طُوِيَ البِساطُ وَجَفَّتِ الأَقداحُ |
وَغَدَت عَواطِلٌ بَعدَكَ الأَفراحُ |
وَاِنفَضَّ نادٍ بِالشَآمِ وَسامِرٌ |
في مِصرَ أَنتَ هَزارُهُ الصَدّاحُ |
وَتَقَوَّضَت لِلفَنِّ أَطوَلُ سَرحَةٍ |
يُغدى إِلى أَفيائِها وَيُراحُ |
وَاللَهِ ما أَدري وَأَنتَ وَحيدُهُ |
أَعَلَيهِ يُبكى أَم عَلَيكَ يُناحُ |
إِسحاقُ ماتَ فَلا صَبوحَ وَمَعبَدٌ |
أَودى فَلَيسَ مَعَ الغَبوقِ فَلاحُ |
مَلِكُ الغِناءِ أَزالَهُ عَن تَختِهِ |
قَدَرٌ يُزيلُ الراسِياتِ مُتاحُ |
في التُربِ فَوقَ بَني سُوَيفَ يَتيمَةٌ |
وَمِنَ الجَواهِرِ زَيِّفٌ وَصِحاحُ |
ما زالَ تاجُ الفَنِّ تَيّاهاً بِها |
حَتّى اِستَبَدَّ بِها الرَدى المُجتاحُ |
لَو تَستَطيعُ كَرامَةً لِمَكانِها |
مَشَتِ الرِياضُ إِلَيهِ وَالأَدواحُ |
رُحماكَ عَبدَ الحَيِّ أُمُّكَ شَيخَةٌ |
قَعَدَت وَهيضَ لَها الغَداةَ جَناحُ |
كُسِرَت عَصاها فَهيَ بِلا عَصاً |
وَقَضى فَتاها الأَجوَدُ المِسماحُ |
اللَهُ يَعلَمُ إِن يَكُن في قَلبِها |
جُرحٌ فَفي أَحشاءِ مِصرَ جِراحُ |
وَالناسُ مَبكِيٌّ وَباكٍ إِثرَهُ |
وَبُكا الشُعوبِ إِذا النَوابِغُ طاحوا |
كانَ النَدامى إِن شَدَوتَ وَعاقَروا |
سِيّانَ صَوتُكَ بَينَهُم وَالراحُ |
فيما تَقولُ مُغَنِّياً وَمُحَدِّثاً |
تَتَنافَسُ الأَسماعُ وَالأَرواحُ |
فارَقتَ دُنيا أَرهَقَتكَ خَسارَةً |
وَغَنِمتَ قُربَ اللَهِ وَهوَ رَباحُ |
يا مُخلِفاً لِلوَعدِ وَعدُكَ مالَهُ |
عِندي وَلا لَكَ في الضَميرِ بَراحُ |
عَبَثَت بِهِ وَبِكَ المَنِيَّةُ وَاِنقَضى |
سَبَبٌ إِلَيهِ بِأُنسِنا نَرتاحُ |
لَمّا بَلَغنا بِالأَحِبَّةِ وَالمُنى |
بابَ السُرورِ تَغَيَّبَ المِفتاحُ |
زَعَموا نَعِيَّكَ في المَجامِعِ مازِحاً |
هَيهاتَ في رَيبِ المَنونِ مِزاحُ |
الجِدُّ غايَةُ كُلِّ لاهٍ لاعِبٍ |
عِندَ المَنِيَّةِ يَجزَعُ المِفراحُ |
رَمَتِ المَنايا إِذ رَمَينَكَ بُلبُلاً |
أَراَهُ في شَرَكِ الحَياةِ جِماحُ |
آهاتُهُ حُرَقُ الغَرامِ وَلَفظُهُ |
سَجعُ الحَمامِ لَوَ انَّهُنَّ فِصاحُ |
وَذَبَحنَ حَنجَرَةً عَلى أَوتارِها |
تُؤسى الجِراحُ وَتُذبَحُ الأَتراحُ |
وَفَلَلنَ مِن ذاكَ اللِسانِ حَديدَةً |
يَخشى لَئيمٌ بَأسَها وَوَقاحُ |
وَأَبَحنَ راحَتَكَ البِلى وَلَطالَما |
أَمسى عَلَيها المالُ وَهوَ مُباحُ |
روحٌ تَناهَت خِفَّةً فَتَخَيَّرَت |
نُزُلاً تَقاصَرُ دونَهُ الأَشباحُ |
قُم غَنِّ وِلدانَ الجِنانِ وَحورِها |
وَاِبعَث صَداكَ فَكُلُّنا أَرواحُ |