عجبت لنصح بالتي هي أنكرُ |
وصاحبها ينحو سواه ويفخر |
انصحا لوجه اللّه ثم يشوبه |
هجاء بتعديد المساوي ومفخر |
أنصحا لدى المرسى وغيبةَ مسلم |
فغيبته بين المحافل تنشر |
انصحا بتلقين العدو وإفكه |
وتصديقه في كل ما عنه يخبر |
انصحا وما فيه ظننت إفادةٌ |
بل الهجو تخشى غير أنك أشعر |
أنصحا ولمّا يقصد النصح أهلهُ |
وهو بأيدي الكاشحين مسطّر |
يودون للمنصوح أخذ مضلّة |
ومدحضة يأتي إليها ويعثر |
إذا ما رأوا منه القبيح تباشروا |
وان ابصروا حسنا لديه تمعروا |
فهلا بعثت النصح مع ذي مودّة |
فهذا لعرض المرء أبقى واستر |
وهلا ينثر كان أو كان خفية |
فذلكمُ بالنفع أجدى وأجدر |
وهلا يقول ليّن وتعطّف |
لعَلّ الذي يعنى به يتذكر |
ولكنه هجوٌ بطيّ نصيحة |
لجبر قلوب المنكرين مشهّر |
مثارُ عداوات وإيقاظ فتنة |
وفتحٌ لابواب الشقاق ومظهر |
أفي مثل هذا الأجر أم هي نزغةٌ |
من النفس والشيطان بالوزر تشعر |
عهدناك ذا ود فحلت وراءنا |
عن العهد والانسان قد يتغير |
دعاك جوار المنكرين لنهجهم |
وكم جرّ للانكار من هو منكر |
فكانوا كمن أعيى بحمل سلاحه |
بمعترك يوصى الذي كان يقدر |
دعوك إلى ما حاولوا فأجبتهم |
وهم عجزوا عن نيل ذاك فأقصروا |
تنازع منك النثر والنظم شأنَنا |
فنظم يحلينا ونثر يعيّر |
بعثت بهجو وادّعيت نصيحة |
وكل كلام بالذي فيه مخبر |
ترى الحق حقا ليس فيه تخالف |
وصاحبه في الناس لا يتطوّر |
مضمنها أشياء تنكر فعلها |
وفاعلها في شأنها متبصر |
فكان وإياك الخليل مع ابنه |
فذو الجهل معذورٌ وذو العلم يعذر |
وفيها من التنقيص أنا بمعزل |
عن القوم إذ كبرٌ بنا وتنمّر |
وانكار ذكر اللّه يعطى لجاهل |
فذلكم زور من القول منكر |
أيمنع ذكر اللّه علما وانه |
لذكر إله العرش داع ومشعر |
ومن يترك التعليم لم تجدوا له |
من الذنب إلا أنه اللّه يذكر |
ومن يغتنم ذكر الاله يقوده |
لتقوى وذو التقوى لعلم ميسر |
ولكنه حتم عليه تعلّمٌ |
ليعلم ما يأتي وما عنه يدبر |
وليس له أن يستقل بمعزلة |
عن الخلق إذ تعليمه متعذر |
وقولكم ان الفقيه محكّمٌ |
على كل صوفى فذلك أبتر |
فإن يك صوفيا من العلم خاليا |
فذاك عليه بالعلوم يُحَجّر |
وإن يك صوفيا فقيها فذاله |
على فاقد العلمين حجر محجّر |
ومن يك منهم قارنا بشريعة |
حقائق فهو المقتفى المتصدّر |
ولكنه في الأرض قلّ وجوده |
غدا أعصم الغربان أو هو أندر |
فإن له عينين يبصر منهما |
سواء إذا ما عز ذا العين منظر |
يدبر إلى عين الشريعة عينها |
وعينا إلى عين الحقيقة تنظر |
لذاك إذا ما أرسل الطرف ناظراً |
يرى الحق حقا والاباطل يبصر |
وذاك لعمر اللّه مثل شيوخنا |
فغيرهم الاوشال والقوم أبحر |
فكانوا ملوك العلم حازوا لواءه |
فما إن عليهم سوقةٌ يتأمّر |
فماذا عليكم في طريق مشايخ |
جهابذ في كل العلوم تبحّروا |
أغاروا لتطلاب العلوم وأنجدوا |
وراحوا لتهذيب النفوس وهجروا |
أجاعوا بطوناً في المعالي وأسهروا |
عيوناً لها إذ مطلب القوم مسهر |
إلى أن قضوا أوطارَهُم بتمامها |
وذو الجد في نيل المكارم يظفر |
لهم قصبات السبق في كل معضل |
شرود ومن كل العلوم تخيّروا |
مشايخ أدرى بالعلوم من أهلها |
ولكنّهم بالنافع العلم ءاثروا |
حديث وقرآن وكل مقرّب |
إلى اللّه وهو اليوم ملقىً مؤخر |
وعلم طريق القوم أحيوا وإنّه |
لعلمٌ لأرجاء القلوب منوّر |
لهم لدنى منه ترجع دونه |
حسارى جليلات الأماني وتقصر |
وهم خلفاء الرسل خيرة خلقه |
بهم يرزُقُ اللّه العباد ويمطر |
فليسوا ذوى حوجا لهدي سواهم |
أيقتاد ذا العينين أعمى وأعور |
ولا ينبغي للضب أن يرشد القطى |
وما يستوى الخرّيتُ والمتحير |
فهلا بنصح النفس يبدأ ذو التقى |
فهو بعيب النفس أدرى وأبصر |
وكم مبصر في عين صاحبه القذى |
وفي عينه جذع وما هو مبصر |
أتركب صعب العلم عريا تصى به |
قضاءً وتدريسا فذاك تسوّر |
فسائل هداةً كيف تذهب واردا |
إلى العلم أو سائلهم كيف تصدر |
تعلم وكرر برهة ثم علّمن |
وذو منصب الفتيا أعز وأوعر |
أفتيا وتدريسا أوان تعلّم |
وما ينبغي للطالبين تصدّر |
لقد كان جسرا يعبر الخلق فوق |
يحلّ باحلال الاله ويحظر |
لذاك تحاماها الرجال تحاميا |
وحضوا على الإحجام عنها وحذروا |
فكان المزكى حجة اللّه مالك |
على علمه فيها يخاف ويخدر |
أجيزت له من أربعين محنّكاً |
وكان بلا أدرى يجيبُ ويكثر |
وقد قال لما آنس الموت قولةً |
على ما مضى من شأنه يتحسر |
فيا ليتني في كل ما أنا قائل |
ضربت بسوط والدموعُ تحَدّرُ |
وقد لبث النعمان في السجن برهةً |
يهدد في شأن القضاء ويقهر |
إلى أن قضى في خالد السجن نحبه |
وما انقاد فيه للذين تأمّروا |
ومن يقتفي الأجرين صاحب حكمة |
ومن هو إذا ما أخطأ الحقّ يوجر |
فمجتهدو الإطلاق أما سواهم |
فليس إذا ما زايل الحقّ يعذَر |
فاياك والفتيا بغير تأهّل |
فشرط ذويها في النصوص محرّرُ |
فطالع لها الحطّابَ أو كابن راشد |
وتبصرةُ الحكام فيها مقرر |
وفي جامع المعيار من ذاك مقنعٌ |
ونص بأنوار الفروق منوّر |
الا فاجتنب تحجير ما هو واسع |
على الخلقِ فالدين الحنيف ميسّر |
أليس قرانا غير ما أنت قارىء |
أمن مثلكم تلك المقالة تصدر |
لقد يسر القرآن للذّكر فاعلمن |
وتحجير قوم بالحديث متبّر |
وليس بذي الايمان منهم سوى الذي |
بمخترع البرهان آت مصدّر |
فلا تأمن النفس الزكية علها |
على كل من لم يدر ذلك تفخر |
وإياك والانكار إياك إنه |
لمدعاة سلب مثل ذلك يحذر |
فعاجل عقاب اللّه منك بتوبة |
فإن أخا الانكار مودٍ معفّر |
وسالم ذوي الالباب تسلم من الأذى |
إلا إن صون العرض حتم مؤثّر |
بخمسين تدعى للقريض وضعفها |
فخرت وتدرينا بأنك مكثر |
وما الشعر عند العرب إلا قريحةٌ |
تقودُ أبيّات المعالي وتقسر |
تصاغ كصوغ الدر أحكم صنعه |
تحلّى به الأسماعُ أوهي أنضر |
إذا قرعت سمع البليغ تشوقُهُ |
وتغرى به البثّ الذي كان يضمر |
وإن رامها من جاءها متشاعرا |
ليقتادَها تأبى عليه وتعسُرُ |
وما كل منظوم بشعر لديهم |
كيا عتب ما والفيلسوف المكفّر |
وربّت نظّام وليس بشاعر |
يصوغ من أوزان القريض فيكثر |
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن |
على كل من قد رامها تثير |
وقد قال بعض العرض يوما لشاعر |
يفاخره أني على الشعر أقدر |
أقول وإني بالخلاء قوافيا |
فقال له من بالبلاغة يفخرُ |
لذلك حلّت التهذيب أتعب نفسه |
وخلّى عن السفساف فالحسن أمر |
فدون جنى النحل الشفاء مشقّةٌ |
ورُبّ جنى سهل التناول يهجر |
ورب كثير كالقليل مزيةً |
وذي قلّةٍ أزرى بما هو أكثر |
وشوهاء تمضي حيث شاءت مذالةً |
وعذارء في خدر تصانُ وتستر |
وإني لحسّان الطريق وأهلها |
أذود أبا جهل النكير وازجر |
أقيس ذراعا كلّما قاس إصبعا |
أخب إذا يسعى إليهم وأحضر |