أَدركتَ فَجْرَ الحَيَاةِ أَعمًى |
وكنتَ لا تَعْرِفُ الظَّلامْ |
فأَطْبَقَتْ حَوْلَكَ الدَّياجِي |
وغامَ مِنْ فوْقِكَ الغَمَامْ |
وعِشْتَ في وَحْشَةٍ تُقاسي |
خواطراً كلّها ضرامْ |
وغُرْبَة مَا بِها رَفيقٌ |
وظلمةٍ مَا لها خِتامْ |
تشقُّ تِيهَ الوُجُودِ فرداً |
قَدْ عضَّكَ الفَقْرُ والسُّقَامْ |
وطارَدَتْ نَفْسَكَ المآسي |
وفَرَّ مِنْ قَلْبِكَ السَّلامْ |
هوِّنْ على قلبك المعنَّى |
إنْ كُنْتَ لا تُبْصِرُ النُّجُومْ |
ولا ترى الغابَ وهو يلغو |
وفوقه تَخْطُرُ الغُيومْ |
ولا ترى الجَدْوَلَ المغنِّي |
وحَوْلَهُ يَرْقُصُ الغيمْ |
فكلُّنا بائسٌ جديرٌ |
برأْفَةِ الخَالقِ العَظيمْ |
وكلُّنا في الحَيَاةِ أعمى |
يَسُوقهُ زَعْزَعٌ عَقِيمْ |
وحوله تَزْعَقُ المنايا |
كأنَّها جنَّةُ الجَحِيمْ |
يا صاحِ إنَّ الحَيَاة قفرٌ |
مروِّعٌ ماؤهُ سَرَابْ |
لا يجتني الطَّرْفُ منه إلاَّ |
عَواطفَ الشَّوْكِ والتُّرابْ |
وأَسعدُ النَّاس فيه أَعمى |
لا يُبْصِرُ الهول والمُصَابْ |
ولا يرى أَنْفُسَ البرايا |
تَذُوبُ في وقْدَةِ العَذَابْ |
فاحمد إِلهَ الحَيَاةِ واقنعْ |
فيها بأَلْحانِكَ العِذَابْ |
وعِشْ كما شاءَتِ اللَّيالي |
مِنْ آهَةِ النَّايِ والرَّبَابْ |