سَادَ التظالُمُ خَيَّمَ الإظلامُ | |
|
| والأرضُ أنقضَ ظَهرَها الآثامُ |
|
والنَّاسُ غابَتْ عنهُمُ القِيَمُ العُلا | |
|
| وَرَضُوا حَيَاةَ السائِماتِ فَسَامُوا |
|
والعَالَمُ المَنكُوبُ أمسَى غَابَةً | |
|
| لِلذِّئبِ فِيهِ سِيَادَةٌ وَزِمامُ |
|
فإذا القَوِىُّ لَدَى التَّمَكُّنِ قد طَغَى | |
|
| فَيدَاهُ بَاطِشَتانِ والأقدامُ |
|
وإذا الضَّعِيفُ المُستَجِيرُ فَرِيسَةٌ | |
|
| يَلقَى رَدَاهُ وحالُهُ استسلامُ |
|
وإذا الصَّدُوقُ مُكَذَّبٌ بَيْنَ الوَرَى | |
|
| وإذا الكَذُوبُ مُصَدَّقٌ وإمامُ |
|
وإذا الأمِينُ رُمِى بِكُلِّ خِيانَةٍ | |
|
| وأخو الخِيَانَةِ ما عَلَيْهِ مَلامُ |
|
وإذا النَّبيلُ مِن الرِّجالِ تَنَالُهُ | |
|
| مِن جَعبَةِ السَّبِّ المُهينِ سِهامُ |
|
وإذا الحَقِيرُ الدُّونُ يَشمَخُ أنفُهُ | |
|
| وَجُدُودُه قَبْلَ الغِنَى أقزامُ |
|
هُوَ عَالَمٌ صارَ الشقاءُ سَمَاءَهُ | |
|
| والبَغىُ فِيهِ لِحاكِمِيهِ غَمَامُ |
|
كَم سُفِكَ فِيهِ مِنَ الدَّمِ المَعصُومِ كَم | |
|
| ذُبِحَتْ بِسِكِّينِ السلامِ حَمامُ |
|
وَلَكَم أُضِيعَ الحَقُّ فِيهِ تَعَمُّدَاً | |
|
| وَكَثيرُ مَن فَوْقَ الثَّرَى ظُلَّامُ |
|
يا صَاحِبى انظُر ما جَرَى فِى أرضِنا | |
|
| وَتأمَّلِ الإنسانَ كَيفَ يُضامُ |
|
دُوَلٌ بلا قِيَمٍ تجُورُ وتعتَدِى | |
|
| المَيْنُ سِيماءٌ لَها وَدِعامُ |
|
حَسِبُوا الفِرَى تَبنِى لهُم أمجاَهُم | |
|
| بَنَّاءُ مَجدٍ بالفِرَى هَدَّامُ |
|
مِن مادَّةٍ لَهُمُ الحَضارَةُ جُسِّمَتْ | |
|
| فَتنافَرَتْ عَن رُوحِها الأجسامُ |
|
قَد أبدَعُوا فِى كُلِّ فَنٍّ آيَةً | |
|
| وَعُلُومُ دُنياهُم هِىَ الإلهامُ |
|
مِن غَيْرِ قِيَمٍ فالحَضَارَةُ زِينَةٌ | |
|
| تطوِى صَحائِفَ مَجدِها الأيامُ |
|
إنَّ الحضارَةَ إنْ أقامَ أساسَها | |
|
| قِيَمٌ وَعِلْمٌ فالبِناءُ تَمامُ |
|
يا صاحِبِى انظُر كَيْفَ عَالَمُنا هَوَى | |
|
| فِى هُوَّةٍ سَكَنَتْ بِها الأوْهامُ |
|
الفِطْرَةُ العَصماءُ غابَ شُعاعُها | |
|
| فَهَوَى الأنامِ لِمُنكَرٍ قد رامُوا |
|
عظُمَ الفسادُ بِكُلِّ صُقْعٍ واعتَلَى | |
|
| كُرسِيَّهُ الطُّغيَانُ والإجرامُ |
|
فالكِذبُ لُغَةُ النَّاسِ حِينَ تَوَافَقُوا | |
|
| نَطَقَتْ بها الأفمامُ والأقلامُ |
|
والغَدرُ صِفَةُ الغَالِبينَ تَشَبُّها | |
|
| فالسِّيدُ سَيِّدُ قَوْمِهِ المِقدامُ |
|
وَخِيانَةٍ كَانَتْ سَبيلَ زَعَامَةٍ | |
|
| وَجِنايَةٍ فَرِحَتْ بِها أقوامُ |
|
أَسَفِى عَلَى المَعروفِ غُيِّبَ بَعدَما | |
|
| قُطِعَتْ بِدارِ قَرَابَةٍ أرحامُ |
|
المالُ جَذَّابُ الخلائِقِ كُلِّها | |
|
| ما لِلرَّضاعِ المُستَجِدِّ فِطامُ |
|
والمالُ يرفَعُ أُمَّةً ويُذِلُّها | |
|
| وَبِهِ تُزالُ حَضَارَةٌ وتُقامُ |
|
والشُّحُّ مُتَّبَعٌ بِكُلِّ طَرِيقَةٍ | |
|
| والشُّحُّ دَاءٌ إنْ أصابَ عُقامُ |
|
بِسَبِيلِهِ ماتَتْ ضَمَائِرُ إخوَةٍ | |
|
| والحَقُّ ضاعَ وضُيِّعَ الأيْتامُ |
|
والقَطْرُ شَحَّ تَأسِّيَاً لَكِنَّهُ | |
|
| يَحنُو لِتُطعَمَ وَحدَها الأنعامُ |
|
أهلُ التَّكَبُّرِ فى المَدَائِنِ قَد عَلَوْا | |
|
| وإذا التَّوَاضُعُ فى المَدَائِنِ ذامُ |
|
وَجَرَى عَلَى الأرضِ التباغُضُ والخَنَا | |
|
| واستشرَتِ العِلَّاتُ والأسقامُ |
|
وَفَوَاحِشُ اقتُرِفَتْ بِكُلِّ تَبَجُّحٍ | |
|
| وفَضَائِلُ اندَثَرَتْ هُناكَ عِظامُ |
|
وَتطَاوَلَ الفُجَّارُ طَالَ لِسانُهُم | |
|
| وَعَدَا عَلَى أهلِ العَفافِ لِئامُ |
|
هُوَ عَالَمٌ يَطوِى دُرُوبَ جَهَنَّمٍ | |
|
| شَهَوَاتُهُ حَصَبٌ لَها وضِرامُ |
|
الصَّالِحُونَ قد اضمَحَلَّ وُجُودُهُم | |
|
| فَعَلَى ذَوِى القِيَمِ الحِسانِ سَلامُ |
|
هَذِى مَلامِحُ عالَمِ الإنسانِ فى | |
|
| قَيْدِ الضلالِ تقُودُهُ الأصنامُ |
|
يا صاحِ صَوِّر صُورَةً فَوْقِيَّةً | |
|
| هَلْ يَبدُو إلا سُدفَةٌ وَقَتَامُ |
|
أخشَى عَلَى أرضٍ أُقِيمُ بِظِلِّها | |
|
| إذْ لَيْسَ لِلنُّصحِ الجَمِيلِ مُقامُ |
|
يا عَالَمَ الإنسانِ لَوْلا تَرعَوِى | |
|
| فيُزاحَ عَنكَ مِن الضَّلالِ رُكامُ |
|
إنَّ الهِدايَةَ خُطوَةٌ أُولَى عَلَى | |
|
| دَربِ النَّجاةِ تَرُدُّها الأقدامُ |
|
وإذا التَّرَدُّدُ كانَ شِيمَةَ عَائِدٍ | |
|
| لِلحَقِّ فالتقصيرُ والإحجامُ |
|
فاثبُتْ عَلَى الأقدامِ واصدُقْ والتَزِم | |
|
| فَعَسَى تُزايِلُ أرضَنَا الآلامُ |
|
وأَقِم عَلَى القِيَمِ الحَضَارَةَ تَستَقِمْ | |
|
| فالقِيَمُ أُسٌّ لِلعُلا وسِنامُ |
|