عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > محمود غنيم > ذكرى دنشواي

مصر

مشاهدة
743

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

ذكرى دنشواي

هِيَ دنشوايُ ولا أزيدْ
في السمع أحْرُفُها نَشِيدْ!
إنِّي لأُحني الرَّأسَ إذْ
أمْشِي على هذا الصعيد
في كربلاءَ قضى الحُسَيْ
نُ، وكَمْ هنا سِبْطٌ شهيد!
كِمْ هَامَة صُلِبَتْ هُنَا
وَدَمٌ تدفَّقَ من وريد
لله أَشلاءٌ، علي
ها صَرْحُ الاستقلالِ شِيد!
يا دنشوايُ، وأنتِ في
أرضِ الحِمَى بيتُ القَصِيد
أنت التي نَبَّهْتِ أَه
لَ الكهفِ من طُولِ الرقود
وَصَنَعْتِ أبطال البِلا
دِ، الذَّائِدين عن الحُدود
النَّاقمين على الدَّخِي
لِ، الثَّائرين على القُيُود
أنْت التي أَشْعَلْتِ كلَّ
عَزيمَة في بورسعيد
بِسِلاَحِكِ الماضي تَقَلَّ
د «مُصْطفى» وَسَطَا «فريد»
وَوَلدْتِ سعدًا للكِنَا
نَة، أيها الأُم الوَلُود
ما نَاصرٌ إلا لَك ابْ
نٌ حين يُنْسَبُ، أو حفيد
طَهَّرْتِ أرجاء الحمى
من كلِّ جبَّارٍ عَنِيد
خمسين عامًا تَحْملي
ن بِبَطْنِكِ النصَّر الوليد
نَصْرُ الشعوب الثَّائِرا
تِ يَسيرُ في خطْوٍ وئيد
كم مِنْ ثمَار بذرُها
في الأَرض من عَهْد عهيد
والشعبُ غيرُ الفرْد، دو
رةُ عامِهِ عُمْرٌ مَدِيد
يا صائِدَ الوَرْقَاءَ، سَهْ
مُكَ ليس بالسَّهْم السَّديد
لقد اعْتَدَيْتَ على حِمَى
قوم أُبَاةِ الضَّيم، صيد
من جاءَ يصطاد الأُسو
دَ من الشَّرى، فَهُوَ المَصيد
يا دنشوايُ، وأنتِ عُنْ
وانُ البُطُولة والصُّمُود
ماذا جنيتِ سِوَى الدِّفَا
ع عن الحَلائل والحَصيد؟
هم حَاكَمُوكِ أمامَ مح
كَمَة الثَّعَالب والقرود
الظَّالِمُوكِ قُضَاتُها
وهُمُ النِّيابةُ، والشُّهود
نَصَبُوا المقَاصِل، والحُشُو
دُ العُزْلُ تنظرُ في جُمود!
زَفَرَاتُها متصَعِّدَا
تٌ مَلَّها طولُ الصعود!
والشمسُ فوق القوم كَا
سفَةٌ تُحَمْلِقُ في شرود!
والأَرضُ تحت القَوم كا
دتْ من مَظَالمهم تَميد!
وعلى المقاصل: كلُّ شَيْ
خ واهنٍ، وفتىً جليد!!
شَهَروا السِّلاح بقريةٍ
لا نَارَ فيها أو حديد
ما يفعل البطلُ الكميُّ
بحدِّ سَيْف من جَريد؟
وكأنَّ أفئدة الطُّغَا
ةِ من الصُّخُور أو الجليد
والجوُّ جمرٌ حَوْلهُم
وهمو همو رَمْزُ البرود
زُرْقُ العيون، مَدِيدَةٌ
قاماتُهم، حُمْرُ الجلود
كالأُرجوان وُجُوُهُهُمْ
وقلوبُهم كَالْقَار سُود
لا يخْشَعُون لِدَمْع أطْ
فَال يَتَامَى في المهود
وعويلِ رَبَّات البيو
تِ كأَنَّهُ قَصْفُ الرعود
فكأَنما الإِعْوال في
آذانهم نَبَراتُ عود
يأَيها العهدُ البَغِي
ضُ، خَسِئْت من بين العهود!
لا كان عهدُ الرِّقِّ، والْ
إقْطَاع، والملك الطَرِيد!
أيَّام أنْ كان الضَّمِي
رُ يُباعُ بالثَّمَن الزهيد
عَهدٌ به الحرُّ الكري
مُ يَعيشُ في ذُلِّ العبيد
فيه: وليُّ الأَمر مَأ
مُورٌ، وسَيِّدُهُ مَسُود
إن أوْمَأَ المُحْتَلُّ، أوْ
مَأَكلُ وَالٍ بالسجود
من ترضَ «لندنُ» عنْهُ مِنْ
أهل الحِمَى، فهو السعيد
والعرش أشبهُ بالدُّمى
والقولُ ما قال العميد
العرشُ بين موائدٍ
خُضْر، وكأس طَلاً، وغِيد
في مثلِ أُبَّهَةِ الرَّشي
دِ، ومالَهُ عَزْمُ الرشيد
اليوم لا مُسْتَعْمِرٌ
طَاغٍ، ولا مَلكٌ قعيد
الأمر في يد نَاصرٍ
لا «لمْبسونَ»، ولا «لُوِيد»
أوطانُنا مِلْكٌ لنا
فيها نعيشُ كما نُريد
في أرضها نَبْني المَعَا
قِلَ، والمصانَعَ، والسُّدود
كي يعلمَ الملوان أنَّ
بمصر شَعْبًا لا يَبيد
كالبَحْر ليس بآسن
أبدًا، وإن طالَ الرُّكود
اليوم لا عاف يَمُدُّ
يَدًا، ولا سَمْحٌ يجود
لا سائلٌ، أو مُحْسنٌ
الكلُّ في عَيْشِ رغيد
عَرَقُ الجِبَاه كم اسْتَحا
لَ قلائدًا في كلِّ جيد!
كم صِبغَ من قطَراته
للمترَف الدرُّ النَّضيد!
الأَرضُ للزُّرَّاع، لا
للوَارثينَ عن الجدوُد
والكل خَدَّامُ الحِمَى
والعَدْلُ بينهُمُو يسود
وإذا أُغيرَ على البلا
د، فكلُّنَا جَيْشٌ يذود
أطفالُ وادي النيل يَو
مَ الزَّحْفِ من بعض الجُنود
وظِباؤُه يوم الوَغَى
يَبْدُون في لِبَد الأُسود
يا دنشوايُ، هنَاك ما
أحْرَزْت من ماض مَجيد!
قد طاب حاضِرُكِ السَّعي
دُ، وطابَ غابرُك التليد
ذكراك كانت مَأتَمًا
بالأَمس، وَهْيَ اليوم عيد
شهداؤُك الأَبرارُ يَبْ
تَسمُون في دار الخلود
ويهنِّئُّون النِّيل والْ
هَرَمَيْن بالعَهدْ الجديد
رشَقوا جمالا بالزهو
ر؛ من الجِنَانِ، وبالورود
وإلى فَلسطينَ الشهيد
ةِ قَدْ أشَارُوا من بعيد
قولي لَهُمْ: صَبْرًا جمي
لاً! قد دنا يومُ اليهود
وغدًا نُطَهِّرُ أرضَنَا
مِنْ رِجْسِ عُبَّادِ النقود
محمود غنيم

في 13 يونيو 1906م، حدثت حادثة دنشواي.
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: السبت 2016/01/09 02:58:31 صباحاً
إعجاب
مفضلة


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com