أَحَمامَةٌ ناحَت عَلى الأَعوادِ | |
|
| أَحَكَيتَني في النَوحِ وَالإِنشادِ |
|
وَقَنَت حينَ شَهِدَت مِنّي لَوعَتي | |
|
| رَفُّ القَوادِمِ مِن خَوفِ فُؤادي |
|
جَلُّ المُصابِ وَحَلُّ سُلطانِ الأَسى | |
|
| وَعُدتُ عَلى الصَبرِ الجَميلِ عَوادِ |
|
وَكَأَنَّ ذاكَ اليَومَ أَصبَحَ ذابِلاً | |
|
| بانَ النَقا جَزعاً وَضالَ الوادي |
|
بَلوا التَرائِبِ بِالدُموعِ فَإِنَّما | |
|
| نارَ الجَوى عَلِقَت بِكُلِّ زِنادِ |
|
وَدَعوا التَعَلُّلَ بِالتَأَسّي وَاِربِطوا | |
|
| يا قَومَ بِالأَيدي عَلى الأَكبادِ |
|
هَيَ صَولَةُ الأَيّامِ لا تَقوى لَها | |
|
| بِتَجَلُّدٍ مِنّا وَلا بِجَلادِ |
|
فَتَكتَ بِمَحمودٍ وَما نَهَدتَ لَهُ | |
|
| بِالجَيشِ في عَدَدٍ وَفي أَعدادِ |
|
قَد كانَ يُؤثِرُ أَن يُكَفِّنَ جِسمَهُ | |
|
| في حَومَةِ الهَيجاءِ نَقعُ طِرادِ |
|
وَفي الحُتوفِ إِذِ السُيوفُ لَوامِعٌ | |
|
| وَقَضى وَبيضُ الهِندِ في الأَغمادِ |
|
طَودُ العُلى الراسي الَّذي قَد قَصُرَت | |
|
| في المَجدِ عَنهُ شَوامِخُ الأَطوادِ |
|
مُتَقَلِّدُ الشَرَفِ الطَريفِ وَمالِكٌ | |
|
| كَرَمُ العُروقِ وَنَزعَةُ الأَجدادِ |
|
هُوَ مَشرَعُ الأَفضالِ فاضَ مَعينُهُ | |
|
| لِلوارِدينَ وَكَعبَةُ الإِسعادِ |
|
يَجلو الشَدائِدَ وَهيَ حالِكَةُ الدُجى | |
|
| بِذُبالَةٍ مِن خاطِرٍ وَقادِ |
|
إِن أَقبَلَ الخَطبُ الجَليلُ مُساوِراً | |
|
| تَلقاهُ سَدَّ طَريقَهُ بِسَدادِ |
|
عِلمُ البَلاغَةِ كانَ رَحبُ فَنائِهِ | |
|
| لِذَوي الحَصافَةِ نَجعَةَ المُرتادِ |
|
عَشِقَتهُ أَخيارُ الرِجالِ فَذِكرُهُ | |
|
| زَينُ الحَديثِ وَطُرفَةَ الإِسنادِ |
|
غَيثٌ تَصَبَّبَ بِالجَميلِ كَأَنَّما | |
|
| هُوَ في الأَيادي مِثلَ كَعبِ إِيادِ |
|
تَصبو الطُروسُ إِلى مَحابِرِهِ كَما | |
|
| تَصبو إِلى الأَنواءِ أَرضَ جَمادِ |
|
يا بُلبُلَ الشُعَراءِ أَذواكَ الرَدى | |
|
| في ساعَةٍ عَن غُصنِكَ المَيّادِ |
|
أَمسَكتَ عَن نَظمِ الكَلامِ قَلائِداً | |
|
| فَأَرى المَهارِقَ عَطلَ الأَجيادِ |
|
الشِعرُ بَعدَكَ قَد تَداعى بَيتَهُ | |
|
| مُتَقَطِّعُ الأَسبابِ وَالأَوتادِ |
|
لَكَ خالِدُ الشِعرِ الَّذي ما قالَهُ | |
|
| مِن أَهلِ عَصرِكَ ناطِقٌ بِالضادِ |
|
شِعرٌ تَرى فيهِ سَلاسَةَ حاضِرٍ | |
|
| سَهلُ الطَريقَةِ في جَزالَةِ بادِ |
|
يَختالُ في حَلِّ الفَصاحَةِ زاهِياً | |
|
| كَالرَوضِ أَخضَلَهُ سَحابٌ غادِ |
|
لَكَ مِنهُ كُلَّ قَصيدِةٍ سَيّارَةٍ | |
|
| يَتَرَنَّمُ الشادي بِها وَالحادي |
|
أَقوتُ عُكاظٌ بَعدَ ما حَلَّ القَضا | |
|
| يَوماً بِنابِغَةِ القَريضِ زِيادِ |
|
أُثني عَلى تِلكَ الخِصالِ تَفَجُّعاً | |
|
| فَالشَمسُ غانِيَةٌ عَنِ الأَشهادِ |
|
وَأُعاتِبُ الدُنيا عَشِيَّةَ أَصبَحَت | |
|
| تِلكَ الخِصالِ رَهينَةَ الأَلحادِ |
|
يا راحِلاً خَلَّفتَ فينا لَوعَةً | |
|
| مَلَكَت مِنَ العَزَماتِ كُلَّ قِيادِ |
|
أَهدَت وَحَقُّكَ مِصرَ مِن نارِ الأَسى | |
|
| قَبَساً إِلى الأَمصارِ وَالأَجنادِ |
|
فَالدَمعُ مِن كُلِّ المَدامِعِ سائِلٌ | |
|
| وَالشُجوُ في كُلِّ المَسافِرِ بادِ |
|
رَعَتِ الأَداني وَالأَقاصي جُملَةً | |
|
| لِلَهِ فَضلُكَ جامِعُ الأَضدادِ |
|
يَبكي اليَراعُ عَلَيكَ وَالسَيفُ الَّذي | |
|
| عَزَّزَتهُ في كُلِّ يَومٍ جِهادِ |
|
أُفضي سِلاحَكَ لِلرَدى فَفَرى بِهِ | |
|
| بِيَدِ المَصابِ جَوارِحُ الأَجسادِ |
|
أَهوَنُ بِمُهلَةِ كُلِّ حَيٍّ إِنَّما | |
|
| يَسعى إِلى أَمَدٍ مِنَ الآمادِ |
|
نُحَيّي وَنَفني وَالحَياةُ تَعِلُّهُ | |
|
| وَدَلالَةُ الإِعدامِ في الإِيجادِ |
|
نُلقي البَلاءَ فَما يُفارِقُ عُمرَنا | |
|
| حَتّى نَصيرُ إِلى بَلى وَنَفادِ |
|