يالجَمَال المنظر الخلاَّب!
|
عند التقاءَ الأُفقِ بالغياب!
|
|
|
|
|
|
والبحر كاسٍ، أزرقُ الجِلْبَاب
|
زرقةَ عَيْنِ الغادةِ الكَعَاب
|
من لي بِمِجْهَرٍ وإصْطرْلاَب؟
|
حتى أرى الشمس على اقْتراب:
|
إذا مال قُرصْها إلى الغِيَاب
|
واصطبغَتْ بحُمْرَةُ العِتَاب
|
وانطفأتْ جمْرَةُ الالتهاب
|
في الماء؛ فَهْي كالسِّراج الخابي
|
|
في نَغَم خَال من الإطْراب
|
صفحةٌ انطَوَتْ من الكتاب!
|
يا بحرُ، أنت ملتَقَّى الأحباب
|
وباعثُ النَّشْوة في الأعصاب
|
ومُبْدلُ الأُنس بالاكتِئَاب
|
|
إذا عَدَا كالضَّيْغَم الوثَّاب
|
مُهَدِّدًا بمِخْلَبٍ وناب
|
|
|
|
|
فعاد مرتدًّا على الأعْقاب
|
|
ما فيك شيء ليس بالجَذَّاب
|
حتى اصطدامُ موجك الصَّخَّاب
|
بالصُّمِّ من صخورك الصِّلاَب
|
يحكي لنا زئيرَ أُسْدِ غاب
|
مُهْتَاجةٍ، مُثارةٍ، غضَاب
|
كم موجةٍ تُومِض كالشِّهاب
|
أو كحُسَام سُلَّ من قِراب
|
بيضاءَ مثلِ دِرَّة الحِلاَّب
|
نِثَارُها من لؤُلؤ مُذَاب
|
موجُك مثلُ الدهر في انقلاب
|
بَيْنا نراه ليِّن الجَنَاب
|
|
عَزَّت على الأَجْدلِ والعُقَاب
|
إن كنتَ غيرَ سائغِ الشَّراب
|
فمنك ماءُ الأنْهُر العِذَاب
|
إن تَفْخَرِ الأَنْهارُ بالأَنسَاب
|
فالنيل من أبنْائك الأَنجَاب
|
ملءُ الثُّغُور أنت والأكواب
|
بكلِّ عذب بَارِدٍ مُنْسَاب
|
كالشهد في الأفواه والرُّضَاب
|
ماؤُك سِرُّ النَّسْل والإخْصَاب
|
وواضعُ البذور في الأَصْلاب
|
|
|
أنتَ عَمَرْتَ الأرضَ من يَبَاب
|
لولاك ما حَبَا عليها حَابِي
|
أو خلقَ الإنسانُ من تُرَاب
|
|
خيامُه أرْبَتْ على الحِسَاب
|
منصوبةٌ، مشدودةُ الأطْنَاب
|
عالِيَةٌ، مفتوحةُ الأبْواب
|
ريُّ الظماء، مَطْعَمُ السِّغاب
|
تجمع بين: الصِّيد، والأَوشاب
|
|
وَرَبْرَب الغِزْلان، والذئاب
|
ما نَمَّ نابحٌ من الكلاَب
|
أو حاجب فظُّ من الحُجَّاب
|
|
|
تَستقبلُ الوفودَ بالترحاب
|
|
|
والغِيدُ أسْرَابٌ إلى أسراب
|
يَنْبُتْن في شَطِّك كالأعشاب
|
|
يَكَدْن يَبْدُون بلا ثياب
|
|
يا بحر، أين شُرْطَةُ الآداب؟
|
غيدُك قد أفْقَدْنَني صَوَابي
|
|
|
والبحر لا يجُورُ أو يُحَابي
|
يذيب كُحْل العين والأهداب
|
وما على الأَوْجُه منْ خضَاب
|
أَضْوَعُ من مِسْكٍ ومن مَلاَب
|
|
مَلابِسُ البحر بلا «أرْواب»،
|
حول الجسوم الغَضَّة والإِهَاب،
|
أخطرُ من نار على أحْطَاب!
|
كم ذات جسم للنُّهى سلاَّب
|
|
|
يجْرحُ مثلُ مُدْيَة القصَّاب
|
يا للجمال الصَّائبِ المصَاب!
|
|
من الهوى وعُطِّلَتْ ركَابي
|
ما عاد لي بين الحسَان سابي
|
|
|
|
ما أنا إن صَدَّ الحبيبُ عابي
|
ولا ليوم الوَصْل في ارتقاب
|
وَكيف أغشى حَلبة التَّصَابي،
|
|
|
وفرَسِي بادي الهُزَال، كابي؟
|
مالي وللْكَواعب الأَترَاب؟
|
أين مَضَيْتَ أين يا شبابي؟
|
قُبِّحْتَ يا أخدَعَ من سراب!
|
ما الحب غيرُ قَدَر غَلاَّب
|
|
|
|
يا بحرُ، قد أصحبتَ من أصحابي
|
|
|
أو تَفهمُ المقصودَ من خطابي
|
فإِن أقلْ تَهُمَّ بالجواب
|
يا بحر، دقَّتُ ساعةُ الإِيَاب
|
|
|
|
|
|
|
|
|
غِشْيَانَ عبدٍ، خاشع، أَوَّاب
|
|
في المُلك مُلْك سيد الأَرباب
|
|
والشمس عُودٌ لاحَ من ثقاب
|
والأرض تُرسٌ دار في دولاب
|
وأنت قَطْرٌ سال من لُعَاب
|
جلَّ جلالُ الخالِق الوهَّاب!
|
|
|
للموج تُطْرِي اللهَ في إسهاب
|
تشرح سرَّ الكون للطُّلاَّب!
|
يا بحر، كم وصلْتَ من أسباب
|
بيني وبين الغافر التَّوَّاب
|
أنت لكلِّ مُلْحِدِ وصابي،
|
إن تاه في مُفْترَق الشِّعَاب
|
يا خامس الأَربعة الأَقطاب
|