عَامٌ يَمُرُّ، وتَنقَضِي أَعوَامُ | |
|
| يَحيَا أُنَاسٌ، تَمَّحِي أَقوَامُ |
|
تَفنَى حَضَارَاتٌ فَلا يَبقَى لَهَا | |
|
| أَثَرٌ، ويُنشَأُ غَيرُهَا ويُقَامُ |
|
أَينَ المُلُوكُ السَّابِقُونَ، وأَينَ مَن | |
|
| بُنِيَتْ لِأَجلِ خُلُودِهِم أَهرَامُ؟! |
|
أَينَ الفَرَاعِنَةُ الأُلَى، والفُرسُ وال | |
|
| إِغرِيقُ، والرُّومَانُ والآرَامُ؟! |
|
لَو تَنطِقُ الآثَارُ، قَالَت: هَا هُنَا | |
|
| كَم ذَا مَشَتْ وتَعَثَّرَت أَقدَامُ |
|
ولَكَم تَطَاوَلَ لِلسَّمَاءِ يَرُومُهَا | |
|
| صَرحٌ، هَوَى لِلأَرضِ، فَهْوَ حُطَامُ |
|
وبُنَاتُهُ أَرخَى الزَّمَانُ عَلَيهِمُ | |
|
| سِتْراً، وكَم وَارَى الجُسُومَ رُكَامُ |
|
يَا أَيُّهَا التَّارِيخُ هَيِّئْ صَفحَةً | |
|
| بَيضَاءَ، تَقطَعُ صَمتَهَا الأَقلَامُ |
|
سَجِّلْ لَنَا مَا قَد مَضَى مِن عُمرِنَا | |
|
| أَو مَا تُخَبِّئُ سِرَّهُ الأَيَّامُ |
|
عَامٌ مَضَى، واليَومَ يَفتَحُ بَابَهُ | |
|
| عَامٌ جَدِيدٌ لَفَّهُ الإبهَامُ |
|
أَتُرَاهُ يَحمِلُ فِي يَدَيْهِ بِشَارَةً | |
|
| أَم يَستَبِيهِ كَسَابِقِيهِ ظَلَامُ |
|
هَل تُوقِفُ الأَيَّامُ نَزفَ فُؤَادِهِ | |
|
| أَم تَصطَلِي فِي جَوفِهِ الآلامُ |
|
مَاذَا سَتَكتُبُ أَيُّهَا التَّارِيخُ فِي | |
|
| سِفرِ الدُّمُوعِ، وهَل تُرَى سَتُلامُ؟ |
|
ويُقَالُ إِنَّكَ كَاذِبٌ ومُزَيَّفٌ | |
|
| و عَلَى لِسَانِكَ تَصدُرُ الأَحكَامُ |
|
وإِذَا بِحَقِّكَ أَنصَفُوا، مَا رَاوَغُوا | |
|
| و هُمُ الجُنَاةُ تَسُوسُهُمْ أَوهَامُ |
|
اُنظُر وَرَاءَكَ أَو أَمَامَكَ كَي تَرَى | |
|
| مَا لَيسَ يَحجُبُهُ دُجَىً وقَتَامُ |
|
عَامٌ يَشُدُّ رِحَالَهُ لِلمُنتَهَى | |
|
| و القُدسُ بَاعَ رِدَاءَها الحُكَّامُ |
|
سِتُّونَ عَاماً وهْيَ تَبكِي: أَنقِذُوا | |
|
| شَرَفِي، فَقَد أَخنَى عَلَيَّ طِغَامُ |
|
عَذرَاءُ أُمَّتِكُم أَنَا، لا تَترُكُوا | |
|
| عَذرَاءَكُم تَسرِي بِهَا الأَسقَامُ |
|
سِتُّونَ عَاماً وهْيَ تَصرُخُ: مَسجِدِي | |
|
| حَتَّى تَيَبٍّسَ فِي الحُلُوقِ كَلامُ |
|
وبَنُو العُرُوبَةِ صَامِتُونَ، كَأَنَّهُم | |
|
| رَغمَ اسْتِغَاثَاتِي بِهِم أَصنَامُ |
|
يَا أَيُّهَا التَّارِيخُ سَجِّلْ واْبتَسِم | |
|
| أَو فَاْبكِ مِمَّا تُنجِبُ الأَرحَامُ |
|
الأُخوَةُ الأَعدَاءُ نَحنُ، فَقَاتِلٌ | |
|
| مِنَّا، ومَقتُولٌ دِمَاهُ حَرَامُ |
|
الشَّامُ أَضحَى لِلذِّئَابِ فَرِيسَةً | |
|
| قَلبِي لِأَجلِكَ نَازِفٌ يَا شَامُ |
|
مِن كُلِّ صَوبٍ أَقبَلُوا، فَتَقَابَلُوا | |
|
| فَتَقَاتَلُوا، فَتَطَاوَلَت أَقزَامُ |
|
كُلٌّ يَقُولُ أَنَا الصَّوَابُ، فَهَل تَرَى | |
|
| غَيرِي بِهِ يَتَسَيَّدُ الإِسلَامُ؟! |
|
والمقعَدُ الذَّهَبِيُّ يَنبِسُ سَاخِطاً: | |
|
| أَلِأَجلِ غِرٍّ يُستَبَاحُ سَلَامُ؟! |
|
تَهمِي دُمُوعُ اليَاسَمِينِ مِنَ الأَسَى | |
|
| و اليَأْسِ أَنْ تَتَحَقَّقَ الأَحلَامُ |
|
يَا أّيُّهَا التَّارِيخُ هَل دَوَّنتَهَا | |
|
| أَم لَم تَرُقْ لَكَ أَدمُعٌ وضِرامُ |
|
وهَلِ اْستَفَقتَ عَلَى الجَحِيمِ بِبَابِلٍ | |
|
| أَم لَم تَزُرْ بَغدَادَ وهْيَ غَرَامُ |
|
عَامٌ مَضَى وكَأَنَّنِي بِالمِربَدِ ال | |
|
| مَكلُومِ يَبكِي ثَغرُهُ البَسَّامُ |
|
يَستَصرِخُ الشُّعَرَاءَ والحُكَمَاءَ أَنْ | |
|
| هُبُّوا لِكَي لا تُنْكَسَ الأَعلَامُ |
|
أَو تَنطَفِي تِلكَ المَنَارَةُ بَعدَمَا | |
|
| قَد شَعَّ فِي جَنَبَاتِهَا الإِلهَامُ |
|
أَو تَرتَمِي عَشتَارُ فَوقَ بِسَاطِهَا | |
|
| فَيَمُوتُ بَينَ العَاشِقِينَ هُيَامُ |
|
سَلْ دَاعِشَ التَّخرِيبِ كَيفَ تَوَغَّلَتْ | |
|
| فِي كُلِّ شِبرٍ والرُّؤُوسُ نِيَامُ |
|
تَبنِي عَلَى جُثَثِ العِبَادِ دُوَيْلَةً | |
|
| و مَصِيرُ كُلِّ مُخَالِفٍ إِعدَامُ |
|
تَغتَالُ بِاْسمِ الدِّينِ كُلَّ فَضِيلَةٍ | |
|
| و الدِّينُ لَيسَ بِطَبعِهِ الإجرَامُ |
|
الدِّينُ أَطهَرُ مِن فَظَائِعِ دَاعِشٍ | |
|
| و لَهُ بِقَلبِ الطَّاهِرِينَ مُقَامُ |
|
بَلقِيسُ يا بَلقِيسُ يَا يَمَنَ العُلا | |
|
| مَاذَا جَنَى الأَخوَالُ والأَعمَامُ |
|
إِنِّي أَرَى كِسَفاً تَسَاقَطُ فَوقَهُم | |
|
| مِن دُونِمَا ذَنبٍ جَنَاهُ كِرامُ |
|
لَكِنَّهُ الشَّيطَانُ يَزرَعُ فِتنَةً | |
|
| فِي أَرضِ مَن صَلُّوا مَعاً أَو صَامُوا |
|
فَإِذَا بِأُخوَةِ يُوسُفٍ قَد أَقبَلُوا | |
|
| و قَطِيعَةٌ فِي إثرِهِمْ وخِصَامُ |
|
يَا أَيُّهَا المُختَارُ يَا عُمَرُ الَّذِي | |
|
| دَوَّختَ إِيطَلْيَا، عَلَيكَ سَلامُ |
|
أَرَأَيتَ كَيفَ بَنُوكَ صَارُوا، بَعدمَا | |
|
| فِي سَالِفٍ بُهِرَتْ بِكَ الأَعجَامُ |
|
وسَرَى بِرُومَا ذِكرُ كُلِّ بُطُولَةٍ | |
|
| قَدَّمتَهَا يَا أَيُّهَا المِقدَامُ |
|
قَالُوا سَيَزدَهِرُ الرَّبِيعُ بِأَرضِنَا | |
|
| فَإِذَا الرَّبِيعُ تَنَاحُرٌ وحِمَامُ |
|
يَا لَيتَهَا ظَلَّتْ عَلَى جَدبٍ، فَمَا | |
|
| ثَكِلَ النِّسَاءُ، وشُرِّدَ الأَيتَامُ |
|
قَالُوا أَتَاكَ..الطَّلقُ يَزهُو ضَاحِكاً | |
|
| فَكَتَبتُ: لا .. بَل جَاءَكَ الهَدَّامُ |
|
فَرَبِيعُنَا العَرَبِيُّ مَحضُ خُرَافَةٍ | |
|
| قَد أَدرَكَتْ آثَارَهَا الأَفهَامُ |
|
زَرَعَت بُذُورَ الشَّرِّ فِي أَوْطَانِنَا | |
|
| حَتَّى نَمَتْ وكَأَنَّهَا أَوْرَامُ |
|
لَولَا رِجَالٌ مُخلِصُونَ عَلَى ثَرَى | |
|
| مِصرَ الأَبِيَّةِ، لَاْنقَضَتْ أَحلَامُ |
|
ولأَلقَتْ المَأسَاةُ كُلَّ ظِلَالهَا | |
|
| فَوقَ الضِّفَافِ، ومَاتَتِ الأَنغَامُ |
|