الزفرة الأولى: |
الحزنُ أوغلَ في روحي كما راما |
وفاضّ جُرحيَ يا ربّاهُ إيلا ما |
لعنت ُ صبحا ً به ِ الأرزاءُ قد علقت |
فأعقب َ الصبح َ ليلٌ زاد َ إظلاما |
ما كان َ أسرع َ ما يُطوى السرورُ بهِ |
وهل سرورٌ على الأيّامِ قد داما |
تبدّل َ العيشُ شرّا ً بعْد َ بهجته ِ |
وأصبح َ الأملُ المنشودُ أوهاما |
كأسُ الأماني أُريقتْ في التراب ِ وما |
وجدْتُ غير الأسى أسقى لهُ جاما |
ليت َ الليالي التي قضّيتها عُدِمتْ |
ولَمْ تكُنْ بحساب ِ الدهْرِ أعواما |
وليتَ عاما ً أراني العيش َ قدْ سُلِبَتْ |
شهوره ُ ثمّ لا أحياهُ أيّاما |
وليتَ أمّيَ ذاك َ العام قد عقمتْ |
فلمْ تلدْني لأحيا العمْر َ آلاما |
*** |
الزفرة الثانية: |
الحزنُ كالموت ِ للإنسان ِ مقدور ُ |
وطير ُ آماله ِ باليأس ِ مأسورُ |
ما كان َ للمرء ِ أن يحياه ُ سوف َ يُرى |
لأنّه ُ في جبين ِ المرء ِ محفورُ |
ما أنت َ فاعله ُ في اليوم ِ حاصدهُ |
غدا ً وما تخفّيه ِ طيّ النفسِ منشورُ |
أصبرْ على الرزْء ِ يا أيّوب ليسَ سوى |
صبر ٍ يُرجّى إذا لمْ يسطع ِ النورُ |
الرزْءُ جدّ عظيم ٍ والفؤادُ دم |
اصبرْ فصبرك َ ذا للمُبتلى سورُ |
*** |
الزفرة الثالثة : |
كمْ قد تضرّع َ يشكو قلبي َ الدامي |
أنْ يرفع ّ الربُّ عنّي بعض َ آلامي |
جزعْت ُ حتّى شكا منْ كان َ يعرفني |
أهلي وصحْبي وأخوالي وأعمامي |
ماذا يريد ُ القضاءُ المرُّ يتبعني |
كأنني الغرضُ المقصودُ للرامي |
أرفق إلهي بعبد ٍ حائر ٍقلقٍ |
إنّي لعطفك ِ يا ربّ السما ظام ِ |
جسمي ابتليت وأبنائي خطفتهم ُ |
أهكذا كبرتْ يا ربُّ آثامي |
الداءُ يسري بجسمي المستدقّ ضنى |
مِنْ هامة ِ الرأسِ حتّى حدّ أقدامي |
على فمي نغمُ الشكوى أرددهُ |
من بعدما قُبِرتْ أفراحُ أنغامي |
تفجّر ّ الألمُ المحمومُ يغمرُني |
فما جرَتْ بسوى الأحزانِ أقلامي |
*** |
الزفرة الرابعة: |
تضعضع ّ الجسْم ُ يا ربّاهُ منْ ألم ٍ |
أحسُّهُ في ثنايا النفسِ نيرانا |
قدْ لان َ للداء ِ جسمي في تماسكه ِ |
فهلْ فؤادك َ يا ربّ السما لانا |
ماذا فعلت ُ وماذا قد أتته ُ يدي |
حتّى أذوق َ من الويلات ِ ألوانا |
ماذا عسى في بني حوّاء تأمله ُ |
حتّى تحمّل هذا الثقْل َ إنسانا |
سأترك ُ الأرض َ يا ربّاه ُ عريانا |
كما وِلدْتُ عليها قبْلُ عريانا |
حقيقة ٌ لوْ وعاها الخلْقُ لاطّرحوا |
الحقْد َ المميت َ وعاشوا العمْرَ أخوانا |
الحقُّ أبْلج ُ لا تعلوهُ غاشية ٌ |
لكنَّ أهوانا السوداء تغشانا |
نستقبل ُ الأمْر َ مقلوبا ً نفسّرُهُ |
ما كان َ أكذبنا ما كان ّ أغبانا |
|
الزفرة الخامسة: |
عفوا ً إذا ساءَ منّي القولُ يا ربّي |
فأنت َ أدرى بما عانيت ُ من كرْب ِ |
والمرْء ُ يعجز ُ عنْ إخفاء ِ لوعته ِ |
إذا الجراحُ أصابتْ مُضغة َ القلْب ِ |
أنْت َ المصرّف ُ للأحوالِ تنقلها |
مِن حنظل ٍ مرّهُ قاس ٍ إلى عَذْب ِ |
قد تستجيب ُ لشكوى مُؤجع ٍ تَعِب ٍ |
وقدْ تردُّ الذي قد زال َ بالسلْب ِ |
وجّهت ُ نحوك َ آمالي وأدعيتي |
وليس َ إلاك َ يدعو صاحب ُ اللبّ ِ |
أنت َ المهيمن ُ تدري كل َّ خافية ٍ |
وسيّد ُ الشرْق ِ لا استثناء والغرْب ِ |
ضلّتْ نفوس ٌ تخلّتْ عنك واتجهت |
إلى سواك َ فلمْ تثبُتْ على درْب ِ |
هذا أنا يا إلهي هدّني ألم ٌ |
ولست ُ أملك ُ إلا خالص َ الحبّ ِ |