جاءَتكُ مُطْرِقَةً من شدة الخَجَلِ |
عذرًا لها إن تكن جاءَتْ على مَهَل! |
عذرًا لها؛ أنها كانَتْ مُهَرْولَةٌ |
لكن تكاثَرَت الأَحجارُ في السُّبل |
إن كان قلبك لم يخفق لمَقْدَمها |
فقلبها خافق من شدة الجذل |
أكْرِمْ بها في مجال الفخرِ جائزةً |
قد نالها بطلٌ مِنْ راحَتَيْ بطل! |
يا رافعًا راية الفصحى، وباعِثَها |
من وحشة البدْو في زاه من الحلل |
يا رُبَّ قُنْبُلَة من أحرف صُنِعَتْ |
ألقَيْتَها غير هَيَّاب، ولا وَكِل |
والقوم أفواههم في الحفل فاغرةٌ |
وأنت أثبتُ وَسْطَ الحفل من جبل |
دعوت باللغة الفصحى إلى اللغة الْـ |
ـفصحى، فأَّيَّدَت قولَ الحق بالعمل |
كأنما كان أوصاك الخليلُ على |
تراثه، أو نمَاك الأَسودُ الدؤُلِي |
إن الذي يَشْنَأُ الفصحى وينكِرُهَا |
يدعو على لغة القرآن بالشَّلَل |
إن جادلوك ولَجُّوا في جِدَالهمُو |
فالحق مُدْ كَان لم يَسلَمْ من الجدَل |
والجهر بالحق بين المنكرين لهُ |
رسالةُ الله أوْحَاها إلى الرسُل |
الجهلُ علةُ ما قال الخصوم، وإن |
تَذَرَّعُوا بسوى هذا من العلل |
هيهات تجمع يومًا شملنا لغة |
بلا قواعدَ تَحميها من الخلل! |
إِنِّي أخاطب سكان الكفور؛ فلا |
أعي الخطاب، ولا القاموسُ يشرح لي |
ما وَحَّد العُرْبَ كالفصحى، فإن وَهَنَتْ |
فَبَشِّر القومَ بالخذلان والفشل |
إذا تكلف قول الشعر قائله |
فالشعر عندكَ طَبْعٌ غَيْرُ مفتعل |
هما النقيضان -في ديوانك اجتمعا-: |
فكْرُ الأواخر، في ديباجة الأُول |
عصْرُ الحُسَام، وعصرُ الذَّرَة اقْتَرَنا |
في شعرِه، والتقى الصَّاروخُ بالجمل |
رعيَّةُ الشعر قد أصبَحْتَ راعِيهَا |
والشعرُ دولته من أكرم الدول |
والخارجون على أحكامها صَبَأُوا |
مِثْلَ الخوارج في عهد الإمام علي |
مُجدِّدُو الشِّعْر غَضُّوا من مَحَاسنِه |
كما يُضَيِّعُ كُحْلٌ عيْنُ مُكْتَحل |
هم أنشئوه بلا وزن وقافية |
فَلْيَأخُذُوا ألفَ بيت منه مُرْتجَل |
ما ألبس الشعرَ سربالَ الجمال سوى |
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعل |
كم صدَّعُونا بأقوال مُهَلْهلَةِ |
ليست بشعرٍ؛ ولا نثرٍ، ولا زَجَل! |
إن القَرِيضَ بلا وزن وقَافِيَةٍ |
خُنْثَى؛ فلا هو بالأُنثى ولا الرجل! |
الشعر باق بقاء الحِسِّ تدفعُه |
عوامل الحُبِّ، والإِشْفَاق، والأَمَل |
لن يبلغ القوم من تَشْوِيهِهِ غرضًا |
صلابةُ الصخر تُعْيِي قرنَي الوعل |
هيهاتَ ينْضَبُ نبعُ الشعر ما بَقِيَتْ |
حَسْنَاءُ توحي إلى العُشَّاق بالغزل! |
سحران لم يأت هاروتٌ بمثلهما: |
سِحْرُ العيون، وسحر الأَعْينِ النُّجُل |
يا رائد المسرح الشِّعِريِّ في زمنٍ |
فيه الرُّطَانَةُ صارتْ مَضْرِبَ المثل |
طَوَّعْتَ للمسرح الشعرَ العَصِيَّ، ومن |
له اقتدارُك إنْ يأمُرْه يَمْتَثِل؟ |
أشخاص مسرحك الأمواتُ تحسبهم |
فوق الصحائِفِ من عَظْم ومن عَضَل |
تَكَادُ من غير تمثيل على خشب |
نَرَى تَحرَّكَ ما حَرَّكْتَ بالمقل |
لو أن قَيْسًا صَحَا من قَبْرِهِ، ورَأى |
لبْنَى عزيزٍ، لَنَاجَى النَّفسَ بالقُبل |