عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
الشعراء الأعضاء .. فصيح > مصر > جمال مرسي > ما لم يقله البحر

مصر

مشاهدة
623

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

ما لم يقله البحر

يَقُولُ لِيَ البَحرُ:
أَقبِلْ أَيَا ابْنَ الحَيَاةِ إِلَيّْ .
وخَبِّئْ دُمُوعَكَ يَا شَاعِرَ الوَجدِ فِي رَاحَتَيّْ .
سَأَبْسُطُ مَوجِي إِلَيكَ
فَبُح بِالَّذِي ضَجَّ قَلبُكَ مِنْهُ
فَخَبَّأْتَهُ عَن عُيُونِ النُّجُومِ
وجِئتَ لِتُلقِيَهُ قَبلَ أَن تَعلَمَ اليَاسَمِينَةُ فِيّْ .
تَعَالَ لِحِضنِي
فَحِضنِيَ خَازِنُ أَسرَارِكَ الأَزَلِيّْ .
ودَعكَ مِن الغَانِيَاتِ
فَفِي حِضنِهِنَّ نِصَالُ الظُّنُونِ
ومَهمَا فَرَشْتَ لَهُنَّ الوَرِيدَ وُرُوداً
فَلَستَ بِجَانٍ سِوَى الشَّوكِ
يَنخُزُ جُرحَ القَصِيدَةِ
يُهرِقُ دَمعَ الحُرُوفِ عَلَى الوَرَقِ المَرمَرِيّْ .
وأَنتَ كَمَا قَد عَرَفتُكَ
كَالنَّسرِ لَا تَرتَضِي غَيرَ أَوْجِ الجِبَالْ .
وأَنتَ الطَلِيقُ بِدُنيَا الخَيَالْ .
وفِي كُلِّ وَادٍ تَهِيمُ لِتَنثُرَ عِطرَ الجَمَالْ .
فَلَيسَ سِوَايَ حَبِيباً يُهَيِّئُ كُلَّ الَّذِي تَبتَغِيهِ
لِكَي مَا تُحَلِّقُ دُونَ قُيُودٍ
ودُونَ نِصَالْ .
أَنَا يَا صَدِيقِي الصَّديِقُ الوَفِيّْ .
أَلَمْ تَرَ مَا بَينَ مَوجِي و شَطِّيَ مُنذُ قَدِيمِ الزَّمَانِ
مِنَ العِشقِ و الوَلَهِ القُدُسِيّْ؟
ومَا بَينَ أَشرِعَتِي و النَّوَارِسِ
مِن أُلفَةٍ لَن تَرَاهَا
ولَو عِشتَ مِلْيُونَ عَامٍ
بِعَالَمِكَ الهَمَجِيّْ .
ومَا بَينَ شَمسِ الغُرُوبِ و بَينِي
تُشَاغِلُ قَبلَ التَّوَحُّدِ عَيْنِي
وتَلثُمُ خَدَّيَّ،
تُذكِي أُوَارَ الصَّبَابَةِ فِي شَفَتَيّْ .
كَأَنَّا حَبِيبَانِ لَم يَستَفِيقَا مِنَ السُّكْرِ
مِن مَشرِقِ النُّورِ
حَتَّى يَحِينَ الرَّحِيلْ .
وتَخلَعَ فَوقِي رِدَاءَ الأَصِيلْ
فَأَستُرُهَا بَينَ جَفنَيَّ،
أَحنُو عَلَيهَا
فَتَحنُو عَلَيّْ .
وحِينَ يُطِلُّ الصَّباحُ عَلَيَّ بِوَجهٍ ضَحُوكٍ
وتُشرِقُ بَينَ أَصَابِعِهِ فِي سَمَائِي
أَرَاهَا عَلَى عَرشِهَا كَالأَمِيرَاتِ
تَنظُرُ نَحوِي بِطَرفٍ خَفِيّْ .
أَنَا يَا صَدِيقِي أَثورُ و أَهدَأُ
لَكِنَّنِي لاَ أَخُونْ .
وإِنِّي أَرَى فِيكَ نَفسِي
إِذَا مَا فَرِحتُ
وإِمَّا حَزِنْتُ
وإِمَّا تَمَرَّدْتُ حَدَّ الجُنُونْ .
سَأُعطِيكَ مِنِّي المِدَادَ
ومِن نَخلِيَ المُشرَئِبِّ القَلَمْ .
ومِن شَاطِئِي وَرَقَ الأُمنِيَاتِ
ومِن صَوتِ مَوْجِي
شَجِيَّ النَّغَمْ
فَإِنِّي .. كَمَا قَد عَلِمتَ .. السَّخِيّْ .
سَأُعطِيكَ دِفئِي
وطُهرِي
وعُمقِي
فَغُصْ فِيَّ،
واقْطِفْ مِنَ الدُّرِّ مَا شِئتَ
كَي مَا تُطَوِّقُ جِيدَ القَصِيدَةِ،
تُلبِسُهَا تَاجَهَا اللَّيلَكِيّْ .
فَخَلِّدْ بِشِعرِكَ قِصَّةَ طِفلٍ
أَتَى مُنذُ خَمسِينَ بَحراً و فَاصِلَتَيْنِ
يُصَرِّخُ،
يَبكِي
عَلَى لُعبَةٍ سَلَبَتْهَا شَقِيقَتُهُ
كَسَّرَتْهَا
فَلَم يَنتَصِفْ لِمَدَامِعِهِ أَبَوَاهْ
ولَكِنَّمَا وَبَّخَاهْ
فَأَهدَيْتُهُ نَورَساً كَانَ يَلهُو بِأُفقِي
فَطَارَ بِهِ لِلفَضَاءِ البَعِيدْ .
وعَادَ إِلَيَّ و قَد مَرَّ عُمرٌ
بِثَوبٍ جَدِيدْ .
عَلَى شَعرِهِ يَضحَكُ اليَاسَمِينُ
وتَبكِي عَلَى شَفَتَيهِ الوُرُودْ .
فَكَانَ ..
بِرَغمِ التَّجَاعِيدِ
رَغمِ الخَرِيفِ الَّذِي اْمتَدَّ فِي كِبرِيَاءٍ إِلَيهِ
كَمَا أبْصَرَتْهُ عُيُونِيَ
ذَاتَ الصَّبِيِّ الشَّقِيّْ .
نَظَرتُ لِعَيْنَيهِ أَسأَلُ عَن ذَا الغِيَابِ الطَّوِيلْ .
فَقَالَ: حَدِيثٌ يَطُولْ .
وعُمرٌ تَدَحرَجَ بَينَ الفُصُولْ .
فَكَيفَ سَأَشرَحُ يَا بَحرُ مَا نَاءَ عَن حَملِهِ
طِفلُكَ الآدَمِيّْ .
وكَيفَ أُقَدِّمُ بَينَ يَدَيْكَ اْعتِذَارِي
وذَنبُ اْغتِرَابِيَ لَمَّا يَزَلْ عَالِقاً فِي إِزَارِي
فَيَا كَم جَعَلْتُ المَرَافِئَ دَارِي
وكَم لَفَظِتْنِي
فَعُدتُ كَمَا قَد تَعَلَّمتُ مِنكَ
الأَبِيَّ الأَبِيّْ .
ولَم تُغرِنِي كُلُّ هَذِي البِلَادِ
الَّتِي قَد نَزَلتُ
بِرَغمِ سَنَاهَا
ولَا حَوَّلَت وِجهَتِي عَن بِلادِيَ
رَغمَ لَظَاهَا
ولَم تُنْسِنِي نِيلَهَا الحُرَّ
كَلاَّ،
ولَا ذَرَّةً مِن ثَرَاهَا العَصِيّْ .
ويَا كَم عَشِقْتُ
وكَم رَاوَدَتْنِي الجَمِيلاتُ عَن حُسنِهِنَّ
ولَكِنَّنِي اْختَرتُ أَنبَلَهُنَّ
فَأَسكَنْتُهَا فِي الضُّلُوعْ .
هُوَ الحُبُّ يَا بَحرُ إمَّا تَمَلَّكَنَا
لَيسَ مِنهُ هُرُوبٌ
ومَا مِن رُجُوعْ .
هُوَ الحُبُّ يَجمَعُ غَرباً بِشَرقٍ
وشَرقاً بِغَربْ .
فَيَا لَيتَ،
يَا لَيتَ كُلَّ اْمرِئٍ سَارَ فَوقَ التُّرابِ يُحِبّْ .
ولَكِنَّ قَابِيلَ كَادَ
فَلَم يَستَطِع أَنْ يُوَاريَ جِسم أَخِيهْ
وأِخوَةَ يُوسُفَ كَادُوا فَأَلقَوْهُ فِي الجُبِّ فَرداً
وجَاؤُوا أَبَاهُم عِشَاءً ...
فَيَا لَدُمُوعِ أَبِيهْ .
كَذَا شَاءَ رَبُّكَ لِلَّناسِ أَن تَتَغَيَّرَ،
لِلأَرضِ أَن تَلبَسَ الحُزنَ .. يَا بَحرُ .. ثَوْباً
تَلَطَّخَ بِالدَّمِ
تَخلَعَ ثَوبَ السَّلَامِ النَّقِيّْ
يُحَدِّثُنِي البَحرُ حَتَّى يَحِينَ الغُرُوبُ
أُوَدِّعُهُ ثُمَّ أَمضِي
وأَترُكُهُ كَي يُحَدِّثَ غَيرِي
أَحَادِيثَ أُخرَى .
م
جمال مرسي
بواسطة: جمال مرسي
التعديل بواسطة: د. جمال مرسي
الإضافة: السبت 2014/09/13 07:57:12 مساءً
إعجاب
مفضلة
متابعة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com