قيصر يدخل روما ,وسط ابتهاج الجماهير بمقدمه من حروبه بالظفر. |
|
حملتُك ِ في روحي فما أنا واجــد ُ |
لديك ِ وقد لانتْ لعزمي الجلامــد ُ |
أتيتُك ِ يا روما فؤادا ً مُجرّحــــا ً |
تقاسمَــــه ُ بأس ُ الجوى والشدائد ُ |
فهلْ لحنيني في ربوعــك ِ موئل ٌ |
وهلْ للّظى المبري الأضالع َ خامد ُ |
قهرتُ بك ِ الدنيا فكنْت ُ مُهنّـدي |
أصدُّ به ِ جيش َ العدى وأجالـــــــد ُ |
حياتي َ وقْف ٌ والذي امتلكتْ يدي |
عليك ِفمــا عندي سواك ِ مقاصــد ُ |
أنا قيصر ُ العملاق ُأركع ُ طائعا ّ |
لديك ِ فهلْ حقّــا ً بأنّيَ جاحـــــــد ُ |
أأطمع ُ في مُلْك ٍ وما نفع ُ مغنم ٍ |
سواك ِ أنا الفاني ومجْدُك ِ خالـــد ُ |
|
يحتشدالجمهور, يتقدمه أشراف روما, |
يباركون لقيصر, ويبرز من بينهم شاعر شاب , |
يستقبل قيصر, وهو ينشد: |
يعجز ُ الحرف ُ أنْ يمجّـــد َ قيصـر ْ |
هو َ مِنْ كلّ ما نؤمّــل ُ أكبــــــــر ْ |
كلّ ما قدْ رأيت ُ في أرض ِ رومـا |
عرض ٌ زائل ٌ وقيصر ُ جوهــر ْ |
يشهــد ُ الكون ُ والخلائـــق ُ طرّا ً |
ونجوم ُ السمـــاء ِ والبحْـرِ والبر ْ |
انّهـا لمْ تَجِــدْ كشخْصِك َ جلْــدا ً |
قد أذلّ الصعـاب َ مِنْ كلّ مصدر ْ |
لحتَ في ظلمة ٍ لروما سراجــا ً |
ذاد َ عن وجهها الظلام َ فأزهـر ْ |
سرْ على نهجكَ الحكيم مفدّى |
كلّ أرواحنا لقصدِك َ مَعْبــَـــــــر ْ |
ليسَ إلاّك َ للمصائب ِ يُرْجــى |
فبِك َ الدهْر ُ والمصائب ُ تُقْهَــــــر ْ |
*** |
في ساعة متاخرة من الليل, |
يجتمع المتآمرون في أحد البيوت, |
يتدراسون خطّة اغتيال قيصر, فينبري أحدهم قائلا: |
قد طغى قيصرُ يا صحبي وقد عــاثَ فســـــادا |
غرّهُ النصرُ فلمْ يعرفْ سوى البطش ِ مُـــــرادا |
وإذا نحـــنُ تركنـــــــــاهُ فعلنــــــــا مــــا أرادا |
فلْنذقْهُ الكأسَ كأسَ الموت ِ تجتتثُّ العنـــــــــادا |
يجيبهُ آخر: |
قد أجدْت َ القولَ نعْم َ الرأي ُ ما أنْت َ تـــــــراهْ |
لِيَمُــتْ قيصـرُ ولْيذهبْ الى التُرْب ِ هـــــــــواه ْ |
ولـْيكُــــنْ في موتِـــه ِ ردْعٌ لمغــرور ٍ ســــواه ْ |
ينبري آخر معترضا ً : |
قدْ رأيتُ الشعْب َ مسحـــورا ً وما زال َ يُغــرّر ْ |
وأنا أخشــى بأنْ يثــــأر َ إمّـــا مات َقيصــــــر ْ |
يجيبه ُ آخر: |
سنزيل ُ السحْر َ من كلّ العقــــول الهمجيّــــــه ْ |
وسيصحو الشعب ُ إنْ قيصـر ُ وافـْـته ُالمنيّـــه ْ |
|
يتفقون ويقررون اغتيال قيصر قيصر |
يسير في شوارع روما , بين هتاف الجماهير وتصفيقها, |
يعترضه ُ عرّاف . |
العراف يرفعُ صوته محذرا: |
آهِ يا قيصـــر ُ لوْ تسمع ُ تحذيـــري إليـــــــــك ْ |
ليسَ في رومــا صديـــقٌ كلّهم حقــــدٌ عليــــك ْ |
فاحذر الأفعـى التي تنسلّ مِـنْ بيـــن ِ يديـــــك ْ |
|
يردُّ عليه قيصر: |
أيّهـــــا العـــرّاف ُ دعْ وهْمــــــك ّ هذا للغـــــد ِ |
أنـــا لا أخشـــــى المنايــا إنّـــها مــا أرتــــدي |
فدع ِ ألأوهام َ لا تبحـــــــثْ لــها عــــن مورد ِ |
ليس َ يثنيني َ وّهْــم ٌ زائف ٌ عنْ مقْصــــــــدي |
|
يستمر قيصر في مسيره , وهو يحدّث نفسه : |
آه ِ يا روما إذا خاب َ ولــمْ يفلــــحْ رجــــــائي |
ورأيتُ الغدْر َ تُخفيـــه ِ ثيـــابُ الأصدقــــــاء ِ |
آه ِ ما أحوج َ نفســـي لرفـــاق ٍ أوفيـــــــا ء ِ |
|
ينقضي النهار, ويأتي الليل, |
ويرى الناس أشياء عجيبة, فتقصّ عليه زوجته ما رأى الناس |
زوجة قيصر... مخاطبة قيصر: |
هـــذه ِ الليلة ُ يا قيصـــرُ ليستْ كالليالــــــــي |
ظهرتْ فيها أمـــــور ٌ هي َ أدنــــى للمحــال ِ |
تدهشُ العقــل َ فلا يعرف ُ صدقا ً مِـنْ خيـال |
إنّـها تحمــل ُ أنبــــــــاء ً لأيّـــــام ٍ ثقــــــــال ِ ِ |
|
تنقضي الليلة, ومع بزوغ الفجر |
;ينهض قيصر من فراشه متعبا, |
وتنهض زوجته , لتقصّ علبه حلما مفزعــا |
زوجة قيصر... مشيرة ً الى قيصر : |
حُــلـُــم ٌ لمْ أر َ مِن قبل ُ له ُ عنـــدي مثيــــــلا |
قد رأيــت ُ الدم َ يختطّ بذي الدار ِ مسيــــــــلا |
وأنا أخشـــى بأنْ تمضــي َ بالغدْر ِ قتيــــــــلا |
فالزم ِ الدار َ ولا ترْو ِ لذي حقْــــــد ٍ غليـــــلا |
|
يردّ عليها قيصر غاضبا : |
أنا منْ حيّر َ بالجرأة ِ فرســـان َ الزمـــــــــان ْ |
أنا منْ يجــــري لهُ ذكْر ٌ علـــى كلّ لســــا ن ْ |
أتريدين َ لمَن ذاق َ المنايـــا أنْ يُصــــــــــان ْ |
ليس َ يُصغـــي للذي قد قلْــتِــــه ِ إلا الجبــان ْ |
أو َ أقضي عمْري َ الباقــي بذلّ ٍ وهــــــــوان ْ |
أكــذا تغريك ِ دنيــاك ِ فيعــــروك ِ افتتـــــان ْ |
خســئ العيــشُ اذا العيشُ أمات َ العنفــــوان ْ |
إنّمــــا أيّامنا هذي حظـــــوظ ٌ ورهــــــــان ْ |
ليس َ فيهـا مِنْ بقـــاء ٍ ليس َ فيهـا مِنْ أمــان ْ |
فائز ٌ مَنْ ختـم َ الرحْلـة َ مرتــاح َ الجنــــان ْ(1) |
خاسر ٌ مَنْ لـُــوّثت ْ منه ُ بما يُخزي اليــدان ْ |
*** |
يخرج قيصر من منزله ِ قاصدا دار الحكومة, |
وفي الطريق اصطفّت الجماهير تحييه, |
وفي مقدمتهم المتآمرون. ينظر اليهم قيصر شزْرا... |
قيصر يتكلم: |
البِشْرُ فوقَ وجــــوه ِ القوم ِ مُصطْنــع ٌ |
لأنّه الحقد ُ في الأعمــاقِ يحتجــــب ُ |
قد ْيطلبــون َ أمورا ً جدّ مُعجـــــــزة ٍ |
لكنّهم قيصر َ المنكـــود َ مــا طلبــوا |
سيظفرون َ بما يبغون َ مِنْ رجـــــــل ٍ |
لكن ْ وشيكـــا ً جناهم ْ سوف َ ينقلب ُ |
فلـْتسْتــرحْ قيصــر المنكود من زمن ٍ |
أراك َ سؤتـــه ُ ولـْينْتــه ِ التَعَــــــــب ُّ |
وبينما هو يصعد السلّـم, |
اذا بالطعنات تتوالى عليه, وكان آخر من طعنه أحد أصدقائه المقربين, |
فلما رآه قيصر,التفت اليه قائلا: |
أحتّى أنــت َ تطعننــي فمـاذا |
اذن يرجو امرؤ ٌ مثلـــي ويأمـــل ْ |
أفي صحو ٍ أنا أمْ فـــي خيـال ٍ |
أم الإنســـان ُ عالمـــه ُ تبــــــدّل ْ |
اذن قدْ كان خيــرا ًلي ممات ٌ |
فبدءُ خلاص روحي حينَ أُقتل |
لأنَّ المرء َ إنْ لم ْ يلق َ صدْقــا ً |
يكون ُ تَعلـّـة ً أنْ سوف َ يرحل ْ |
قيصر يلفظ أنفاسه الأخيرة, |
ويأتي بعد فترة من مصرعه اعزّ أصدقائه, و |
قد هاله ما رأى, ولمْ يصدّق ما رأت عيناه, |
يقف على الجثة فتنهمر دموعه ,ويبدأ برثاء قيصر: |
هذي هي الأرضُ في الظلمـاء ِ غارقة ٌ |
لأنّ مَنْ يحملون َ النور َ ما وِلِدوا |
وأنّ مَنْ ولدوا في المهد ِ قد خُنِقُـــوا |
فلمْ يَعـُـــــدْ عارفا ً أسماءهم أحـد ُ |
وأن َ مَـن ْ بذروا بذْر َ الحياة ِ علــــى |
جدْب ِ الطبيعة ِ كان َ الموت ما حصدوا |
أمثل قيصــر َ يحوي الترْب ُ لا بقيتْ |
مِنْ بعــده ِ دول ٌ أوْ شُيّـدتْ عُمُــد ُ |
أهكــــــذا كلّ عمــلاق ٍ نهايتـــــــه ُ |
بأنْ تمــزّقــهُ أسياف ُ منْ فَســدوا |
أجثة ً عاد َ ربّ المجد ِ مُهملـــــــة ً |
أهكذا يا صديقـــي يفعــل ُ الحسد ُ |
ماذا يريدون َ لمّا ثارَ ثائرهـــــــم |
أمثلُ قيصر َ فوقَ الأرضِ قد وجدوا |
الأن َ أدركــت ُ أن ّ المُلك َ مَفْســدة ٌ |
وأننــا مــنْ مَعيــن ٍ زائف ٍ نـرِد ُ |
هي َ المطامع ُ يغدو الخيــرُ منقلبا ً |
شرّا ً لديها ويزكـو الفاسق ُ الـنّكِد ُ |
*** |
ألمتآمرون يجتمعون, ليعدّوا الخطط, |
لمواجهة أنصار قيصر, وبينما هم يتحدثون... |
اذا بشبح قيصر يظهر أمامهم محذرا : |
غدا ً بسوح ِ الوغى حتْمــا ً سنلتحــم ُ |
وإنّـــه ُ لقريب ٌ ثأْرُ مَــنْ ظلمــوا |
لنْ تضمنوا النصْر َ انّ الكأس َ واحدةٌ |
كمــا علينا عليكم يطبق ُ العـــدم ُ |
إنّــي لأعجب ُ أحيانا ً ويضحكُـنـــــي |
أنْ يستبد َ برأس ِالطامع ِ الحُلُـــم ُ |
يبدّدُ العُمْـــر َأحلامــــا ً وأخيلــة ً |
وآخـــر ُ الأمْر ِ أنّ الكُـلّ مُنْهــدم |
|
يملأ الرعب والدهشة قلوب المتآمرين, |
وتبدأ الهواجس تفعل فعلها فيهم, |
فينتحرون واحدا اثر واحد بنفس السلاح, الذي قتلوا به قيصر |