عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > لبنان > نسيب أرسلان > أطغت عباد اللَه وهي عبيد

لبنان

مشاهدة
641

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أطغت عباد اللَه وهي عبيد

أطغت عباد اللَه وهي عبيد
فالأرض من ثقل الذنوب تميد
قد صار عالمها الجديد بليةً
يا ليت ماضي العالمين يعود
ويلاه لا إيمانهم مستحكمٌ
فيهم ولا وجدانهم موجودٌ
لم يبق عن كذب المقال كمائم
لهم وعن قبح الفعال قيود
كم يدعون العدل في زمن جرى
للعدل فيه مأتم مشهود
هم أضرموا الحرب التي من شرها
قد كاد ينقرض الورى المنكود
أمم البرية قد أظل جموعها
في الغرب أفق غيمه البارود
بيض وسود في الصفوف كأنهم
سبجٌ ودر والصفوف عقود
يتذامرون على الفناء كأنما
طمس الخليقة مأرب مقصود
في كل صوب للحراب بوارقٌ
أو للمدافع في السماء رعود
أقصمت ما شبح يولح لناظرٍ
إلا سلاح لامع وجنود
فالأرض أشرقها الدم الجاري كما
خنق السماء دخانها المعقود
فتحوا جهنم وارتموا في نارها
من قبل أن يرميهم المعبود
نارٌ لو أن اللَه لم يتلافها
أكل الوجود لسانها الممدود
هي حرب تدمير ومحو مالها
بين الحروب السالفات نديد
طالت فمات قتيلها في حينه
وكذاك مات أسيرها المصفود
جمدت لها الدنيا فما حركاتها
وابيك إلا الزحف والتجريد
وتعطلت كل المشاغل عندها
فالشغل في أعبائها محدود
نبغوا بإنباط الردى وتفننوا
وتوافق التوليد والتقليد
من جر تهلكة وأيتم إلدةً
لأخيه فهو النابغ المعدود
وتوحش البشر الأنيس كأنما
أبناء آدم أضبعٌ وفهود
فغدت مخالبها السلاح المنتضى
وغدا الوجار الخندق المخدود
يمشي المقاتل في العراء وجلده
أبداً بريحٍ شمأل مجلود
ولقد يكون مبيته في خندق
وفراشه تحت السماء جليد
وأمامه القتلى فراش طائر
عن منكبيه وساعد مقدود
والجو نار والكرات صواعق
والقتل جرف والصياح فديد
فكأن جرم الأرض مخسوف الثرى
وكأن بنيان السما مهدود
كم من رحيم القلب أسلم أهله
للجوع حين اضطره التجنيد
أجليدة أم البنين وعندما
طفل يبيت على الطوى ووليد
يا حسرة تلك الجوازل خانها
رغد المعيشة والهديل بعيد
فرغت حواصلها وأنسل ريشها
ثم اعتراها بعد ذاك همود
هذا جناه بنو التمدن فاعجبوا
كيف التمدن متلف ومبيد
زعموا القتال لأجل منفعة الورى
دعوى تقال وما هناك شهود
قد صوروه مطرةً تحيي الثرى
والنبت من بعد القطار يجود
فإذا الثرى قد هار حتى أنه
لم يبق منه للنبات صعيد
أو ليس شبان الزمان هم الأولى
أفنت سوادهم المنايا السود
أسفاً بفاتحة الحياة تفتحت
في الترب أرماس لهم ولحود
ويل الأولى جروا إليهم حتفهم
أن النكير عليهم لشديد
حرموا البرية عونها وعتادها
فالكون منهوك القوى مجهود
وكذا السوا عدان غدت مبتورة
لم تغن عنها أعين وخدود
لو كان فتيان الخليقة بيننا
ما كان هذا الضنك والتنكيد
جلب الخراب إلى البسيطة كلها
أهل الرئاسة والملوك الصيد
عجباً لرهط قوموا أمم الورى
وهم على الفرش الوثير قعود
العصر عصر الموبقات وإن بدا
في عينك التحسين والتجويد
لا تخدعنك للجنازة زينة
تحت القطيفة والحرير صديد
منوا عليها أنهم وهبوا لنا
مدينةً نعلو بها ونسود
مدينة أضحت لنا نديمةً
قولوا لهم لا كان هذا الجود
ردوا إليكم كل ما أعطيتم
إن الرديء لأهله مردود
فسدت طباع العالمين وأخلقت
حلل الفضائل والزمان جديد
وتأصل الكذب الصميم كأنه
وأبيك مع مولودهم مولود
لا عندهم شرف الحفاظ ولا لهم
قول بما هم وادون أكيد
لو كان عاصرهم لبيدٌ برهةً
يا ليت شعري ما يقول لبيد
دفنوا الضمائر في حفائر بغيهم
لا لوم يأخذهم ولا تفنيد
فالظلم في كنف الحضارة رائع
والعدل في قفر القفار شريد
كل الوجود طماعةٌ وخلابة
وجزاء مصطنع الجميل جحود
والناس قد خاضوا الفواحش فارتمى
فيها فتاهم والفتاة الرود
فشت الدعارة والزعارة جهرة
والحاكمون على العباد رقود
يا أيها العظماء سواس الورى
أفما بكم حر الخصال حميد
أغرقتم الثقلين في أطماعكم
تلك الخضارم ما لهن حدود
حركتم الدنيا بما أحدثتم
أفما لها حتى المعاد ركود
ي كل وجه فتنةٌ مشبوبةٌ
أفما لتلك النائرات خمود
ما أكثر الحمقى فهم قد عكروا
وغدا سواهم في الغدير يصيد
يرجو بكم دفع الخطوب وقد نرى
إن الخطوب مع الزمان تزيد
وخلافكم أصل البلاء وسره
هذا يخرب حين ذاك يشيد
لو كان نصر الحق من غاياتكم
جمع الشتات المطلب المنشود
وعنت لكم كل الشعوب فإنما
شأن الخلائق قائد ومقود
كم تطرئون العدل في كلماتكم
والعدل أجمع عندكم مفقود
هذي القلادة قد وصفتم حسنها
حتى عرفناه فأين الجيد
أكثرتم رقم العهود فإنما
قد كلت الأقلام وهي حديد
كم من رقيم أصبحت فقراته
عبثاً كأن العهد فيه قصيد
إن كنتم أخفرتم ما قد مضى
مهلاً فماذا ينفع التجديد
العهد كالقانون يقبح نقضه
وكلاهما في بابه تقييد
فإذا وهي قيد المروءة بينكم
فالخلق فوضى والدمار عتيد
كم قد سمعتم للقوي جداله
في الأمر وهو مكابرٌ مريد
ثم احتقرتم للضعيف مقاله
من غير ذنبٍ والمقال سديد
بالسيف تمتنع الحقوق وتحتمي
والقول دون الصول ليس يفيد
فاعلم طبائع أهل عصرك إنما
هذا لها التعريف والتحديد
ما زال في البشر الضعيف معاشر
سنن الهداية دونهم مسدود
لا بد يصحو الناس كل الناس
سكر الضلال ويحطم الناجود
نسيب أرسلان
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الثلاثاء 2014/06/17 12:46:20 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com