إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
يَقُولُ لِيَ البَحرُ: |
أَقبِلْ أَيَا ابْنَ الحَيَاةِ إِلَيّْ . |
وخَبِّئْ دُمُوعَكَ يَا شَاعِرَ الوَجدِ فِي رَاحَتَيّْ . |
سَأَبْسُطُ مَوجِي إِلَيكَ |
فَبُح بِالَّذِي ضَجَّ قَلبُكَ مِنْهُ |
فَخَبَّأْتَهُ عَن عُيُونِ النُّجُومِ |
وجِئتَ لِتُلقِيَهُ قَبلَ أَن تَعلَمَ اليَاسَمِينَةُ فِيّْ . |
تَعَالَ لِحِضنِي |
فَحِضنِيَ خَازِنُ أَسرَارِكَ الأَزَلِيّْ . |
ودَعكَ مِن الغَانِيَاتِ |
فَفِي حِضنِهِنَّ نِصَالُ الظُّنُونِ |
ومَهمَا فَرَشْتَ لَهُنَّ الوَرِيدَ وُرُوداً |
فَلَستَ بِجَانٍ سِوَى الشَّوكِ |
يَنخُزُ جُرحَ القَصِيدَةِ |
يُهرِقُ دَمعَ الحُرُوفِ عَلَى الوَرَقِ المَرمَرِيّْ . |
وأَنتَ كَمَا قَد عَرَفتُكَ |
كَالنَّسرِ لَا تَرتَضِي غَيرَ أَوْجِ الجِبَالْ . |
وأَنتَ الطَلِيقُ بِدُنيَا الخَيَالْ . |
وفِي كُلِّ وَادٍ تَهِيمُ لِتَنثُرَ عِطرَ الجَمَالْ . |
فَلَيسَ سِوَايَ حَبِيباً يُهَيِّئُ كُلَّ الَّذِي تَبتَغِيهِ |
لِكَي مَا تُحَلِّقُ دُونَ قُيُودٍ |
ودُونَ نِصَالْ . |
أَنَا يَا صَدِيقِي الصَّديِقُ الوَفِيّْ . |
أَلَمْ تَرَ مَا بَينَ مَوجِي و شَطِّيَ مُنذُ قَدِيمِ الزَّمَانِ |
مِنَ العِشقِ و الوَلَهِ القُدُسِيّْ؟ |
ومَا بَينَ أَشرِعَتِي و النَّوَارِسِ |
مِن أُلفَةٍ لَن تَرَاهَا |
ولَو عِشتَ مِلْيُونَ عَامٍ |
بِعَالَمِكَ الهَمَجِيّْ . |
ومَا بَينَ شَمسِ الغُرُوبِ و بَينِي |
تُشَاغِلُ قَبلَ التَّوَحُّدِ عَيْنِي |
وتَلثُمُ خَدَّيَّ، |
تُذكِي أُوَارَ الصَّبَابَةِ فِي شَفَتَيّْ . |
كَأَنَّا حَبِيبَانِ لَم يَستَفِيقَا مِنَ السُّكْرِ |
مِن مَشرِقِ النُّورِ |
حَتَّى يَحِينَ الرَّحِيلْ . |
وتَخلَعَ فَوقِي رِدَاءَ الأَصِيلْ |
فَأَستُرُهَا بَينَ جَفنَيَّ، |
أَحنُو عَلَيهَا |
فَتَحنُو عَلَيّْ . |
وحِينَ يُطِلُّ الصَّباحُ عَلَيَّ بِوَجهٍ ضَحُوكٍ |
وتُشرِقُ بَينَ أَصَابِعِهِ فِي سَمَائِي |
أَرَاهَا عَلَى عَرشِهَا كَالأَمِيرَاتِ |
تَنظُرُ نَحوِي بِطَرفٍ خَفِيّْ . |
أَنَا يَا صَدِيقِي أَثورُ و أَهدَأُ |
لَكِنَّنِي لاَ أَخُونْ . |
وإِنِّي أَرَى فِيكَ نَفسِي |
إِذَا مَا فَرِحتُ |
وإِمَّا حَزِنْتُ |
وإِمَّا تَمَرَّدْتُ حَدَّ الجُنُونْ . |
سَأُعطِيكَ مِنِّي المِدَادَ |
ومِن نَخلِيَ المُشرَئِبِّ القَلَمْ . |
ومِن شَاطِئِي وَرَقَ الأُمنِيَاتِ |
ومِن صَوتِ مَوْجِي |
شَجِيَّ النَّغَمْ |
فَإِنِّي .. كَمَا قَد عَلِمتَ .. السَّخِيّْ . |
سَأُعطِيكَ دِفئِي |
وطُهرِي |
وعُمقِي |
فَغُصْ فِيَّ، |
واقْطِفْ مِنَ الدُّرِّ مَا شِئتَ |
كَي مَا تُطَوِّقُ جِيدَ القَصِيدَةِ، |
تُلبِسُهَا تَاجَهَا اللَّيلَكِيّْ . |
فَخَلِّدْ بِشِعرِكَ قِصَّةَ طِفلٍ |
أَتَى مُنذُ خَمسِينَ بَحراً و فَاصِلَتَيْنِ |
يُصَرِّخُ، |
يَبكِي |
عَلَى لُعبَةٍ سَلَبَتْهَا شَقِيقَتُهُ |
كَسَّرَتْهَا |
فَلَم يَنتَصِفْ لِمَدَامِعِهِ أَبَوَاهْ |
ولَكِنَّمَا وَبَّخَاهْ |
فَأَهدَيْتُهُ نَورَساً كَانَ يَلهُو بِأُفقِي |
فَطَارَ بِهِ لِلفَضَاءِ البَعِيدْ . |
وعَادَ إِلَيَّ و قَد مَرَّ عُمرٌ |
بِثَوبٍ جَدِيدْ . |
عَلَى شَعرِهِ يَضحَكُ اليَاسَمِينُ |
وتَبكِي عَلَى شَفَتَيهِ الوُرُودْ . |
فَكَانَ .. |
بِرَغمِ التَّجَاعِيدِ |
رَغمِ الخَرِيفِ الَّذِي اْمتَدَّ فِي كِبرِيَاءٍ إِلَيهِ |
كَمَا أبْصَرَتْهُ عُيُونِيَ |
ذَاتَ الصَّبِيِّ الشَّقِيّْ . |
نَظَرتُ لِعَيْنَيهِ أَسأَلُ عَن ذَا الغِيَابِ الطَّوِيلْ . |
فَقَالَ: حَدِيثٌ يَطُولْ . |
وعُمرٌ تَدَحرَجَ بَينَ الفُصُولْ . |
فَكَيفَ سَأَشرَحُ يَا بَحرُ مَا نَاءَ عَن حَملِهِ |
طِفلُكَ الآدَمِيّْ . |
وكَيفَ أُقَدِّمُ بَينَ يَدَيْكَ اْعتِذَارِي |
وذَنبُ اْغتِرَابِيَ لَمَّا يَزَلْ عَالِقاً فِي إِزَارِي |
فَيَا كَم جَعَلْتُ المَرَافِئَ دَارِي |
وكَم لَفَظِتْنِي |
فَعُدتُ كَمَا قَد تَعَلَّمتُ مِنكَ |
الأَبِيَّ الأَبِيّْ . |
ولَم تُغرِنِي كُلُّ هَذِي البِلَادِ |
الَّتِي قَد نَزَلتُ |
بِرَغمِ سَنَاهَا |
ولَا حَوَّلَت وِجهَتِي عَن بِلادِيَ |
رَغمَ لَظَاهَا |
ولَم تُنْسِنِي نِيلَهَا الحُرَّ |
كَلاَّ، |
ولَا ذَرَّةً مِن ثَرَاهَا العَصِيّْ . |
ويَا كَم عَشِقْتُ |
وكَم رَاوَدَتْنِي الجَمِيلاتُ عَن حُسنِهِنَّ |
ولَكِنَّنِي اْختَرتُ أَنبَلَهُنَّ |
فَأَسكَنْتُهَا فِي الضُّلُوعْ . |
هُوَ الحُبُّ يَا بَحرُ إمَّا تَمَلَّكَنَا |
لَيسَ مِنهُ هُرُوبٌ |
ومَا مِن رُجُوعْ . |
هُوَ الحُبُّ يَجمَعُ غَرباً بِشَرقٍ |
وشَرقاً بِغَربْ . |
فَيَا لَيتَ، |
يَا لَيتَ كُلَّ اْمرِئٍ سَارَ فَوقَ التُّرابِ يُحِبّْ . |
ولَكِنَّ قَابِيلَ كَادَ |
فَلَم يَستَطِع أَنْ يُوَاريَ جِسم أَخِيهْ |
وأِخوَةَ يُوسُفَ كَادُوا فَأَلقَوْهُ فِي الجُبِّ فَرداً |
وجَاؤُوا أَبَاهُم عِشَاءً ... |
فَيَا لَدُمُوعِ أَبِيهْ . |
كَذَا شَاءَ رَبُّكَ لِلَّناسِ أَن تَتَغَيَّرَ، |
لِلأَرضِ أَن تَلبَسَ الحُزنَ .. يَا بَحرُ .. ثَوْباً |
تَلَطَّخَ بِالدَّمِ |
تَخلَعَ ثَوبَ السَّلَامِ النَّقِيّْ |
يُحَدِّثُنِي البَحرُ حَتَّى يَحِينَ الغُرُوبُ |
أُوَدِّعُهُ ثُمَّ أَمضِي |
وأَترُكُهُ كَي يُحَدِّثَ غَيرِي |
أَحَادِيثَ أُخرَى . |
م |