لِمِثلِ ذا الخَطبِ فَلتَبكِ العُيونُ دما | |
|
| فَما يُماثِلُهُ خطبٌ وَإِن عَظُما |
|
كانَت مَصائِبُنا من قَبلهِ جَلَلاً | |
|
| فَالآنَ جُبَّ سنامُ المَجدِ وَاِنهَدَما |
|
سَقى ثَرىً حَلَّهُ شَيخُ الهُدى سُحُبٌ | |
|
| مِن واسِع العَفوِ يَهمي وَبَلُها ديما |
|
شَيخٌ مَضى طاهِرَ الأخلاقِ مُتَّبِعا | |
|
| طريقَةَ المُصطَفى بِاللَهِ مُعتَصِما |
|
بَحرٌ مِن العِلمِ قَد فاضَت جداوِلهُ | |
|
| لكنَّهُ سائِغٌ في ذَوقِ من طَعِما |
|
تَنشَقُّ أَصدافهُ في البَحث عن دُرَرٍ | |
|
| تَهدي إِلى الحَقِّ مَفهوماً وَمُلتَزِما |
|
فكم قَواعِدِ فِقهٍ قد أَبانَ وَكم | |
|
| أَشادَ رَسماً من العَليا قدِ اِنثُلَما |
|
نَعى إِلَينا العُلا وَالبِرَّ مَصرَعهُ | |
|
| وَالعِلمَ وَالفَضلَ وَالإِحسانَ وَالكَرَما |
|
هذي الخِصالُ التي كانَت تُفَضِّلُهُ | |
|
| على الرِجالِ فَأَضحى فيهِمُ علما |
|
فَلَيتَ شِعري من لِلمُشكلاتِ إِذا | |
|
| ما حَلَّ منها عَويصٌ يُبهِمُ الفَهِما |
|
وَلِلعُلومِ التي تَخفى غَوامِضُها | |
|
| على الفُحولِ من الأحبارِ وَالعُلما |
|
من لِلأَرامِلِ وَالأَيتامِ إِن كَلَحَت | |
|
| غُبرُ السِنينَ وَأَبدَت ناجِذاً خَذِما |
|
لَو كُنتُ أَملِكُ إِذ حانَت مَنِيَّتهُ | |
|
| دَفَعتُها عنهُ وَلكِن حُمَّ ما حُتما |
|
فَقُل لِمَن غُرَّهُ في دَهرهِ مهلٌ | |
|
| فَظَلَّ يَمري بِحالِ الصِحَّةِ النِعَما |
|
لا تَستَطِل غَفوَةَ الأَيّامِ إِن لها | |
|
| وَشكَ اِنتِباهٍ يُرى مَوجودُها عَدَما |
|
إِنَّ الحَياةَ وَإِن طالَ السُرورُ بها | |
|
| لا بُدَّ يَلقى الفَتى مِن مَسِّها أَلما |
|
فَخُذ لِنُقلَتِك الآتي المَصيرُ لَها | |
|
| زاداً فَما أَلحَقَ الباقي بِمَن قَدَما |
|
لا بُدَّ مِن ساعَةٍ يُبكي عَلَيك وَلا | |
|
| تَدري بِمَن قد بَكى أَوشَقَّ أَو لَطَما |
|
ما تَرى الشَيخَ عَبد اللَهِ كَيفَ مَضى | |
|
| وَكان عِقداً نَفسياً يَفضلُ القِيما |
|
عِشنا به حِقبَةً في غِبطَةٍ فَاَتى | |
|
| عَلَيهِ ما قد أَتى عاداً أَخا إِرَما |
|
وَقَبلَهُ اِختَلَسَت ساماً وَإِخوَتَهُ | |
|
| أَيدي المَنونِ وَأَفنَت بَعدَهُم أُمما |
|
لَهفي عَلَيهِ وَلَهفَ المُسلِمينَ مَعي | |
|
| لَو أَنَّ لَهفاً شَفى من لاهفٍ سَدَما |
|
وَلَهفَ مَدرَسَةٍ بِالذِكرِ يَعمُرُها | |
|
| وَمَسجدٍ كانَ فيهِ يَنثُرُ الحِكَما |
|
اللَهُ أَكبَرُ كَم باكٍ وَباكِيَةٍ | |
|
| وَحائِرٍ كاظِمٍ لِلغَيظِ قَد وَجَما |
|
وَفَجعَةِ الدينِ وَالدُنيا لِمَصرَعِهِ | |
|
| وَفَرحَةِ الناسِ وَالإِسلامِ لَو سَلِما |
|
لكنَّهُ مَورِدٌ لا بُدَّ وارِدهُ | |
|
| مَن يُعتَبَط شارِخاً أَو مَن وَهى هَرما |
|
عَمري لَقَد غَرَّنا من دَهرِ خِدَعٌ | |
|
| مِن حَيثُ لا يَعلَمُ المَخدوعُ أَو عَلِما |
|
يَقودُنا نَحوَها التَسويفُ أَو طَمَعٌ | |
|
| في مُضمَحِلٍّ قَليلٍ مُعقِبٍ نَدَما |
|
وَالعُمرُ وَالعَيشُ في الدُنيا لهُ مَثَلٌ | |
|
| كَالظِلِّ أَو مَن يَرى في نَومهِ حُلُما |
|
كلٌّ يَزولُ سَريعاً لا ثَباتَ لهُ | |
|
| فكُن لِوَقتكَ يا مِسكينُ مُغتَنِما |
|
لَيسَ البُكاءُ وَإن طالَ العَناءُ بهِ | |
|
| بِمُرجعٍ فائِتاً أَو مطفىءٍ ضَرَما |
|
فَاللَهُ يُنزِلهُ عَفواً وَيَرحمهُ | |
|
| فإنَّهُ جلَّ قَدراً أَرحمُ الرُحما |
|
ثم الصَلاةُ على من في مُصيبَتِهِ | |
|
| لنا العَزاءُ إِذا ما حادِثٌ عظُما |
|
محمد خيرِ مَبعوثٍ وَشيعتهِ | |
|
| وَصحبهِ ما أَضاءَ البَرقُ مُبتَسِما |
|