ثَبتٌ إِذا دُهمُ الخُطوبِ تَلَوَّنَت | |
|
| يَقِظٌ إِذا لَحَنوا لَهُ لَم يَعتَرِ |
|
جَمَعَ السِيادَةَ وَالشَجاعَةَ وَالنَدى | |
|
| خُلُقٌ لَهُ في مَورِدٍ أَو مَصدَرِ |
|
فَإِذا حَبا لَم تَلقَ غَيرَ مُمَوَّلٍ | |
|
| وَإِذا سَطا لَم تَلقَ غَيرَ مُعَفَّرِ |
|
وَإِذا نَظَرتَ نَظَرتَ أَحسَنَ مَنظَرٍ | |
|
| وَإِذا سَمِعتَ سَمِعتَ أَكرَمُ مُخبِرِ |
|
تَتَخالَجُ الأَفكارُ في كَيفَ اِرتَقى | |
|
| فَتُرَدُّ حاسِرَةً كَأَن لَم تَفكِرِ |
|
قَومٌ تَفَرَّعَ مِن صَميمِ فَخارِهِم | |
|
| وَهَبوا البَرِيَّةَ مَوهِباً لَم يُقدَرِ |
|
نَسَخَت مَكارِمُهُ المَكارِمُ قَبلَهُ | |
|
| وَلَسَوفَ تَنسَخُ ما يَجي في الغُبَّرِ |
|
فَاِسلَم وَدُم لِلدّينِ رِدءاً ثابِتاً | |
|
| تَدعو إِلى سُبُلِ السَلامِ الأَكبَرِ |
|
وَتَرُدُّ أَعداءِ الإِلهِ بِغَيظِهِم | |
|
| يَتَجَرَّعونَ كُؤوسَ ذُلٍّ أَحمَرِ |
|
ثُمَّ الصلاةُ عَلى النَبِيِّ وَآلِهِ | |
|
| أَهلِ الكِساءِ وَصَحبِهِ المُتَخَيَّرِ |
|