يَحكونَ أَنَّ أُمَّةَ الأَرانِبِ |
قَد أَخَذَت مِنَ الثَرى بِجانِبِ |
وَاِبتَهَجَت بِالوَطَنِ الكَريمِ |
وَمَوئِلِ العِيالِ وَالحَريمِ |
فَاِختارَهُ الفيلُ لَهُ طَريقا |
مُمَزِّقاً أَصحابَنا تَمزيقا |
وَكانَ فيهِم أَرنَبٌ لَبيبُ |
أَذهَبَ جُلَّ صوفِهِ التَجريبُ |
نادى بِهِم يا مَعشَرَ الأَرانِبِ |
مِن عالِمٍ وَشاعِرٍ وَكاتِبِ |
اِتَّحِدوا ضِدَّ العَدُوِّ الجافي |
فَالاتِّحادُ قُوَّةُ الضِعافِ |
فَأَقبَلوا مُستَصوِبينَ رايَه |
وَعَقَدوا لِلاجتِماعِ رايَه |
وَاِنتَخَبوا مِن بَينِهِم ثَلاثَه |
لا هَرَماً راعَوا وَلا حَداثَه |
بَل نَظَروا إِلى كَمالِ العَقلِ |
وَاِعتَبَروا في ذاكَ سِنَّ الفَضلِ |
فَنَهَضَ الأَوَّلُ لِلخِطابِ |
فَقالَ إِنَّ الرَأيَ ذا الصَوابِ |
أَن تُترَكَ الأَرضُ لِذي الخُرطومِ |
كَي نَستَريحَ مِن أَذى الغَشومِ |
فَصاحَتِ الأَرانِبُ الغَوالي |
هَذا أَضَرُّ مِن أَبي الأَهوالِ |
وَوَثَبَ الثاني فَقالَ إِنّي |
أَعهَدُ في الثَعلَبِ شَيخَ الفَنِّ |
فَلنَدعُهُ يُمِدُّنا بِحِكمَتِهِ |
وَيَأخُذُ اِثنَينِ جَزاءَ خِدمَتِهِ |
فَقيلَ لا ياصاحِبَ السُمُوِّ |
لا يُدفَعُ العَدُوُّ بِالعَدُوِّ |
وَاِنتَدَبَ الثالِثُ لِلكَلامِ |
فَقالَ يا مَعاشِرَ الأَقوامِ |
اِجتَمِعوا فَالاِجتِماعُ قُوَّه |
ثُمَّ احفِروا عَلى الطَريقِ هُوَّه |
يَهوي إِلَيها الفيلُ في مُرورِهِ |
فَنَستَريحُ الدَهرَ مِن شُرورِهِ |
ثُمَّ يَقولُ الجيلُ بَعدَ الجيلِ |
قَد أَكَلَ الأَرنَبُ عَقلَ الفيلِ |
فَاِستَصوَبوا مَقالَهُ وَاِستَحسَنوا |
وَعَمِلوا مِن فَورِهِم فَأَحسَنوا |
وَهَلَكَ الفيلُ الرَفيعُ الشانِ |
فَأَمسَتِ الأُمَّةُ في أَمانِ |
وَأَقبَلَت لِصاحِبِ التَدبيرِ |
ساعِيَةً بِالتاجِ وَالسَريرِ |
فَقالَ مَهلاً يا بَني الأَوطانِ |
إِنَّ مَحَلّي لَلمَحَلُّ الثاني |
فَصاحِبُ الصَوتِ القَوِيِّ الغالِبِ |
مَن قَد دَعا يا مَعشَرَ الأَرانِبِ |