حرَّةٌ لا تزور إلا لمامًا |
تيَّم الشيخ حبُّها والغلامَا |
تيَّم النمل حبُّها فتولى |
بطلب الماء مثلنا والحطاما |
كشَّرت عن أنيابها للبرايا |
فرأوا ذلك القطوب ابتساما |
كم سَقتهم من الشقاء زعافًا |
وسقوْها من الوفاء مداما |
قد يراها السعيد حلمًا لذيذًا |
ويراها الشقيُّ موتًا زؤاما |
صاح، إن الحياة لغزٌ، إذا ما |
زدتُهُ بحثًا، زادني إبهاما |
ليت شعري! ماذا تكون: أحسًا |
أم خيالاً ويقظة، أم مناما؟ |
أم طريقًا إلى الفناء قصيرًا |
قد ركبنا لطيِّه الأياما؟ |
كل حيَّ له كتابٌ، ولكن |
أعجم الله خطه إعجاما! |
لو عرفنا متى تكون المنايا؟ |
لانتظرناها مذ بلغنا الفطاما |
أيها العلم، كم هتكت حجابًا |
فأمِطْ عن سر الحياة اللثاما |
تلك آثارها إذا عرضَتْ لي |
ألهمَتْني وجودها إلهاما |
فإذا رمتُ وصفها بلساني |
أَلْجَمَتْنِي، فلا أحيرُ كلاما |
فهْي كالكهرباء؛ لست أراها |
وأرى ضوءَها يشقُّ الظلاما |
هي من رُوح الله، وهْو خفيِّ |
ذو صفاتٍ دلت عليه الأناما |
يا ابنة الشمس، وجهُ أُمِّك بادٍ |
فعلام احتجت أنتِ علاما؟ |
عرف الناسُ فضلَ أمك قِدما |
فتلقَّوْها سجَّدًا وقياما |
حِّديثنا: كيف ابتدأتِ على الأرْ |
ض، وحركت هذه الأجراما؟ |
وأرينا متى ظهرتِ عليها؟ |
وإلام البقاءُ فيها إلاما؟ |
أخذ الناسُ في التكاثف، حتى |
باتَت الأرض وهْي تشكو الزحاما |
ليت شعري: أضلَّ «دارون» بحثًا |
حين آخى الوحوش والأنعاما؟ |
قال قوم: هلا شهدنا ذبابًا |
في الحياة ارتقى فصار حماما؟ |
وغلا آخرون فيه، فقالوا: |
كان في مذهب النشوء إماما |
قد عرفنا أبا الأنام جميعًا |
فهل الطيرُ والوحوش يتامى؟ |
وهل الجن تنتمي كالبرايا |
لأبٍ يُدْعى يافثًا أو حاما؟ |
سائل البحر: كيف أنبتَ لحمًا |
من أواذيِّه وسوى عظاما؟ |
وتأمل بين الحقول نباتًا |
سوَّت الأرض سوقه، فاستقاما |
علَّ من بارد النمير شرابًا |
وتغذى من الهواء طعاما |
ولقد يولد النباتُ وَيَفْنَى |
ويعاني مثل الأنام سقاما |
حكمةٌ تملأ النفوس يقينًا |
بإله يدير هذا النظاما! |
سائل الشمسَ عن بنيها: لماذا |
كانت الأرض وحدها مِتآما؟ |
أترى الكواكب السبع نسلاً |
يشبه الناس أم تراها عقاما؟ |
ليتني أركب الرياح إلى الأفـ |
ـلاك أو امتطى إليها الغماما! |
أيُّهذا الأثير، إن كان في المر |
يخ حيٌّ، فاحمل إليه السلاما |
حيِّ أهله إن مررت عليهم |
إن للجار حرمة وذماما |
صاح، لولا الحياة ما بات يخشى الـ |
ـموت حيٍّ، أو يحمل الآلاما! |
قال بالجن معشرٌ، وأراها |
وحدها جنا يلبس الأجساما |
أوليت تحزُّ لحم البرايا |
مثل حز المدى وتبرى العظاما؟ |
قسمًا، لوْ أن الأجنة تدري |
كنهها لم تفارق الأرحاما |
أيُّهذا الجماد، حسبك: ألا |
تَصحَب الشيَّب، أو تذوق الحماما |
حمَّلتني الحياة عبء التصابي |
وأرى الحبُّ للحياة لزاما |
لو سرت في الصَّخر الأصم، لراشت |
نـحوه أعين الملاح سهاما |
ولقد أسمع الطيور تغني |
فَإِخال الطيور تشكو الغراما |
وإخال النبات يبكي حنينا |
كلما سال الطَّلُّ منه سجاما |
دقة الحِسِّ لم تدع لي فؤادًا |
ملك الحسن من فؤادي الزماما |