" بيسان" كانت واحةً منسيةً في سالف الزمانْ |
وطفلةً مسبيةً مجهولة العنوان |
قد طرّزت جلبابها شقائق النعمان |
واحتضنت يمينها طاقة أقحوان |
تجوبُ أرضَ " الغور" تذرعُ الزمانَ والمكانْ |
في وهَج الشمس الذي أحالَ وجهَها حقولَ أُرجوانْ |
|
عهدتها تسأل عن فتى |
كان اسمُهُ " كنعان" |
واعدها بطَرحةٍ وقُبلتي حنانْ |
وما وَفَى بوعدهِ |
لعله قد أخطأ العنوانْ |
|
من يُبلغُ " الفاضلَ" يا رجالْ: ( 1 ) |
بيسانُ صارت نُزُلاً في شارع النضال(2) |
ملاذَ عابِرينْ، وليلَ تائهينْ |
|
في الزمنِ اللعينْ |
بيسانُ باعت ثديها |
بحفنتي طحين، و"كرت" لاجئينْ |
ونسيت قاضيَها الفاضلَ |
واغتالت صلاح الدينْ |
وفتحَهُ المبينْ |
كأنها ما جاورت "حطين" |
ولم تَعُدْ كعهدها مَخاضةً وطينْ |
وحقلَ ياسمينْ |
على ضفاف النهرِ |
ترتاحُ على ساعدهِ اليمينْ |
|
بيسانُ باعت نفسها لعابري السبيلْ |
رخيصةً، صاعًا من الدقيقْ |
ونَسلتْ في عارِها قوافلَ الرقيقْ |
|
بيسانُ خلف النهر في سُكونها تنامْ |
خلفتها يلفها ظلامْ |
ولا تميطُ عن عيونها غشاوةَ اللثامْ |
كيف أراها ههنا في فَيءِ نخلتينْ |
وضوءِ شرفتينْ |
وكيف صارت نُزُلاً مأوىً لتائهَينْ |
طوّح جثتيهما ببابه المساءْ |
بيسانُ صارت ههنا سرير عاشقَينْ |
ظلا على رغمهما طيرينِ شاردينْ |
|
قال لها الغريب عند قبلةِ المساءِ كِلمتينْ |
كررها اثنتين: |
- من أين يا فاتنتي ؟ من أين؟ |
ولم تجبْ |
وعند قبلة الصباح كرر السؤالْ |
وظل بَينَ بَينْ |
مُعلقاً بخيط كِلمتينْ |
وذرفت بيسانُ دمعتينْ |
وهمست: - بيسان |
كان اسمها بيسان |
مسقط رأس أمها بيسان |
والفندق الذي أوت |
ولم يُراودِ النعاسُ فيه جفنها |
كان اسمهُ بيسان |
لم يبق من بيسان حيًا سوى عنوان |
ومرج أقحوانْ |
وغير مايزرع في أحشائها القُرصان. |