ناشِئٌ في الوَردِ مِن أَيّامِهِ | |
|
| حَسبُهُ اللَهُ أَبِالوَردِ عَثَر |
|
سَدَّدَ السَهمَ إِلى صَدرِ الصِبا | |
|
| وَرَماهُ في حَواشيهِ الغُرَر |
|
بِيَدٍ لا تَعرِفُ الشَرَّ وَلا | |
|
| صَلَحَت إِلّا لِتَلهو بِالأُكَر |
|
بُسِطَت لِلسُمِّ وَالحَبلِ وَما | |
|
| بُسِطَت لِلكَأسِ يَوماً وَالوَتَر |
|
غَفَرَ اللَهُ لَهُ ما ضَرَّهُ | |
|
| لَو قَضى مِن لَذَّةِ العَيشِ الوَطَر |
|
لَم يُمَتَّع مِن صِبا أَيّامِهِ | |
|
| وَلَياليهِ أَصيلٌ وَسَحَر |
|
يَتَمَنّى الشَيخُ مِنهُ ساعَةً | |
|
| بِحِجابِ السَمعِ أَو نورِ البَصَر |
|
لَيسَ في الجَنَّةِ ما يُشبِهُهُ | |
|
| خِفَّةً في الظِلِّ أَو طيبَ قِصَر |
|
فَصِبا الخُلدِ كَثيرٌ دائِمٌ | |
|
| وَصِبا الدُنيا عَزيزٌ مُختَصَر |
|
كُلُّ يَومٍ خَبَرٌ عَن حَدَثٍ | |
|
| سَئِمَ العَيشَ وَمَن يَسأَم يَذَر |
|
عافَ بِالدُنيا بِناءً بَعدَ ما | |
|
| خَطَبَ الدُنيا وَأَهدى وَمَهَر |
|
حَلَّ يَومَ العُرسِ مِنها نَفسَهُ | |
|
| رَحِمَ اللَهُ العَروسُ المُختَضَر |
|
ضاقَ بِالعيشَةِ ذَرعاً فَهَوى | |
|
| عَن شَفا اليَأسِ وَبِئسَ المُنحَدَر |
|
راحِلاً في مِثلِ أَعمارِ المُنى | |
|
| ذاهِباً في مِثلِ آجالِ الزَهَر |
|
هارِباً مِن ساحَةِ العَيشِ وَما | |
|
| شارَفَ الغَمرَةَ مِنها وَالغُدُر |
|
لا أَرى الأَيّامَ إِلّا مَعرَكاً | |
|
| وَأَرى الصِنديدَ فيهِ مَن صَبَر |
|
رُبَّ واهي الجَأشِ فيهِ قَصَفٌ | |
|
| ماتَ بِالجُبنِ وَأَودى بِالحَذَر |
|
لامَهُ الناسُ وَما أَظلَمَهُم | |
|
| وَقَليلٌ مَن تَغاضى أَو عَذَر |
|
وَلَقَد أَبلاكَ عُذراً حَسَناً | |
|
| مُرتَدي الأَكفانِ مُلقىً في الحُفَر |
|
قالَ ناسٌ صَرعَةٌ مِن قَدَرٍ | |
|
| وَقَديماً ظَلَمَ الناسُ القَدَر |
|
وَيَقولُ الطِبُّ بَل مِن جَنَّةٍ | |
|
| وَرَأَيتُ العَقلَ في الناسِ نَدَر |
|
|
| مِن أَبٍ أَغلَظَ قَلباً مِن حَجَر |
|
وَاِمتِحانٌ صَعَّبَتهُ وَطأَةٌ | |
|
| شَدَّها في العِلمِ أُستاذٌ نَكِر |
|
لا أَرى إِلّا نِظاماً فاسِداً | |
|
| فَكَّكَ الغَلمَ وَأَودى بِالأُسَر |
|
مِن ضَحاياهُ وَما أَكثَرَها | |
|
| ذَلِكَ الكارِهُ في غَضِّ العُمُر |
|
ما رَأى في العَيشِ شَيئاً سَرَّهُ | |
|
| وَأَخَفُّ العَيشِ ما ساءَ وَسَر |
|
نَزَلَ العَيشَ فَلَم يَنزِل سِوى | |
|
| شُعبَةِ الهَمِّ وَبَيداءِ الفِكَر |
|
وَنَهارٍ لَيسَ فيهِ غِبطَةٌ | |
|
| وَلَيالٍ لَيسَ فيهِنَّ سَمَر |
|
وَدُروسٍ لَم يُذَلِّل قَطفَها | |
|
| عالِمٌ إِن نَطَقَ الدَرسَ سَحَر |
|
وَلَقَد تُنهِكُهُ نَهكَ الضَنى | |
|
| ضَرَّةٌ مَنظَرُها سُقمٌ وَضُر |
|
وَيُلاقي نَصَباً مِمّا اِنطَوى | |
|
| في بَني العَلّاتِ مِن ضِغنٍ وَشَر |
|
إِخوَةٌ ما جَمَعَتهُم رَحِمٌ | |
|
| بَعضُهُم يَمشونَ لِلبَعضِ الخَمَر |
|
لَم يُرَفرِف مَلَكُ الحُبِّ عَلى | |
|
| أَبَوَيهِم أَو يُبارِك في الثَمَر |
|
خَلَقَ اللَهُ مِنَ الحُبِّ الوَرى | |
|
| وَبَنى المُلكَ عَلَيهِ وَعَمَر |
|
نَشَأَ الخَيرِ رُوَيداً قَتلُكُم | |
|
| في الصِبا النَفسَ ضَلالٌ وَخُسُر |
|
لَو عَصَيتُمُ كاذِبِ اليَأسِ فَما | |
|
| في صِباها يَنحَرُ النَفَسَ الضَجَر |
|
تُضمِرُ اليَأسَ مِنَ الدُنيا وَما | |
|
| عِندَها عَن حادِثِ الدُنيا خَبَر |
|
فيمَ تَجنونَ عَلى آبائِكُم | |
|
| أَلَمَ الثُكلِ شَديداً في الكِبَر |
|
وَتَعُقّونَ بِلاداً لَم تَزَل | |
|
| بَينَ إِشفاقٍ عَلَيكُم وَحَذَر |
|
فَمُصابُ المُلكِ في شُبّانِهِ | |
|
| كَمُصابِ الأَرضِ في الزَرعِ النَضِر |
|
لَيسَ يَدري أَحَدٌ مِنكُم بِما | |
|
| كانَ يُعطى لَو تَأَنّى وَاِنتَظَر |
|
رُبَّ طِفلٍ بَرَّحَ البُؤسُ بِهِ | |
|
| مُطِرَ الخَيرَ فَتِيّاً وَمَطَر |
|
وَصَبِيٍّ أَزرَتِ الدُنيا بِهِ | |
|
| شَبَّ بَينَ العِزِّ فيها وَالخَطَر |
|
وَرَفيعٍ لَم يُسَوِّدهُ أَبٌ | |
|
| مَن أَبو الشَمسِ وَمَن جَدُّ القَمَر |
|
فَلَكٌ جارٍ وَدُنيا لَم يَدُم | |
|
| عِندَها السَعدُ وَلا النَحسُ اِستَمَر |
|
رَوِّحوا القَلبَ بِلَذّاتِ الصِبا | |
|
| فَكَفى الشَيبُ مَجالاً لِلكَدَر |
|
عالِجوا الحِكمَةَ وَاِستَشفوا بِها | |
|
| وَاِنشُدوا ما ضَلَّ مِنها في السِيَر |
|
وَاِقرَأوا آدابَ مَن قَبلِكُم | |
|
| رُبَّما عَلَّمَ حَيّاً مَن غَبَر |
|
وَاِغنَموا ما سَخَّرَ اللَهُ لَكُم | |
|
| مِن جَمالٍ في المَعاني وَالصُوَر |
|
وَاِطلُبوا العِلمَ لِذاتِ العِلمِ لا | |
|
|
كَم غُلامٍ خامِلٍ في دَرسِهِ | |
|
| صارَ بَحرَ العِلمِ أُستاذَ العُصُر |
|
وَمُجِدٍّ فيهِ أَمسى خامِلاً | |
|
| لَيسَ فيمَن غابَ أَو فيمَن حَضَر |
|
قاتِلُ النَفسِ لَو كانَت لَهُ | |
|
| أَسخَطَ اللَهَ وَلَم يُرضِ البَشَر |
|
ساحَةُ العَيشِ إِلى اللَهِ الَّذي | |
|
| جَعَلَ الوِردَ بِإِذنٍ وَالصَدَر |
|
لا تَموتُ النَفسُ إِلّا بِاِسمِهِ | |
|
| قامَ بِالمَوتِ عَلَيها وَقَهَر |
|
إِنَّما يَسمَحُ بِالروحِ الفَتى | |
|
| ساعَةَ الرَوعِ إِذا الجَمعُ اِشتَجَر |
|
فَهُناكَ الأَجرُ وَالفَخرُ مَعاً | |
|
| مَن يَعِش يُحمَد وَمَن ماتَ أُجِر |
|