أَفادَكَ مَجدَ الدَهرِ صِدقُ العَزائِمِ | |
|
| وَبَلَّغَكَ العَليا شِفارُ الصَوارِمِ |
|
وَما المَجدُ إِلّا الشَرعُ وَالعَفوُ وَالنَدى | |
|
| فَإِن لَم يُفِد شَيئاً فَضَربُ الجَماجِمِ |
|
وَما بَلَغَ العَلياءِ إِلّا سَمَيذَعٌ | |
|
| إِذا هَمَّ لَم يَسمَع مَقالَةَ لائِمِ |
|
وَذاكَ إِمامُ المُسلِمينَ اِبنُ فَيصَلٍ | |
|
| سِمامُ المُعادي رَحمَةٌ لِلمُسالِمِ |
|
مَليكٌ تحاماهُ المُلوكُ مَهابَةً | |
|
| وَتَرهَبُهُ غُلبُ الأُسودِ الضَراغِمِ |
|
سَما لِلعُلا بِالسَيفِ وَالضَيفِ وَالنَدى | |
|
| وَقَهرِ الأَعادي وَاِجتِنابِ المَحارِمِ |
|
فَشَتّان ما بَينَ الذي جلَّ سَعيُهُ | |
|
| لِكَسبِ المَعالي وَالذي لِلدَراهِمِ |
|
فَلَو كانَ يَرقى المَجدَ في الأُفق رَبُّهُ | |
|
| تَبَجَّحَ مَجداً فَوقَ هامِ النَعائِمِ |
|
فَكَم دَوَّخَ الأَعداء شَرقاً وَمَغرِباً | |
|
| وَداسَ حِماهُم بِالعِتاقِ الصَلادِم |
|
سَليلُ مُلوكٍ جَدَّدوا الدينَ بَعدَما | |
|
| هَوى عَرشُهُ مِن عالِياتِ الدَعائِمِ |
|
فَسارَ مَسيرَ الشَمسِ في الأَرضِ ذِكرُهُم | |
|
| بِنَصرِ الهُدى بِالمَشرَ في وَاللَهاذِمِ |
|
فَلِلَّهِ كَم شادوا مِنَ الدُنيا دارِساً | |
|
| وَكم خَلَّدوا مِن سابِقاتِ المَكارِمِ |
|
وَكنتُ لَهُم نِعمَ الخَليفَةُ بَعدَما | |
|
| قَضوا وَاِستَكَنّوا في بُطونِ الرَواجِمِ |
|
فَلَو مُكِّنوا أَثنَوا عَلَيكَ وَأَعلَنت | |
|
| بِشُكرِكَ مِنهُم بالِياتُ الرَمائِمِ |
|
وَكنتَ إِذا الأَمر الصَعيبُ تَخازَرَت | |
|
| بهِ الأُسدُ في يَومٍ من النَقعِ قاتِمِ |
|
وَضَلَّ بهِ السِرحانُ يَرقُصُ مائِداً | |
|
| وَتَحمَدُهُ سُغبُ النُسورِ القَشاعِمِ |
|
رَكوباً لِأَثباجِ الخُطوبِ إِذا التَوَت | |
|
| تَيَمَّمتَ كُبراها بِهِمَّةِ حازِمِ |
|
وَجُردٍ كَأَمثالِ السَراحينِ لاحَها | |
|
| تَجاوُزُ غيطانِ الفَلا وَالمَخارِمِ |
|
عَلَيهِنَّ فِتيانٌ إِذا اِحتَدَمَ الوَغى | |
|
| تَساقَوا حِياضَ المَوتِ وِردَ الحَوائِم |
|
رَقى بِالهُوَينا فَاِمتَطى صَهوَةَ العُلا | |
|
| وَأَعيَت مُلوكاً حاوَلوا بِالسَلالِم |
|
عَفُوٌّ إِذا ما العَفوُ كانَ حَزامَةً | |
|
| وَلَيثٌ غَضوبٌ عِندَ جَهلِ المُخاصِمِ |
|
أَلَم تَرَ قَوماً غَرَّهُم مِنهُ حِلمُهُ | |
|
| فَظَنّوا ظُنوناً مِثلَ أَضغاثِ حالِمِ |
|
تَمَنَّوا سَفاهاً أَن يَضُرَّكَ كَيدُهُم | |
|
| وَمِن دونِ ما رامواهُ حَزُّ الغَلاصِمِ |
|
مُنىً أَسلَمَتهُم لِلهَوانِ وَلِلرَّدى | |
|
| وَأَلقَتهُمُ في قَعرِ ضَرّاءِ جاحِمِ |
|
وَلَمّا أَبَوا إِلّا الشِقاقَ رَمَيتَهُم | |
|
| بِأَرعَنَ جَوّاسٍ خِلالَ المَخارِمِ |
|
فَأَضحَوا وَهُم ما بَينَ ثاوٍ مُجَندَلٍ | |
|
| وَآخرَ مَصفودٍ بِسُمرِ الأَداهِمِ |
|
وَقَد خَسِروا وَالدُنيا مَع الدينِ وَاِشتَرَو | |
|
| بِعِزِّ التُقى المَحمودِ ذُلَّ المَآثِمِ |
|
وَلمّا رَأوا مِنكَ الصَرامَةَ أَدبَروا | |
|
| يَظُنّونَ رَحبَ الأَرضِ حَلقَةَ خاتِمِ |
|
وَلاذوا بِعُبّادِ الصَليبِ تَخَيُّراً | |
|
| فَما اِنقَلَبوا إِلّا بِسوءِ الخَواتِمِ |
|
يُساقونَ قَهراً بِالهَوانِ أَذِلَّةً | |
|
| يَعَضّونَ مِن غَيظٍ رُؤوسَ الأَباهِمِ |
|
يَوَدّونَ قَبلَ اليَومِ جِدّاً لَو اِنَّهُم | |
|
| تَساقَوا كُؤوساً مِن سمامِ الأَراقِمِ |
|
وَلَم يَبلُغوا اليَومَ الذي نَظَروا به | |
|
| وجوهَ المَنايا كالِحاتِ المَباسِمِ |
|
وَيَومَ اِعتَزَوا لِلدّينِ رَحَّبتُمُ بِهِم | |
|
| كَتَرحيبِ مَشغوفٍ بِأَفضَلِ قادِم |
|
وَواسَيتُموهُم بَعدَ فَقرٍ وَعَيلَةٍ | |
|
| وَأَلَّفتُموهُم بَعد طولِ تَصادُمِ |
|
فَمِنهُم أُناسٌ صَدَّقوا ما اِعتَزَوا بِه | |
|
| أولئِك إِخوانُ الصَفا وَالتَراحُمِ |
|
هُمُ صَدَقا اللَه الذي عاهَدوا بِهِ | |
|
| إِمامَهُمُ فِعلَ التَقِيِّ المُلازِمِ |
|
وَمِنهُمُ أُناسٌ خالَفوا ما اِعتَزَوا بهِ | |
|
| وَباعو الهُدى بِالموبِقات العَظائِم |
|
فَهلّا أَفاد القَومَ ما قد فَعَلتُمُ | |
|
| بِآبائِهِم في الغابِرِ المُتَقادِمِ |
|
وَأَنت بِهِم مِن قَبلِ وَقتِ اِنتِسابِهِم | |
|
| إلى الدينِ تَرميهِم بِأُمِّ القَواصِم |
|
فماذا بدا فيما عَدا لَو تَعَقَّلوا | |
|
| وَلكِن جُسومٌ في حُلومِ البَهائِمِ |
|
إِمامَ الهُدى تَبرا الكُلومُ على المَدى | |
|
| وَتَبقى حَزازاتُ النُفوسِ الكَواتِمِ |
|
فَلا تَأمَنِ الضِدَّ الذي قَد وَتَرتَهُ | |
|
| وَلَو أَنَّهُ أَبدى بَشاشَة باسِمِ |
|
قِفي صَدرِهِ مِمّا فَعَلت تَحَرُّجٌ | |
|
| وَفي قَلبِهِ مِثلُ التِهابِ الضَرائِمِ |
|
فَكَم عاهَدوا عَهداً وَهم يَنقُضونَهُ | |
|
| وَكَم حَلَفوا بِاللَهِ حَلفَةَ آثِمِ |
|
فَلا زِلتَ مَنصوراً عَلَيهِم وَغَيرِهِم | |
|
| وَحيدَ الثَنا في عُربِها وَالأَعاجِم |
|
وَصلِّ إلهَ العالَمينَ مُسَلِّماً | |
|
| عَلى المُصطَفى المُختارِ مِن آلِ هاشِمِ |
|
وَأَصحابِهِ الغُرِّ الكِرامِ وَآلِهِ | |
|
| هُداةِ الهُداةِ الطَيِّبينَ الأَكارِمِ |
|