هُوَ يا رَسُولَ اللهِ حُسْنُ طِباعي | |
|
| أَنّي بِبَحْرِكَ قد نَشَرْتُ شِراعي |
|
وَبِمَدْحِ قَدْرِكَ قد كَتَبْتُ قَصائدي | |
|
| وَبِوَصْفِ مَجْدِكَ قد أَفاضَ يَراعِي |
|
يا أيُّها المَبْعوثُ في ظُلَمِ الدُّجى | |
|
| لِيُبَدِّدَ الظُلُماتِ خَيْرُ شُعاعِ |
|
فَأَنَرْتَ مِنْ مِشْكاةِ هَدْيِكَ أَنْفُساً | |
|
| وَرَوَيْتَها مِنْ كَوْثَرِ الإِقْناعِ |
|
فَهَدى بِكَ الرَّحْمنُ جَلَّ جَلالُهُ | |
|
| أُمَماً لِدِيْنِ الحَّقِّ بَعْدَ ضَيَاعِ |
|
وَتَضَوَّعَتْ مِنْ أَرْضِ مَكَّةَ سِيْرَةٌ | |
|
| عَبَقَتْ بِما فِي الكَوْنِ مِنْ أَصْقاعِ |
|
وَغَدَوْتَ يا أُمِّيُّ خَيْرَ مُعَلِّمٍ | |
|
| لِلْخَلْقِ بِالأَخْلاقِ دُوْنَ قِناعِ |
|
بِعَظِيْمِ خُلْقِكَ قَدْ أَسَرْتَ عُقُوْلَهُمْ | |
|
| لَم ْتُلْفَ آسِرَها بِصَيْحَةِ داعي |
|
وَرَأَيْتَ في الشُّوْرى أَساسَ عَلاقَةٍ | |
|
| بَيْنَ النَّبِيِّ وَأُمَّةِ الأَتْباعِ |
|
لكِنَّهُم وَالعِشْقُ يَمْلَؤُهُمْ رَأَوْا | |
|
| فِيْها علاقَةَ طائعٍ بِمُطاعِ |
|
وَهُم الَّذِيْنَ رَأَوْكَ أَعْظَمَ صادِقٍ | |
|
| مَا كُنْتَ تَنْطِقُ عَنْ هَوَىً نَزّاعِ |
|
فَالصِّدْقُ نَامُوْسُ النُّبُوَّةِ، إِنْ يَكُنْ | |
|
| كَانَتْ، وَإِلاّ فَهْيَ مَحْضُ خِداعِ |
|
وَالصِّدْقُ قِنْدِيْلُ الأَمانَةِ سَاطِعٌ | |
|
| كَسُطُوْعِ نَجْمٍ بَاهِرٍ لَمَّاعِ |
|
وَلَقَدْ تَحَمَّلْتَ الأَمانَةَ راغِباً | |
|
| وَرَفَعْتَ أَعْمِدَةً لَها بِقِلاعِ |
|
حِيْنَ الجِبالُ أَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها | |
|
| خَوْفاً وَإِشْفاقاً إِباءَ جُزاعِ |
|
فِيْكَ الصِّفاتُ تَسَلْسَلَتْ بِبَهائها | |
|
| كَحُروفِ آياتٍ زَهَتْ بِرِقاعِ |
|
وَلَعَلَّ واسِطَةَ القِلادَةِ بَيْنَها | |
|
| هِيَ رَأْفَةٌ قَدْ أُصِّلَتْ بِطِباعِ |
|
لِلّهِ دَرُّ المُسْلِمِيْنَ وَقدْ خَطَوْا | |
|
| لِحِياضِ بِرِّكَ خَطْوَةَ الإِسْراعِ |
|
كُنْتَ الرَّؤُوْفَ بِهِمْ كَرَأْفَةِ مُرْضِعٍ | |
|
| لَبَّتْ بِشَوْقٍ صَرْخَةَ اسْتِرْضاعِ! |
|
في السِّلْمِ تَدْعُوهُمْ لِدَرْبِ سَعادَةٍ | |
|
| وَلَهُمْ دَعَوْتَ إِذا مَضَوْا لِقِراعِ |
|
وَبَقِيْتَ تُوْصِيهمْ بِأَنْ يَتَسامَحُوا | |
|
| إِنْ يَخْرُجُوا يَوْماً لِأَرْضِ صِراعِ |
|
وَمِنَ المُرُوْءَةِ أَنْ يَنالُوا حُظْوَةً | |
|
| لِيُجَمِّلُوا الحُسْنى بِطُوْلِ ذِراعِ |
|
فَتَسامُحُ الأَبْطالِ لَيْسَ بِتُهْمَةٍ | |
|
| بَلْ زَهْرَةٌ نَبَتَتْ بِقَلْبِ شُجاعِ! |
|
والصَّفْحُ عِنْدَ النَّصْرِ وَهْوَ مُرُوْءَةٌ | |
|
| شُكْرٌ لِوَجْهِ اللهِ غَيْرُ مُضاعِ |
|
هَذا هُوَ المُخْتارُ صَفْوَةُ رَبِّهِ | |
|
| وَصَفِيُّ رُسْلِ اللهِ بِالإِجْماعِ |
|
وَحَبِيْبُ أَهْلِ الأَرْضِ فِيْ أَقْطارِها | |
|
| مِنْ خِيْرَةِ القُرّاءِ والسُّمَّاعِ |
|
مَنْ فَتَّحُوا لِلْعِلْمِ مِصْراعَيْنِ أَوْ | |
|
| مَنْ نَالَهُمْ قِسْطٌ وَمِنْ مِصْراعِ! |
|
لا .. لَنْ يَمَسَّ مَقامَهُ سَهْمٌ نَبا | |
|
| أَوْ جُمْلَةٌ زَلَقَتْ بِرَأْسِ يَراعِ |
|
أَوْ رِيْشَةٌ تَاهَتْ بِمَعْلَمِ صُوْرَةٍ | |
|
| لِتُصِيْبَ مَنْ يَرْنُو لَها بِصُداعِ |
|
أَوْ فِكْرَةٌ قَفَزَتْ كَقَدْحِ شَرارَةٍ | |
|
| مِنْ زَنْدَةٍ لَيْسَتْ بِحَوْزَةِ واعي |
|
وَانْظُرْ إِلى التّاريخ ِكَيْفَ أَحاطَنا | |
|
| في المَشْرِقَيْنِ بِهالَةِ الإِشْعاعِ |
|
إِذْ أَضْحَت الدُّنيا بِكَفِّ يَمِيْنِنا | |
|
| نَحْتَلُّ مِنْها قِمَّةَ الإِبْداعِ |
|
فَتَسِيْرُ وفْقَ إِرادَةٍ بِنُفوسِنا | |
|
| أَوْ وفقَ ما شِئْنا مِنَ الإِيْقاعِ |
|
فَإِذا بِنا نَحْظى بِدِيْنٍ قَيِّمٍ | |
|
| وَنَفوز في الدنيا بطِيْبِ مَتاعِ |
|
لَمَّا اتَّخَذْنا سُنَّةً مِنْ هَدْيِهِ | |
|
| بِأُخُوَّةٍ سَلَفَتْ بِغَيْرِ نِزاعِ |
|
وَعلى خُطاهُ جَمِيْعُنا حَثَّ الخُطى | |
|
| حَثَّ اللَّبِيْبِ الرَّاغِبِ المِطْواعِ |
|
فَلَعَلَّنا نَرْجُو الصَّلاحَ بِعَوْدَةٍ | |
|
| لِلْهَدْيِ عَوْدَةَ طائعٍ مُنْصاعِ |
|
لِتَكُونَ يا خيرَ الأَنامِ إِمامَنا | |
|
| بِرَخاءِ سِلْمٍ أَوْ بِساحِ دِفاعِ |
|
وَتَعود أيّامُ الَفخارِ وَعِزّها | |
|
| فَبِنا اشْتِياقٌ بَعْدَ طُوْلِ وَداعِ! |
|